نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

اداء المجلس النيابي والجمعيات السياسية 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

 الاربعاء 18 أبريل ٢٠٢١ – لم ينشر

مقال الاسبوع –قرارات بعض النواب قد تؤدي الى اضعاف المجلس بدلا من تقويته وتطوير العملية الديمقراطية التي دشنها جلالة الملك املا في تطويرها، توصيف النائب الاول لمجلس الشورى للوضع كان واقعيا ونتساءل ماهو الضرر من فتح باب المناقشة في مجلس النواب، حيوية المجلس سوف تجعل الناس تشعر باهميته وستعمل على دعمه. في نفس الوقت المجلس الان يحتاج الى دعم الجمعيات السياسية لمعالجة الترجع في الصلاحيات. 

في حوار مع الصحافة المحلية تطرق النائب الاول لرئيس مجلس الشورى السيد جمال فخرو الى الجانب السياسي المتمثل في عمل مجلسي الشورى والنواب. فقد ركز على عدد من القضايا منها اولا تشكيل مجلس النواب وكيف انه تنقصه الخبرة السياسية ومكون معظمه من افراد ليس لهم خلفية سياسية مسبقة وبالتالي ينعكس ذلك على ادائهم في المجلس. ما افاد به النائب الاول هو توصيف لواقع نتفق معه فيه. وهذا الواقع هو تصوير للوضع الراهن والظروف التي تمر بها المنطقة باسرها من تراجع في المجالس التمثيلية وصعود اكبر للسلطة التنفيذية في قرارات الدول. والدعوة هنا كيف يمكن استعادة التوازن في التاثير والقوى بين السلطتين.

مجلس الشورى ايضا يشكو من محدودية الصلاحيات في التشريع وفق النائب الاول، وان حق السؤال محصور في الكتابة والرد الكتابي دون مناقشة. ويقول “في السابق حين كان لدينا حق السؤال، وكان ذلك يخلق نوع من الرقابة على الوزير، كما كان النواب يستفيدون من أسئلة الشوريين ويطورونها الى لجان تحقيق أو استجوابات”. الان الوزير لا يشعر بالمساءلة الشورية، فهو يزودهم بمعلومات فقط. لماذا توقفت هذه الحيوية في التفاعل بين المجلسين؟ يرى النائب الاول ان تعطى صلاحيات اكبر لمجلس النواب في الاسئلة والمناقشة. ويرى النائب الاول ان الشوري يلجأ للصحافة او السوشل ميديا للتعليق على ما جاءته من ردود. ونتساءل ماهو المانع من فتح مجال المناقشة سواء للشورى اوالنواب، فهي تشعر المجتمع بحيوية العملية التشريعية والرقابية ويتفاعل المجتمع معها؟

لتحقيق التفاعل الايجابي مع المجتمع امام مجلس النواب (والشورى) تحديات كبيرة عليه التعامل معها. فمثلا قضية التركيبية البرلمانية التي اشار لها النائب الاول، يرى النائب الاول اهمية زيادة حصة الجمعيات السياسية في التركيبة النيابية. وهذا في نظره يحتاج الى تطوير العمل السياسي من خلال مؤسسات مثل معهد التنمية السياسية والتعليم بشكل عام. نرى ان ذلك قد لا يكفي، ويحتاج في المقام الاول الى التصاق بين الجمعيات السياسية والقضايا المحلية والمعيشية وتبنيها والدفاع عنها. بالاضافة الى زيادة انشطتها في الندوات والنقاشات والمؤتمرات لرفع الوعي السياسي في المجتمع. العمل السياسي هو في نهاية المطاف دفاع عن مصالح، وكلما كانت المصالح واضحة ومشتركة كلما كان العمل السياسي اكثر توجيها وجدوى واقرب الى الاصلاح. هذا يضع مسئولية كبيرة على الجمعيات السياسية في وضع تصوراتهم لكيفية تطوير العملية الديمقراطية والتعديلات الدستورية والتشريعات اللازمة لاحداث هذه النقلة المنتظرة. كون غالبية الاعضاء مستقلين لا تدعمهم مؤسسات سياسية يعتبر عنصر ضعف في المجلس ينبغي العمل على معالجته.

الجمعيات السياسية هي الجواب الانسب لاعطاء المجلس استمرارية اكثر في متابعة برامج ومشاريع تقوية المجلس على المدى البعيد، هذا النوع من العمل لا يستطيع ان يقوم به العضو المستقل وغالبية الاعضاء من المستقلين مما يعني ان المجلس سوف يستمر في ان يكون اداة ردة فعل وليس مؤسسة تنظر الى مستقبلها وكيف يتطور ويطور العملية الديمقراطية معه. السؤال المطروح الان هل المدة التي مضت كافية للحكم على التجربة الديمقراطية ام انها مازالت في مراحلها الاولى؟ واذا كانت الجمعيات السياسية هي الخيار الافضل فكيف يمكن ان تقوم ببناء قاعدة من الدعم المجتمعي لكي تتمكن من المنافسة في الانتخابات؟ في المؤتمر الذي انعقد في يوليو 2019 بعنوان “نعمل معًا من أجل تحقيق تطلعات تشريعية “، يؤكد رئيس مجلس الشورى على اهمية الشراكة المجتمعية بقوله “أن المجلس قدم انجازات كبيرة” معبرًا عن أمله وتطلعه الى “شراكة مجتمعية” تحقق مزيدًا من تطوير العملية الديمقراطية والإنجازات والنجاحات التشريعية، وتسهم في تعزيز النهضة الشاملة لمملكة البحرين.

يتفق مع ذلك النائب الاول لرئيس مجلس النواب السيد عبدالنبي سلمان الذي طرح في احدى مداخلاته اهمية ان يتحمل المجلس النيابي مسئولية تطوير التجربة البرلمانية فيقول “مسئولية النواب تشمل تطوير التجربة البرلمانية” ويرى ان بعض مشاريع القوانين تحد من فاعلية المجلس مثل تقليص مدة عمل لجنة التحقيق الى اربعة اشهر ليست في صالح العملية الرقابية وان “طلب التمديد ياتي نتيجة مواجهة او اكتشاف امور لم تكن متوقعة”. او عدم تعاون بعض الوزراء مع النواب في بعض الحالات”. والان هناك ايضا المرسوم بقانون الذي مرره المجلس يقضي بتقليص المدة المتاحة للعضو في النقاش بخمس دقائق. ويرى اهمية التوازن بين المصلحة العامة في استمرار النقاش وبين الوقت المتاح. 

قضية اخرى توثر في اداء المجلس هي ضعف المجلس البلدي فهي تحد من فعالية النواب من حيث انها تُلقي عليهم اعباء متابعة مصالح المواطنين ومراجعات الوزير في امور اجرائية يمكن للنائب البلدي القيام بها. المواطن يحتاج الى تسهيل اموره في الاسكان والصحة وهذه قضايا ينبغي ان يكون علاجها جماعي مؤسسي وليس فردي. جانب اخر من مجالات تطوير العملية الديمقراطية هي في تقوية مؤسسات المجتمع المدني واشراكها (كجهة استشارية) في العمل التشريعي خصوصا في عرض القوانين والتشريعات الخاصة بها. في الوقت الحاضر دور منظمات المجتمع المدني في العملية التشريعية محدود جدا ان لم يكن غائبا.

التوقعات من المجلس النيابي كبيرة وكثيرة وتطلعات المواطنين طموحة وتزداد مع تزايد ضغوط الحياة المعيشية، وتنعكس هذه التطلعات في التواصل الاجتماعي. كثيرا ما نسمع مناداة بالغاء المجلس النيابي بسبب الاحباط الذي اصاب البعض من ضعف الاداء، لكن الواقع ان وجود المجلس ضرورة لتطوير العملية الديمقراطية وتحقيق تطلعات المجتمع. في نفس الوقت تقول رئيسة المجلس في كلمة لها “ان المجلس قام بدوره الرقابي والتشريعي على الوجه الاكمل”، هذا التفاوت الكبير في النظر الى المجلس بين احباط المجتمع وتافؤل المسئولين يحتاج الى معالجة ونرى ان على رآسة المجلس ان تضع توجه واضح لتقوية المجلس دستوريا واجرائيا لكي يتمكن من تلبية متطلبات المجتمع ويزيل الاحباط المجتمعي ويقرب وجهات النظر من اداء  المجلس والله ولي التوفيق. 

mkuwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *