نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٢٧ أبريل ٢٠٢٢ 

مقال الاسبوع- #البطالة محبطة للعاطل وخيبة امل للعائلة ومعاناة للجميع. تحاول وزارة العمل تخفيف اثارها من خلال الدعم المالي، يعاني المواطن من المنافسة الاجنبية الشرسة. هذا لا يكفي تحتاج الى تغيير سياسات سوق العمل. احد الحلول المقترحة “#حد_ادنى_للرواتب” في مهن يقبل عليها البحرينيين لرفع كلفة الاجنبي.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1293582

حوار حول تحديات سوق العمل

في تصريح لوزير العمل بتاريخ 20 ابريل 2022 يقول بان توظيف الخريجين الجامعيين ارتفع في الربع الاول من العام الجاري، حيث تم توظيف اكثر من سبعة آلاف مواطن خلال الربع الاول من 2022 ضمن خطة التعافي. ويرى ان ذلك نتيجة خلق مزيد من الوظائف النوعية بسبب خطة التعافي التي اطلقت قبل اشهر. حيث ازدادت نسبة التوظيف 32% والتدريب 36% نتج عنها توظيف 7740 متوظفا وتدريب 3722 متدربا. تركز التوظيف في القطاع المالي، وقطاع التعليم الخاص وقطاع الصناعة. حدث ذلك نتيجة برامج التدريب والاعداد الذي تقوم به الوزارة. مالم يتضح من تصريح الوزير كيف استوعب السوق هذه الزيادة في فترة وجيزة وهل هي وظائف جديدة خلقها النشاط الاقتصادي خلال الربع الاول ام انها استبدال عمالة اجنبية بعمالة بحرينية؟ في جميع الحالات هذه اخبار سارة تعبر عن نشاط الوزارة.

في نفس الاسبوع عقدت ندوة محلية حول سوق العمل تحدث فيها نواب وشوريون ورجال اعمال وممثلوا وزارة العمل واتحاد العمال وغاب عنها العاطلين ولم تبرز وجهة نظرهم ومعاناتهم لكي تتضح المشكلة في بعدها الانساني واهميتها القصوى على الاستقرار الاجتماعي والسياسي. استهل مندوب الوزارة الندوة بالقول انه تم توظيف 17 الف، ستة آلاف منهم من الداخلين الجدد الى سوق العمل في القطاع الخاص. وان البحريني يريد من القطاع الخاص توفير الوظائف المناسبه والاجر اللائق. هذا تحديد مختصر ومهم لتطلعات المواطن وقد تطرق المنتدون الى عدد من القضايا والتحديات وتقدموا بمقترحات وتحدثوا بقناعة تبين اهمية قضية العمالة في البحرين.

بين المنتدون ان قضية العمالة والتوظيف لا تنحصر مسئوليتها في وزارة العمل وحدها. التعامل مع قضية التوظيف وخلق فرص عمل مسئولية مشتركة تعتمد على تكامل وتظافر جهود عدد من الوزارات والجهات واهمها جلب الاستثمار المحلي والاجنبي وكفاءته وتنوعه وحجمه. لا يكفي ان يتركز الاستثمار في قطاع معين بل ينبغي ان يشمل قطاعات متعددة. في الوقت الحالي نسبة كبيرة من الاستثمار (21%) متركزة في القطاع المالي. الجهة الاخرى المسئولة عن التوظيف هي التعليم ومواءمة المخرجات بسوق العمل، مما يضع مسئولية كبيرة على وزارة التربية والتعليم في توفيق رؤيتها وتطوير مناهجها بما يتناسب مع متطلبات المستقبل. كذلك يشترك في المسئولية وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، ومجلس التنمية الاقتصادية وما يخطط له من مشاريع تنموية تستقطب الخريجين، خصوصا وان 43% من العاطلين هم من حملة البكالوريوس. اما وزارة العمل فتساهم من حيث انها جهة تنظيمية تضع الانظمة وتطبق القوانين، ولها دور في تعديل القوانين ووضع سياسات سوق العمل بما يدعم توفير فرص عمل للبحرينيين. كذلك هي جهة تنظم وتدعم التدريب وتقوم بالتوفيق بين المتوفر من الفرص والباحثين عن عمل. في نهاية المطاف يرى المنتدون ان معالجة البطالة ليس بالامر الصعب اذا علمنا ان عدد العاطلين 17 الف (وفق تقدير احد المنتدين) في ظل وجود 515 الف عامل اجنبي بمتوسط رواتب تفوق 700 دينار.

اذا ماهي المشكلة؟ ولماذا تستمر قضية البطالة تشغل المجتمع وتؤثر في شريحة كبيرة من الشباب؟ طرح المنتدون عدد من القضايا المؤثرة في سوق العمل: 1) ما تلاقيه وزارة العمل من صعوبة في ايجاد عمل للعاطلين الجامعيين مما يثير التساؤل حول نوعية فرص العمل المجزية والمناسبة التي يخلقها السوق البحريني “للمواطن”، فقد اتضح ان 72% من الوظائف التي يشغلها الاجانب لا يرغب فيها البحرينيون ؛ 2) المنافسة الشديدة التي يواجهها العامل البحريني في السوق؛ 3) الحاجة لمراجعة الخطة الوطنية لسوق العمل ولتحديث سياسات وبرامج سوق العمل بما يواكب متطلبات التنمية المستدامة للمواطنين؛ 4) التوظيف الوهمي الذي تمارسه بعض الشركات؛ 5) صعوبة التوظيف في بعض التخصصات؛ 6) انجذاب العمالة الاجنبية للسوق البحريني (الوجهة المفضلة للعمالة المهاجرة) مما يشير الى ان نسبة كبيرة من الفرص المتوفرة من نصيب العمالة الاجنبية.

ما لم يتضح من الندوة مدى قدرة القطاع الخاص على خلق فرص عمل وفي اي القطاعات والتخصصات، وهل هي وظائف تتطلب تاهيل جامعي ام انها وظائف متدنية المهارة. ان توفر هذا الارقام يعطي تصور عن توجهات القطاع الخاص ودور مجلس التنمية الاقتصادية في استقطاب الاستثمارات المناسبة التي تخلق وظائف متنوعة ومجزية.

مما تقدم يتضح اولا ان اعداد العاطلين مقارنة باعداد العمالة الاجنبية لا تتجاوز 5% وبالتالي ليس من الصعب علاجها مالم تكن هيكلية ومنظومية متاثرة بسياسات الاستثمار وسوق العمل. ثانيا ان العاطلين نوعان، 40% منهم يحتاجون وظائف عالية المهارة، و60% وظائف متوسطة او متدنية المهارة. على ضوء ذلك يمكن طرح الاسئلة التالية: كم نسبة البطالة التي تعود الى مواءمة التعليم وكم يعود الى طبيعة ونوعية الاستثمار؟ وكم نسبة البطالة الناتجة من منافسة العمالة الاجنبية غير العادلة. كم نسبة البطالة التي تعزى الى ضعف التدريب واعادة التأهيل؟ وكم نسبة البطالة المتاثرة بسياسات سوق العمل والفيزة المرنة وعدم تخصيص وظائف تخضع لحد ادنى للاجور؟ هذا فيما يتعلق بسوق العمل، اما من حيث البعد الاجتماعي للبطالة فالتساؤل يدور حول مدى فاعلية شبكة الحماية ضد التعطل ودعم الاجور والضمان الاجتماعي في تخفيف المعاناة التي يتعرض لها العاطل عن العمل. وهل شبكة الحماية هذه كافية لتحفيز المخاطرة في تأسيس شركات ناشئة وتشجيع الجرأة في الابتكار. واخيرا فان استمرار تدني رواتب العمالة الاجنبية يجعل صاحب العمل بالضرورة يفضل الاجنبي. ويبقى التحدي كيف نخلق سوق تتكافأ فيه الفرص في الوظائف المحددة للبحرينيين مع استمرارا التوسع في هذا التخصيص. لذلك نرى ان من اهم الحلول التي طرحت هي تطبيق الحد الادنى للاجور لتصحيح عدم تكافؤ الفرص في سوق العمل وذلك بتحديد مهن مخصصة تخضع لحد ادنى من الاجور مع رقابة مشدد لمنع التجاوز.

بين المنتدون ان وزارة العمل تعمل على خفض كلفة توظيف البحريني مقابل الاجنبي من خلال دعم الاجور ورفع تراخيص استقدام العمالة الاجنبية. كذلك استمرت الجهات المعنية على اكساب البحريين الاولوية في التوظيف بالتعاون مع تمكين وهيئة تنظيم سوق العمل وقد طبقت الوزاة هذه الحلول منذ مدة ولكن لا يزال الوضع يثار ويعاني البعض من التعطل طويل الامد وخصوصا الجامعيين. مما يشير الى اهمية اعادة تقييم المشاريع والبرامج واجراء تحليل مستفيض للوضع للاجابة على الاسئلة المطروحة هنا وغيرها على ان تشترك فيه جميع الاطراف المعنية وحبذا لو تبنت غرفة التجارة مهمة هذه الدراسة كطرف شبه رسمي وتستعين بالنقابات والاتحادات العمالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *