نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الاربعاء 11 مايو ٢٠٢٢

مقال الاسبوع- حرية الصحافة هي اداة المجتمع في حفظ التوازن بين الدولة والمجتمع وقوى السوق. اختلال التوازن يضعف الجميع. الحصافة اداة المجتمع في الرقابة والمحاسبة والمساءلة، انتقاص حرية الصحافة تعدي على المجتمع باسره. التنمية والابتكار تحتاج وتزدهر بالنقد والتقويم والتقييم المستقل وهذا احد ادور الصحافة.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1294878

قانون الصحافة في اليوم العالمي لحرية الصحافة

بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة وجه جلالة الملك رسالة مفادها الرغبة في مشاركة المجتمع الدولي بالدور التنويري للصحافة والاحتفال بكل من حمل امانة الكلمة الصادقة والمسئولة والحفاظ على شرف هذه المهنة. وهنأ جلالته منتسبي هذه المؤسسة على ترسيخ رسالة الصحافة في نشر الوعي واعلاء الفكر والمستنير وصون الحقوق والحريات تعبيرا عن قيم التنوع والتعددية والانفتاح بما يخدم المصلحة العامة وتحقيق الخير والنماء للشعب وللوطن، ودعم التنمية والتقدم والازدها، مع الالتزام بقيم التسامح والاخاء كقيم انسانية. واكد جلالته دعم طموحات الاسرة الصحفية في مواكبة التطوير المستمر والارتقاء بالعمل الصحفي والاعلامي وتحقيق مستويات افضل في المؤشرات العالمية

يحتفل العالم في الثالث من مايو من كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة للتاكيد على مبادئ حرية الصحافة التي حددتها اليونسكون لضمان تدفق المعلومة والمعرفة وحرية الفكر. فهل الصحافة اليوم تحت حصار رقمي كما يشير الشعار لهذا العام، ام ان الصحافة وحرية الكلمة كانت ومازالت في علاقة جدلية مع مختلف السلطات الرسمية والمجتمعية والدينية في تاصيل مبادئ حرية الكلمة واستقلاليتها وحق المعرفة والحصول على المعلومة.

السؤال الذي يبرز من خطاب جلالته وتواجهه الصحافة هو كيف يمكن خدمة الصالح العام والمنفعة المشتركة من خلال الصحافة؟ واول مهمة تواجهها الصحافة هو تعريف الصالح العام. اذا علمنا ان الدول تتكون من ثلاث اعمدة هي السلطات، وقوى السوق، والمجتمع. فان اول هدف للمصلحة العامة هو خلق توازن بين هذه القوى الثلاث لكي لا تطغى واحدة على الاخرى وتهيمن على المشهد. وهذا يتطلب توازن في القوى وتوازن في توفر المعلومات وتوازن في تاثير صوت كل منها وتوازن في القدرة على التنظيم. فسيطرة الشارع التجاري يؤدي الى استغلال المواطن وتوظيف الدولة لصالح طبقة رأس المال. وتغول المجتمع يشل الدولة ويمنع اتخاذ اي قرار. وهيمنة الحكومات يجعل قوى السوق تخشى على استثماراتها وتضع المجتمع في حالة من الخوف. يفقد عندها السوق والمجتمع القدرة على الابداع والابتكار والاقدام. للصحافة دور كبير في تحقيق هذا التوازن من خلال نشاطها الحر المستقل الناقد لسلوك وممارسات كل من القوى الثلاث وتقدم بذلك خدمة للمصلحة الوطنية وتساهم في تحقيق الامن والاستقرار.

في سبيل تحقيق التوازن الصحي الايجابي بين القوى الثلاث تواجه اي صحافة عدد من القضايا الهامة في مواكبة متطلبات العصر. القضية الاولى هي تحديد تعريف الصالح العام او المصلحة العامة، ومن يعرفها والتوفيق بين مختلف التصورات؟ القضية الثانية التحول الرقمي والمجال المفتوح في التواصل الاجتماعي وكيف هي استجابة الصحافة المطبوعة لهذه المتغيرات التي تهدد استمراريتها. القضية الثالثة احتكار المعلومة ومنع انتشارها والقدرة الفائقة على التجسس والترهيب من قبل مختلف الجهات العاملة في المجال الرقمي. لذلك فان التحديات اما الصحافة هو معالجة هذه القضايا بما يخدم الصالح العام وفق تعريف يُجمع عليه قوى المجتمع ووفق مبادئ رئيسية تحترم حقوق الانسان في المعرفة وفي المشاركة وفي النقد الحر الملتزم بالموضوعية بعيدا عن الشخصنة، مع الاخذ في الاعتبار التحول الرقمي وسرعة تدفق المعلومات والحاجة لحماية الخصوصية وحماية المؤسسات والبيانات والمعلومات الشخصية. كذلك من المهم المحافظة على المناخ الديمقراطي الذي يرتضيه المجتمع كاساس لعلاقة السلطات ببعضها وبالمجتمع.

في تطلعاتنا، قيادة ومجتمعا، لوضع قانون عصري ينظيم العلاقة نحتاج الى قانون يضع اهداف واضحة للصحافة والاعلام تقوم على مبادئ الميثاق وتجسد القيم الانسانية وتحدد الحقوق والواجبات. قانون مبني على ادراك بان حرية الكلمة وحق النقد لم يعد ترفا وانما احد اسس التنمية والتقدم في بيئة تتطلب الابتكار والابداع وحق الاختلاف والتسامح الفكري والتعايش السلمي. وهذا ما اكد عليه رؤساء تحرير وصحافيون واعضاء جمعية الصحفيين في ضرورة وجود قانون مستنير للصحافة يلبي تطلعات جلالة الملك وطموحات الصحافة واحتياجات المجتمع وينسجم مع روح العصر.

عُرض قبيل شهر مشروع قانون الصحافة على مجلس النواب اشتمل على الكثير من الايجابيات غير ان المجلس النيابي واطياف من المجتمع رأوا حاجة للمراجعة واعادة النظر لكي يلبي هذه التطلعات والطموحات والاحتياجات، ويعزز القيم ويحافظ على المبادئ. من اهم انجازاته الغاء عقوبة الحبس لكن شمل على عقوبات مالية رأى الكثيرون بانها مبالغ فيها وتضع قيودا تفوق قدرة الصحفيين والكتاب وتحرم المجتمع والسوق والدولة من الاستفادة من مختلف الاراء التي سوف تتهيب من ابدائها.

لاهمية هذا القانون من الضروري ان تتم مناقشته باستفاضة من قبل مختلف منظمات المجتمع واولها جمعية الصحفيين والجمعيات المهنية والسياسية وان تعقد الندوات لبيان اهداف القانون اولا ، ومن ثم بيان ايجابياته وسلبياته وطرح الخيارات والحلول لما يعتريه من ثغرات قد تؤثر في حرية الكلمة والنقد او تجاوز لحدود احترام حقوق الاخرين. فمثلا يرى البعض اهمية اعادة النظر في اغلاق الصحف بسبب تجاوز اشخاص ويعتبرونها عقوبة جماعية. كما يرفض اخرون تجريم اخطاء الصحافيين ويرون اهمية مراعات حسن النويا في ارتكاب الاخطاء الصحفية واعتبارها قضايا مدنية. لتكن المرحلة القادمة مرحلة مناقشة مستفيضة لهذا القانون الهام تضع هذه المحاذير وغيرها على طاولة النقاش في المجتمع. المجتمع له دور كبير في حسن ادارة الدولة ووسيلته في القيام بهذا الدور منظماته المدنية والصحافة. فاي انتقاص من حرية الصحافة سوف تحد من قدرة المجتمع في تقديم الاراء وتقييم الانجازات ومناقشة السياسات بموضوعية تضع المصلحة العامة فوق اي اعتبار. نحتاج قانون يُمَكِّن الجميع من المساهمة في التنمية والقيام برسالتهم الوطنية ومواكبة المتغيرات التي طرأت على اهتمامات المجتمع واولوياته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *