نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1.  أين إستراتيجية الدفاع الخليجي؟ 

  تاريخ النشر :٢٨ نوفمبر ٢٠١٢ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع: بين الصراع والمنافسة ضيع قادة مجلس التعاون الاستراتيجية الدفاعية والتنمية ورهنوا مصيرنا للاجانب

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12668/article/62486.html

 في مؤتمر الصراع والمنافسة في الخليج العربي الذي عقد في نوفمبر 2012 ونظمه مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والطاقة، ناقش المشاركون رؤية للدفاع الخليجي. يقول المؤتمرون ان الوقت قد حان لكي يضع مجلس التعاون إستراتيجية دفاعية مشتركة بينها وبالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية. وكذلك يستوجب عليها تحصين الوضع الداخلي من خلال الصعود في محور جيو- اقتصادي يعزز قدرات دول الخليج على تحصين جبهتها الداخلية. هذا يطرح السؤال التالي: لماذا إلى الآن لا توجد إستراتيجية دفاعية مشتركة بالرغم من مرور 32 عاما على قيام مجلس التعاون الخليجي وبالرغم من ان الدافع الرئيسي لقيام مجلس التعاون كان الاستعداد للخطر الإيراني؟ وكيف سيتم تحصين الجبهة الداخلية؟

 المؤتمر ضم عددا من المتحدثين طرحوا تحديا على دول الخليج لتحديد خياراتها الإستراتيجية للحفاظ على أمنها. يقول سعادة الدكتور محمد عبد الغفار (رئيس المركز) ان رؤيته «للصراع والتنافس بمنطقة الخليج العربي سيزداد ما لم تتمكن «دول المثلث»، ويقصد بها (دول الخليج وإيران والولايات المتحدة الأمريكية) من التفاهم على أرضية المصالح المشتركة، والأخذ في الاعتبار أهمية أمن المنطقة واستقرارها سواء لدولها او لشعوبها أو لدول العالم». اي اننا مع العالم والدول الإقليمية نشترك في منطقة يستوجب علينا مراعاة مصالح كل طرف وفق رؤيته لهذه المصالح، ونرى ان في ذلك تكمن المشكلة ويمكن وضعها في ثلاث نقاط:

 النقطة الأولى ان احد اسباب الصراع هو ان المصالح قد تتعارض وتختلف رؤية كل طرف لمصلحته. وبذلك يمكن القول ان التوافق بالضرورة سيكون اكبر والصراع اقل كلما اتسعت رقعة المصالح المشتركة بين الاطراف وعملت الدول على تنميتها. فما هي المصالح المشتركة بين الخليج وإيران؟ وهل قامت كل دولة بجهد جاد للتعرف على هذه المصالح المشتركة واتخاذ اجراءات لتنميتها؟

 النقطة الثانية هي ان الدكتور محمد وضع عنصرين من المصالح لكل دولة هما مصالح الدولة ومصالح الشعب. هذا يطرح التساؤل هل مصالح الشعوب هي نفسها مصالح الانظمة، ام ان للأنظمة مصالح مختلفة عن شعوبها؟ وماذا لو اختلفت هذه المصالح داخل كل دولة وحدث صراع داخلي؟ بالضرورة سوف يؤثر هذا الصراع على مصالح الاطراف الأخرى وخصوصا ان العالم يتأثر كون المنطقة تمتلك مصادر طاقة. 

 النقطة الثالثة والاهم هي ان ما قاله يُظهر وبكل صراحة ووضوح ان دول الخليج الى الان لا تملك خيارا استراتيجيا عسكريا. ويواصل بان ذلك يتطلب من دول المجلس تحديد «مفهوم الاستراتيجية الدفاعية الجديدة». ويجدر بيان ان هذه ليست المرة الأولى التي يتم طرح هذا القصور بل كان ذلك في يناير من نفس العام وفي مؤتمرات اخرى تم طرحه من عدة جهات.

 يقول الدكتور محمد ان هناك وثائق تشير الى انجازات قد تحققت خلال الثلاثين عاما. هذا صحيح ولكن اولا هذه وثائق وليست انجازات على الأرض يشعر بها المواطن. ثانيا ان الانجازات لم تكن على الجانب العملي المعيشي الذي يهم الشعوب وهنا نعود الى النقطة الثالثة التي ذكرناها بان هناك اختلافا في الأولويات بين مصالح الشعوب ومصالح الدول. وفي ظل غياب المشاركة السياسية فان مصالح الدول هي في الواقع مصالح الأنظمة الحاكمة. وبالتالي فان مجلس التعاون الى الآن كان ومازال هو تعاون أنظمة وليس تعاون او اتحاد شعوب. والى ان يصبح اتحاد شعوب سيبقى الاتحاد هشا ضعيفا تتقاذفه مصالح الدول الكبرى ويكون عرضة لتقلبات علاقات الأنظمة الشخصية مع بعضها بعضا.

 المؤتمر يتحدث عن مفهومين متضادين الأول التنافس والآخر الصراع. التنافس هو قيمة محمودة أساسها التدافع بين الناس (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ) اما الصراع فهو صراع ينجم عن اختلال قواعد التنافس واستقواء احد الاطراف على الآخر عندها يبدأ الصراع، وبما الدكتور فرق بين مصالح الشعوب ومصالح الدول فان الصراع الداخلي يبدأ عندما تستقوي الأنظمة على شعوبها وتمنع عنهم حقوقهم المشروعة في العدالة والثروة والسلطة. وهذا اساس ضعف الدول الداخلي. وبالتالي فان المصلحة والمنطق الأمني يقتضيان ان يتحول الصراع إلى تنافس وتدافع (عن طريق صناديق الاقتراع في دولة مدنية) بين مختلف القوى لتقديم الأفضل للشعوب وتلافي الصراعات المدمرة التي تمر بها المنطقة العربية. 

 الخيارات المطروحة جميعها تعتمد على تحالف الخليج مع دول أخرى تضعه في مكان الطرف الضعيف الذي يحتاج الى دول أخرى لحمايته. والى الآن لم يضع في حساباته ماذا لو تخلت هذه الدول عن مساندته والدفاع عنه؟ ماذا ستكون الخيارات عندها ؟ ماذا فعلت أنظمتنا لمواجهة ذلك في حال انتفت تلاقي مصالح الغرب مع مصالح دول الخليج؟

 يطرح د. علي باكير الباحث بمركز اوشاك التركي جوابه على ذلك بان «العلة تكمن في غياب المنظومة العربية الفاعلة اقليميا». الأنظمة العربية والأنظمة الخليجية فشلت في اداء دورها في حماية الخليج بل انها ساهمت في ايجاد وصناعة الخطر الذي تحاول الآن التصدي له، وقدمت لإيران هدية لا تحلم بها عندما ساهمت في غزو العراق واضعافه خدمة لأمريكا واسرائيل. هذا التخبط الاستراتيجي الذي قامت به الأنظمة الخليجية كفيل بان يضعها موضع المساءلة. واذا اضفنا الى ذلك رفضها على مدى الثلاثين سنة تطوير رؤية استراتيجية دفاعية واقتصادية وتنموية ترفع من قدرة الخليج في جميع هذه المجالات يمكن القول انه لا امل في قيام تكتل خليجي قوي دون تغيير جذري في السياسات السائ.

 hb.moc.ocletab@itiawukm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *