نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

أسباب التفاؤل حول الحوار

 تاريخ النشر :٢٩ مايو ٢٠١٣ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي  

مقال الاسبوع – التفاؤل يتضاءل ويحتاج الى مبادرة من جلالة الملك

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12850/article/26834.html

يتطلع الشعب البحريني إلى الحوار لوضع حد لمعاناته ووقف التراجعفي عدد من المؤشرات التي يشعر بها المواطن مباشرة. التفاؤل كانومازال بأن الشعب البحريني قادر على معالجة المشكلة بما يحققطموحة في مسيرة ديمقراطية ومواطنة متساوية ومشاركة سياسيةتدفع بالبلاد نحو المستقبل. 

إلا ان الأحداث التي تحيط بالحوار لا تشير إلى ان الانفراجة قريبةوبالتالي فإن المواطن بات يتساءل ماذا بعد؟ أصبح يعول علىمساعدات تدفع بالحوار إلى الأمام. أبدى رئيس تجمع الوحدة الوطنيةالشيخ عبداللطف المحمود الكثير من التفاؤل في تصريحات خاصة لـ«أخبار الخليج». ويرى فضيلته بأن «ما يحدث من تأخير ومراوحة هوأمر طبيعي نتيجة لفقد الثقة بين المتحاورين». وانه يرى ان «الأمريحتاج إلى وقت لبناء الثقة بين الأطراف، وان التشدد من جميعالأطراف في بداية الحوار هو كذلك أمر طبيعي إلى ان يشعر الجميعبضرورة وجود نوع من المرونة ويلين كل طرف للآخر». 

بالنسبة إلى الحكومة فإن الحوار أنجز «مزيدا من التطور السياسيواكبر قدر من التوافقات في ظل الحفاظ على التعددية السياسية فيالبحرين» لكنه لا يشاطر الشيخ عبداللطيف نفس القدر من التفاؤلويرى ان المعارضة تعمل على تعطيل الحوار. وحديث وزير العدللصحيفة الشرق الأوسط يوحي بإمكانية التوصل إلى حل، ولكن لايرى داعي للعجلة لان عامل الوقت ليس من المحددات على الحوار. أيان الوقت في صالح الحوار. 

لا يتفق بعض أعضاء البرلمان (الطرف الثالث في الحوار) مع تقييموزير العدل لأهمية عامل الوقت ويرى النائب احمد الساعي ان الوقتليس في صالح البلاد في إشارة إلى الضغوط الاقتصادية والإقليمية،ويرى ضرورة البدء في جدول الأعمال وتقديم كل طرف مبادرات تُخرجالبلد من هذا الوضع. و«يطالب الحكومة القيام بخطوات إصلاحيةوعدم انتظار الحوار». لكنه لا يقدم أي مبادرة من مجلس النواب لإنهاءالأزمة. 

الطرف الرابع في عملية الحوار، الجمعيات الخمس؛ لها رؤية خاصةتتمثل في انها ترى نفسها طرفا في مقابل طرف آخر مكون من ثلاثفئات هم الائتلاف والحكومة والمستقلين وبالتالي فهي تطالب بالتكافؤفي التمثيل. وترى انها قدمت دليلا على مرونتها بموافقتها على ترحيلالعديد من القضايا مثل تمثيل السلطة ورفع التوافقات إلى جلالة الملك. واخيرا فهي ترى ان الاتفاق على آليات الحوار والتعامل مع مخرجاتهيجب ان يسبق البدء في وضع جدول الأعمال. 

المحصلة النهائية هي ان جميع الأطراف غير راضية عن سير الحواروتلقي باللوم على الآخر، والمجتمع يترقب وينتابه اليأس والإحباط. هذاالوضع استمر 18 جلسة ولم يحدث اختراق في حالة الجمود التييستشعرها المواطن. لذلك فان المجتمع لا يرى قرب الأمل في انفراجالأزمة ويتساءل أين المخرج من هذه الحالة؟ 

بالرغم من اننا نتفق مع رؤية الشيخ عبداللطيف بأن العملية تحتاج إلىوقت وان الاطراف مازالت تتحسس طريقها بحذر. ومع يقيننا بأنالجميع واقع تحت تأثير ضغوط من عدة جهات بما في ذلك الشارعالمنقسم ليس فقط إلى قسمين رئيسيين بل هناك أقسام فرعية في كلطرف. جميع هذه الضغوط تترك أثرها على نفسية المتحاورين وقدرتهمعلى المناورة السياسية والتعامل مع الأمور بواقعية وإدراك بجسامةالمسئولية. وبالرغم من اتفاقنا مع وزير العدل بأن هناك جدية فيالمناقشة مصحوبة ببعض العواطف وهذا غير مستغرب. إلا اننا نرىبأن الحوار بصورته الراهنة وبهيكلته الحالية قد لا يتمكن من اتمامالمهمة دون مساعدة. 

من هذا المنطلق اقترحنا في مقالات سابقة إجراء حوارات جانبيةمساندة، وطالبنا بتدخل جهات في المجتمع مؤثرة تساعد على تذويبالخلافات وتجسير هوة عدم الثقة بين الاطراف وتصلب المواقف وشعوركل طرف بأن تقديم تنازلات هو انكسار. لهذا فإن الحوارات الجانبيةتساهم في معالجة مثل هذه المطبات. لا نعرف ان كان مثل هذا الامرموجودا ام لا ولكن لا يبدو انه فعال. 

لذلك نرى ان أمامنا خيارين، الأول يتمثل في مجلس النواب والثانيمبادرة من جلالة الملك تنهي الصراع وتطيب النفوس.  

هل بمقدور مجلس النواب القيام بمناقشة معمقة واقعية ومبنية علىإرادة مستقلة لإيجاد حل وليس فقط تحميل المسؤولية لأي طرف؟ كانبودنا ان نطالب مجلس النواب بصفته احد السلطات في البلاد انيناقش القضية في جلسة مغلقة، وان يضع أمام عينيه المسؤوليةالوطنية التي كان يجب ان يتحملها منذ بداية الأزمة. لكن هذا التمنيلن يكون واقعيا وخصوصا ان المجلس تخلى عن مناقشة القضاياالملحة ومعالجة أمور اقل تعقيدا مثل الفساد. ففي ندوة في مجلساحمد جناحي حول الحوار طرح احد الحضور استغرابه وتساؤله لماذالم يقم مجلس النواب بمناقشة الأزمة ووضع تصورات لحلول يقدمهاامام المتحاورين؟  

نقول ان مجلس النواب فقد الكثير من قدرته على التأثير بشهادةأعضائه في جلستهم قبل أسبوعين التي ابدوا فيها امتعاضهم منتجاهل الوزراء لهم. بهذا الأداء المتواضع من الصعب ان نطالب مجلسالنواب بأن يتقدم بمبادرة تنقذ البلاد من أزمتها. 

لذلك فإن الآمال معلقة على مبادرة من جلالة الملك تعالج القضاياالملحة وتخرج البلد من الأزمة وتضع القارب على المسار السليموالصحيح والله الموفق. 

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *