- أهداف للحوار أم قائمة من المرئيات؟
تاريخ النشر :٣ أبريل ٢٠١٣
بقلم:محمد عيسى الكويتي
مقال اليوم – الدروس من زيارة جنوب افريقيا، فماهي اهداف كل طرف من الحوار وكيفي يتعامل مع المرئيات
مضى على بدء الحوار ستة اسابيع ومازال المتحاورون يبحثون في قواعد الحوار وآلياته وكيفية صياغة المخرجات وهل هي توصيات ام مواد دستورية وكيفية رفع المخرجات واسلوب تنفيذها ومن سيتابع التنفيذ. هذه القضايا مهمة وأساسية، وكلما كانت سليمة وضامنة تنفيذ ما يتوصل إليه المتحاورون، كانت النتائج النهائية اكثر قدرة على معالجة الازمة واخراج البلد من ازمته. هناك في المجتمع جهات تستعجل النتائج وترى ضرورة الاسراع في البدء في مناقشة القضايا الخلافية.
تجارب الدول التي دخلت في حوارات تشير إلى اهمية المراحل التحضيرية في انجاح الحوار وان استغرقت وقتا اطول. فمثلا إلى الآن لم تنتهِ الحوارات في جنوب افريقيا بالرغم من توصلهم إلى حل سياسي. الجهود مازالت مستمرة، اخرها اقيم في ديسمبر الماضي شمل معظم القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وسبقها حوار في 2003 للمصالحة الوطنية.
في ندوة نظمها تجمع الوحدة الوطنية حول زيارة وفد إلى جنوب افريقيا بغرض الاستفادة من التجربة في تحريك الوضع في البحرين خرج الفريق بعدد من الدروس اهمها:
أولا: إن إنهاء الازمة هي مصلحة وطنية تشمل الجميع دون ترك فرصة لتهميش اي طرف. على الجميع ادراك ان لكل طرف في الحوار فهم خاص لكيفية انهاء الازمة وغايات خاصة به يتوخى الحصول عليها ومكتسبات قد تختلف من طرف إلى آخر.
ثانيا: ضرورة بذل جهد في فهم الاخر وعدم افساح المجال لتعميق الشعور بالظلم او استمرار هذا الشعور. اي وجود احترام متبادل وتفهم كل فريق لمخاوف الاخر ورغباتهم وتوجساتهم.
ثالثا: النظر إلى المستقبل ضمن خطة تنمية وطنية طويلة الامد لتذكير كل مواطن بان مسيرتهم نحو الديمقراطية ومحاربة التمييز والفقر والفساد موجهة نحو معالجة آثار الظلم الاجتماعي والاقتصادي الذي وقع على البعض خلال فترات الصراع.
رابعا: من اهم الدروس، بحسب الفريق، كان الصبر والمثابرة وعدم اليأس، وادراك ان الحوار سوف يواجه العديد من الانتكاسات والتصعيد، هذا امر طبيعي في ظروف الحوار نظرا إلى اهمية النتائج بالنسبة للجميع.
خامسا: ان التجربة لم تعتمد فقط على الفِرق المتحاورة بل كان هناك فِرَق مساندة تعمل في الخلف تقوم بتسهيل وتيسير الحوار ومعالجة المشاكل التي قد تنجم من جراء سخونة الحوار او تصلب المواقف وتقوم بمحاولات جانبية لحلحلة الجمود ومن ثم اعادة الحوار إلى زخمه من جديد.
سادسا: يرى الفريق اهمية بناء الثقة بين الاطراف المتحاورة في قاعة الحوار وخارجها، ومن الاجراءات التي استخدمت تخفيف اللغة والاتهامات وتحديد المشتركات بين الاطراف والاتفاق عليها.
هذا يقودنا إلى طرح تساؤل على المتحاورين في البحرين: ما هي اهداف كل فريق في الحوار وما هي النتائج التي يتوقعون؟ وماهي المشتركات في الاهداف والنتائج؟ من المهم حدا تحديد ذلك قبل الدخول في تفاصيل المرئيات. نرى ان تحديد ذلك من شأنه ان يضفي على الحوار روح وذهنية ورشة عمل يحاول كل طرف التوصل إلى المبادرات لتحقيق الاهداف المشتركة.
في الوقت الحاضر لا نجد تركيز على الاهداف. ويمكن القول إن البعض ليس لديه اهداف محددة. ففي ثلاث مناسبات وندوات مختلفة حصلنا على اهداف مختلفة من نفس المحاضر. فمثلا في احدى المناسبات قال احد المشتركين في الحوار إن لديهم ثلاثة اهداف، وفي مناسبة اخرى اصبحت هذه الاهداف خمسة، وفي مناسبة ثالثة لنفس الشخص وصل العدد إلى سبعة. وفي ندوة لمتحاور اخر لم يتمكن من بيان اهدافه من الحوار او بيان الفرق بين الاهداف والمرئيات. ان عدم التركيز على اهداف محددة يجعل مصير الحوار والمخرجات في مهب الريح كما يجعل التوافق بين المتحاورين اكثر صعوبة، ويحول التعامل مع المرئيات وكأنها قائمة يمكن اختيار ما يحتاج وترك ما لا يريد. لذلك نرى ان الخطوة الثانية بعد الاتفاق على الاليات ان يتم التوافق على اهداف للحوار. فعندها تصبح عملية التوافق على المرئيات هي عبارة عن مبادرات لتحقيق اهداف مشتركة، ومسيرة الحوار ستكون موجهة نحو غاية محددة وتكون اسهل للتوصل إلى توافق. حينها يمكن اعتماد اسلوب متدرج نحو تعزيز المسيرة الديمقراطية وتهيئة المناخ المناسب للتنمية والبناء والتي هي من اهم غايات الحوار.
يقول الفريق الذي زار جنوب افريقيا من تجمع الوحدة الوطنية انه في المحصلة النهائية فان ما انجح التجربة في جنوب افريقيا هو ايمانهم الراسخ بالمؤسسات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واستعدادهم لمواصلة الحوار على فترات متفق عليها لاعادة تقييم التجربة.
الديمقراطية في نظرهم ليست حدثا وانما عملية مستمرة تتطور باستمرار بفعل المؤمنين بها والراغبين في تطويرها. ومن التجربة في جنوب افريقيا برزت قناعات في اهمية الانتباه إلى الخطوات الاجرائية في ادارة الخلافات والنزاعات وتعزيز الديمقراطية. هذه الاجراءات يتم تنميتها ووضعها في خطوات قد تكون بطيئة ومتعبة في بعض الحالات ولكن من الضرورة اعطائها الفرصة لتتبلور وتنضج وتكتسب قناعة المتحاورين في قدرتها على المحافظة على مخرجات الحوار وضمان تطبيقها بالاضافة إلى انها تساهم في خلق نوع من الثقة وشعور بالانجاز.