نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

٠٢ فبراير ٢٠٢٢

مقال الاسبوع- تركز خطة التعافي على قطاعات مهمة ومتماسكة وترتكز على بنى تحتية من النظام المالي لكنها تصطدم بضعف في منظومة التعليم والتعلم والابتكار والريادة والضمان الاجتماعي الذي يشجع الشباب على الاقدام والمخاطرة ويحميهم في حالة الفشل. كما تحتاج الى مؤشرات قياس اداء ت تتابع محركات الانجاز والاداء اما المؤشرات التي نشرت فهي اهداف وليست مؤشرات، نتطلع الى نشر تفاصيل اكثر.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1283633

في مقال سابق (اخبار الخلج 10 نوفمبر 2021) تطرقنا الى خطة التعافي التي اطلقتها الحكومة، نواصل في هذا المقال قراءتنا لها. بدأ الحديث عن خطة التعافي الاقتصادي في نهاية اكتوبر الماضي في اجتماع ضم الحكومة ومجلس النواب ومجلس الشورى. استعرضت الحكومة الخطة التي تكونت من خمس اولويات تتقدمها خلق فرص عمل واعدة لجعل المواطن الخيار الاول في سوق العمل، تنفيذ مشاريع تنموية كبرى، تنمية القطاعات الواعدة، تسهيل الاجراءات التجارية وزيادة فعاليتها، واخيرا الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي. ارتبطت اولوية تنمية القطاعات الواعدة بست مبادرات متمثلة في قطاعات النفط، السياحة، الصناعة، الخدمات المالية، الخدمات اللوجستية، والاتصالاات وتكنولوجيا المعلومات. وتم وضع استراتيجيات لتطوير هذه القطاعت منذ بداية نوفمبر واخرها كان في 12 يناير الجاري. كذلك ارتبطت الاولويات الاخرى بمشاريع ومبادرات مثل تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى والذي شمل التعليم (مشروع مدينة الملك عبدالله الطبية) ومشروع كلية الهندسة بجامعة البحرين، والقطاع الصحي وقطاع الاسكان وقطاع الشباب والرياضة.

القطاعات التي تم اختيارها قطاعات رئيسية مؤثرة في الاقتصاد ويمكن تصنيفها الى قطاعات داعمة مثل الاتصالات واللوجسيتك والخدمات المالية. فهي تعتبر قاعدة هامة واساسية للاقتصاد. يمثل قطاع السياحة وقطاع الصناعة العلاقة المباشرة مع السوق المحلي والسوق الخارجي. يتوسط هذه القطاعت قطاع النفط الاهم ويعمل كمستهلك وممول يغذي تنمية القطاعات من خلال ايراداته. لذلك تبدو الخطة متماسكة ومتناغمة داخليا ويعزز كل من القطاعات الاخر.

تهدف الخطة الى تشجيع الاستثمار المحلي والاجنبي في قطاع الصناعة وفي الاولويات والقطاعت الاخرى، والى خلق فرص عمل ليكون البحريني الخيار الاول. اي ان الخطة تقوم على فرضية ضمنية بان هذه القطاعات سوف ترتكز على ارضية معرفية وتكنولوجية وعلمية قادرة على الانتاج الصناعي والمنافسة الخارجية وتحتاج الى قوة بشرية مدربة تمتلك فكر يتناغم مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة التي تتطلع الخطة الى استثمارها. وكذلك تفترض ان بامكان الشركات والمؤسسات المحلية والقوى العاملة الوطنية الاستفادة من التكنولوجيا والمعرفة واستيعابها وتطويرها. هذا يطرح سؤال كيف ستستجيب الجهات التي لم تُذكر في الخطة لهذا المتطلبات؟ وهل ستُحدث هذه الجهات التحولات المعرفية والفكرية المطلوبة وكيف ستؤثر على التعافي في حالة التباطؤ؟ السؤال الثاني كيف سنقيم اداءنا نحو تحقيق الاهداف وماهي الاليات والمحركات التي ستدعم تحقيقها؟ وكيف سنتابع مساهمتها؟

وضعت الخطة اهداف لكل من الاولويات والقطاعات على مستوى الاقتصاد الكلي يتمثل في رفع المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي وخلق فرص عمل محددة ورفع معدل الصادرات تمثل اهداف استراتيجية. سؤال عادة ما يطرح، كيف نقيم النجاح في التعافي الاقتصادي؟ هناك عدد من المؤشرات التاريخية (Lagging indicators) مثل الناتج المحلي والبطالة، الانتاج الكلي، الانشطة التجارية والانتاجية. هذه مؤشرات على مستوى الاقتصاد الكلي وتعتبر اهداف استراتيجية تحتاج الى تحديد عوامل نجاحها واهداف فرعية تتفرع منها مؤشرات تتابع المبادرات ومحركات الاداء التي ستوثر فيها. 

التعافي الاقتصادي مظلة واسعة ومتعددة الاوجه كما رأينا وتشمل تعافي سوق العمل والنشاط التجاري والانتاجي والانفاق الاستهلاكي. كذلك فان العلاقة بين الاسواق علاقة تبادلية وليست خطية. فسوق المال يؤثر في سوق العمل من خلال الاستثمار ويتاثر به بانخفاض نسبة البطالة وزيادة الادخار ويتاثر بها سوق السلع والخدمات، وكذلك الحال بالنسبة لسوق الاستهلاك يتاثر بسوق العمل وسوق المال. يرى مكتب التحليل الاقتصادي في وزارة التجارة الامريكية بان عودة الامور الى طبيعتها فيما يتعلق بالانفاق الاستهلاكي في مختلف الصناعات ومستويات الدخل (دخل الشركات والافراد) هو مفتاح فهم التعافي الاقتصادي، حيث تتحسن مستوى العمالة، وتنتعش التعاملات ويستقر التوظيف في الشركات الحكومية الكبيرة والمؤسسات الاخرى المحلية. اي ان هذه يمكن ان تكون علامات لنجاح التعافي. اهم هذه العلامات دخل الشركات والافراد وفئات المجتمع المتوسطة ومحدودي الدخل، بما في ذلك مستويات الضمان الاجتماعي ودعم التعطل. هذه العلامات لها مسببات او محركات وسياسات ادت الى هذه النتائج. وبالتالي فاننا بحاجة الى تحديد هذه المحركات ومتابعتها عن قرب للاطمئنان الى النتائج. خصوصا وان اقتصادنا يتاثر بتشويش من اسعار النفط وقد يحدث التوازن دون ان تتغير البنية التحتية المحركة للاقتصاد. فكيف سنتابع امكانية تحقيق النتائج وحدوث التعافي الاقتصادي

يتطلب الانتعاش والتعافي على المدى القصير والمتوسط زيادة الانفاق على السلع الاستهلاكية وزيادة الاستثمارات في انشاء الشركات وتحسين بيئة العمل بشكل عام، وتجديد الاصول المنتجة وتحديثها وانشاء شركات جديدة ترفع الانتاجية للمستقبل وتعزز التنافسية، وهذا ما تهدف المساهمة في احداثه اولوية المشاريع التنموية الكبرى وتنمية القطاعات الواعدة. وهو توجه مهم، ويشكل جزء من الاطار المؤسسي والبنى التحتية والقاعدة الاساسية للتعافي.

على المدى البعيد نحن بحاجة الى وضع الاسس للتنويع الاقتصادي ولاستدامة التنافسية وتعزيز القدرات المعرفية. من اهم هذه الاسس التعليم والبحث العلمي والتكنولوجي. اكتمال البنى التحتية للتعافي يحتاج هذا الاسس الضرورية على المدى المتوسط والطويل. اي ان اعادة النظر في منظومة التعليم والتعلم ومنظومة الابتكار ومنظومة الريادة وما يؤثر في تطورها من فكر واوضاع اجتماعية مهم للتعافي وتعزيز التنمية والتنويع الاقتصادي والابتكار على المدى المتوسط والبعيد، وتسهم في الاستقرار والاستدامة، هذا لا يمنع التذبذبات الدورية التي عادة ما تحدث في اي اقتصاد، لكنها تؤثر في القدرة على النهوض. اي اننا بحاجة الى تحديد مؤشرات تنبؤية (Leading indicators) لهذه المنظومات ولباقي الاولويات والقطاعات تترجم الاستراتيجيات وتمكننا من متابعتها عن قرب بالاضافة الى مؤشرات الاقتصاد الكلي الواردة في الخطة والتي يمكن اعتبارها اهداف اكثر من مؤشرات اداء.

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *