نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

اكتشاف النفط خير وبركة لكن الأهم هو كيف سنتعامل مع الإيرادات، هل سنصنع اقتصاد انتاجي مستدام ام نعود الى الريع وتوزيع الدخل غير العادل وتبديده لنعود الى نفس المربع الذي نحن فيه الان؟

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1117908

نبارك للبحرين قيادة وشعبا اكتشاف النفط الصخري الجديد كما نأمل أن يكون قدوم خير وبركة علينا جميعا وأن يفتح الله من خلاله طريقا جديدا لتنمية مستدامة تقوم على أسس إنتاجية تمكننا من التخلص من اقتصاد مهدد بتقلبات أسعار النفط والاتكال عليه. من حق شعب البحرين أن يفرح بهذا الاكتشاف فقد صبر كثيرا واليوم عاوده الأمل في تحسين مستوى معيشته المادية أسوة بأقرانه من دول الخليج. غير ان تحسين مستوى المعيشة المادي يجب أن يكون نتيجة التنمية. وهذا ما نتمنى ان نوجه أنظارنا إليه مستعينين بإيرادات النفط الجديد.

وفق المعلومات المتوافرة فإن هذا الاكتشاف يقدر بحوالي 80 مليار برميل من النفط الخام وكذلك ما يقارب 14 تريليون قدم مكعب من الغاز. يقع البئر في مياه ضحلة وقريبا من آبار النفط الحالية، ما قد يسهم في تقليل كلفة الإنتاج. في السنوات الخمس المقبلة سوف تتحدد كلفة الإنتاج وكذلك النسبة التجارية الممكن استخراجها من الكمية الكلية (80 مليار برميل).. السؤال ما الكمية التي سوف تضخ يوميا؟ وما كلفة استخراجها؟ هذا سؤال يحدده المختصون في الوقت المناسب.

وفي انتظار ما ينشره لنا المختصون. كون هذا النوع من النفط الصخري في المياه الإقليمية هو الأول من نوعه فهذا قد يغير كثيرا من التقديرات.

أيا كانت الإيرادات فإن إدارة هذه الثروة يجب ألا تكون كما كانت في الماضي. لا ينبغي ان نتبع نفس النهج ونقع في نفس المطب. اليوم الأولوية يجب أن تكون للإنفاق الإنتاجي وليس الاستهلاكي. تمويل الميزانية والعجوزات وتسديد الدين يجب أن يخضع لمنطق الأقدر في المجتمع يدفع، ولا مناص من الاعتماد على ضرائب الدخل وضرائب الثروة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا بد ان يسود في هذه الإيرادات منطق الشفافية والإفصاح وإعلام المجتمع ما هي خياراته وبدائله وليكن القرار مشتركا مع باقي فئات المجتمع وبشكل خاص الجمعيات السياسية وغرفة التجارة ونقابات العمال والمختصين من الجمعيات المهنية.

هناك فرص استثمارية يمكن ان تدخل فيها الدولة لتنويع الاقتصاد مثل تطوير الجزر والسواحل لزيادة السياحة وهناك المشروع اللوجستي الذي تسعى البحرين لتطويره يحتاج إلى استثمارات كبيرة. والأهم من هذا وذاك هو الاستثمار في الصناعة وفي الاقتصاد المعرفي الذي يتطلب منظومة تعليمية تختلف عما هو لدينا اليوم. المجالات الصناعية الممكنة قد تكون في استعمال النفط والغاز الجديد في الصناعات بدلا من التصدير الخام. مثل هذه الصناعات المتطورة من شأنها ان تخلق وظائف ذات نسبة كبيرة من المعرفة للبحرينيين تجتذب الأجانب وليست وظائف متدنية المهارة.

وفق دراسة قام بها مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية قدم فيها عددا من التوصيات، يرى ان هناك أولويات محددة تبدأ بمواجهة الخلل السكاني في المنطقة وهذا يشمل البحرين وإن كان بنسبة اقل. يتم ذلك من خلال تحويل الاقتصاد نحو اقتصاد معرفي يعتمد على التدريب والمهارات والمعرفة والتكنولوجيا المتقدمة بدلا من العمالة الرخيصة. ثانيا: يرى التقرير الحاجة إلى ثورة في منظومة التعليم بكل عناصرها ومراحلها، وهذا لا يتم بمجرد وضع أهداف وإنما يحتاج إلى استثمارات في التدريب والتعليم وفي الصناعات المعرفية، كذلك يحتاج إلى تغيير في الثقافة المجتمعية ترفع من شأن المهن والحرف والعمل اليدوي وفي نفس الوقت ترفع مكانة المعلم والمدرب الاجتماعية.

ثالثا: توصي الدراسة بإحداث إصلاح مالي في الإنفاق العام وفي أنظمة الخدمة المدنية ووضع الأولويات الاستراتيجية ووقف الإنفاق المظهري والتفاخري. ورابعا: السعي للتعاون الاقتصادي مع الدول الأخرى على المستوى الخليجي والعربي وفق مصالح مشتركة وليس شعارات.

مع العلم بأن استثمارات القطاع الخاص قد تكون أكثر كفاءة من استثمارات القطاع العام الا ان الوضع يفرض علينا عدم الاعتماد عليه. على مدى خمسة عقود لم يتمكن القطاع الخاص من خلق اقتصاد قوي. فقطاعنا الخاص وبسبب طول مدة الدولة الريعية أصبح يعتمد على الربحية المضمونة من التجارة، ونمت لديه عقلية تجارية من الصعب تغييرها في وقت قصير، لذلك تصبح استثمارات الدولة ذات أهمية كبيرة. في الوقت الذي تتوافر مثل هذه الأموال يصبح استثمار القطاع العام واجبا وطنيا تحتمه الظروف التي نعيشها. هذا لا يعني ان يُعفى القطاع الخاص ولكنه يعني تحفيزه وشده إلى ساحة الاستثمار بشراء أسهم في المشاريع الناجحة وانسحاب القطاع العام تدريجيا. ثانيا دخول القطاع الخاص بتشجيع من القطاع العام يفتح أمام الدولة قاعدة ضريبية يمكن ان تستفيد منها لتمويل مشاريعها الاجتماعية وتحقيق العدالة في توزيع الثروة والعدالة في الدخل من خلال نظام ضريبي تصاعدي. لتحقيق الاستفادة هذه يصبح من الضروري خلق مناخ من الشفافية وتوافر المعلومات يجعل الجميع مطمئنا إلى حسن استخدام المال العام وإيرادات الضرائب والنفط.

لا بد ان نتعلم من الماضي والأخطاء التي وقعنا فيها في توظيف الثروات والطفرات النفطية المتتالية،. الآن يتطلع المواطن إلى رؤية أفضل واستخدام أكثر كفاءة للموارد والنظر بعين الاعتبار لخلق أمل ومستقبل لشبابنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *