نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. إصلاح التعليم ضرورة.. التعليم الإلكتروني هل هو البديل؟ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

الخميس ٠٨ أبريل ٢٠٢١

مقال الاسبوع- فصل التعليم العالي عن وزارة التربية يفسح المجال لاصلاح التعليم. اما التعليم الالكتروني فلا يكون اصلاحا وتقدما ما لم تختلف مناهج التعليم وطرق التدريس وتغيير مكانة المعلم ورفع مستواه وادخال مادة الفلسفة لتعزيز الفكر النقدي وتعريض المسلمات للفحص والتمحيص. 

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1245142

يمر التعليم في المنطقة بمرحلة تشبه المخاض ويحتاج الى الكثير من الاصلاح، واظهرت جائحة كورونا بعض القضايا التي تجعل الإصلاح ضرورة ملحة. عقد مؤخرا مؤتمر حول «مستقبل التعليم الإقليمي» في مارس الماضي، تحت رعاية الشيخة د. مي العتيبي. واعتمدت في اخر المؤتمر التعليم الالكتروني كاستراتيجية في جميع مراحل التعليم مع اعتماد سياسات وتشريعات واستراتيجيات تعليمية جديدة داعمة للتعليم الالكتروني مع وضع مؤشرات لقياس الأثر الذي تحدثه هذه الاستراتيجيات. ولا بد هنا من طرح السؤال ما نوع التطوير الذي نريد وما متطلبات المرحلة وكيفية تحقيقها والمعايير التي سنستخدمها في التقييم؟

لا يقف المؤتمر عند اعتماد التعليم الالكتروني (التعليم الالكتروني وسيلة عسى ان نحسن استخدامها) بل يتطرق كذلك إلى اهمية ان يكون للطالب دور اكبر في التعلم ونشر الثقافة لتغيير المفاهيم المتعلقة بهيمنة الامتحانات التي تختبر قدرات الحفظ والتلقين.

 جائحة كورونا أعطت أولياء الأمور فرصة للتفكير في التعليم والنتيجة المطلوبة منه وابرزت قضية مهمة وهي ان المعلومات لم تعد هدف التعليم. المعلومات متوافرة للطالب بكميات اكبر بكثير مما هو في المقررات الدراسية، وطرح اولياء الأمور السؤال ما الغرض من حشو الطالب بالمعلومات واختباره في استظهارها؟ لذلك فان التوصية، التي تمخضت عن المؤتمر، بإعادة النظر في المناهج وطرق التدريس هي من الأمور المهمة التي ينبغي إن تحظى باهتمام وزارات التربية والتعليم العربية. وليكن التحديث في المحتوى المعرفي والفكري واكتساب مهارات نقدية وتحليلية تساعده على استخلاص المعلومات والحكم عليها وتقييمها، وليس فقط الانتقال الآلي من الكتاب الورقي الى الرقمي.

كذلك تحدث المؤتمر عن اعادة تأهيل المدرسين بما يتناسب مع العالم الرقمي ومتطلباته، واشراك اولياء الأمور في العملية التعليمية. كيف سيكون تأهيل المدرسين، هل ليكونوا اكثر معرفة تقنية رقمية ام ليكونوا اكثر قدرة على التفاعل مع الطلبة وتحديهم فكريا. 

هل سيتمكن الطالب من حسن القراءة والفهم والكتابة ام سيكون افضل في الحفظ والاستظهار؟ ما المعايير التي سنقيم بها معلم المستقبل؟ هل سيتمكن طالب المرحلة الابتدائية ان يقرأ وان يفهم ما يقرأ وان يناقش وينتقد ويحلل لينمي هذه القدرات العقلية لتمكنه من مواصلة تحصيله في المرحلة الثانوية والجامعية. التعليم الالكتروني في حد ذاته لن يقوم بهذه المهمة، فهو وسيلة من بين وسائل اخرى تعتمد صلاحيتها على ما تحققه من نتائج. تعزيز المناهج بمادة الفلسفة ضرورة لتنمية القدرات الفكرية.

وفي المؤتمر الذي عقدته هيئة جودة التعليم في الاسبوع الماضي (برعاية سمو الشيخ محمد بن مبارك) اتضح ان من الامور التي ينبغي ان تتغير في ظل ما حدث للتعليم هو طريقة تقييم العملية التعليمية، فمثلا في تصريح لوزير التعليم يقول انه قد «زار المنصة التعليمية 6 ملايين زائر»، وفي هذا المؤتمر ذكرت هيئة جودة التعليم بانها «اصدرت اكثر من 1712 تقريرا شاملا لنتائج الجودة». وفي الحالتين ينظر الى ذلك على أنها معايير نجاح. في الواقع هي انجازات تشكر عليها الجهتان لكن النتائج هي الأهم. ولا بد من متابعة النتائج لقياس حجم الانجازات في سياق العملية التعليمية.

من النتائج المهمة في التعليم ما أشار إليه سمو الشيخ محمد بن مبارك ان اعادة هيكلة وزارة التربية والتعليم تهدف الى الاستجابة لمتطلبات سوق العمل والثورة الصناعية المعاصرة، والهدف الثاني هو المساهمة في النهضة الشاملة والارتقاء بالبيئة التعليمية. ونضيف هدفا ثالثا هو تنمية المجتمع وتطوير قدراته الفكرية وثروته المعرفية وتنوعه الثقافي. تحقيق ذلك قد يكون أفضل وأسهل بالتركيز على القدرات البحثية وزيادة الإنفاق الحكومي على التعليم والبحث العلمي ورفعه من 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي (المتوسط العالمي 5.2%) إلى مستويات الدول المتقدمة التي تفوق 6% وتصل الى 10% في بعض الحالات. 

وهذا يقودنا الى الخطوة الثانية والمهمة في اصلاح التعليم وهي فصل التعليم العالي عن التعليم الأساسي. فقد وافق مجلس الشورى (22 مارس2021) على فصل التعليم العالي عن التعليم الاساسي ماديا واداريا، وقد قال في هذا الصدد إن اعادة التنظيم هذه تهدف الى تطوير جودة التعليم، وان ذلك يحقق تفرغ وزارة التربية للتركيز على التعليم الأساسي وتطويره. ويكون للجامعات هيئة «محايدة» تنظم الجامعات الخاصة وتراقبها.

اولا ان استقلال التعليم العالي عن وزارة التربية والتعليم، اذا كان تاما على مستوى رئاسة المجلس الأعلى، فسوف يمنح الوزارة قدرة اكبر على التركيز على التعليم الاساسي وتطويره، وتكون الجامعات جهة تستطيع ان تقيم اداء التعليم الاساسي من خلال نتائج امتحانات القبول وتحصيل الطلبة. وهذا سوف يعود على التعليم العالي والتعليم الأساسي بالفائدة. كما ان الفصل قد يفتح مجالا أوسع للبحث العلمي. فقد طالب السيد جمال فخرو بتعيين مجلس امناء على مستوى عال حتى ان كان من دول عربية أو أجنبية. وتساءل عما تحقق في البحث العلمي في السنوات الماضية؟ 

من النقاط المهمة التي تبرز من مرحلة التعليم الالكتروني هي اعادة التفكير في تطوير معايير تقييم التعليم، والمؤسسات التعليمية لتواكب المتغيرات. فما هي هذه المعايير لتقييم تقدمنا ومن المسؤول عن تطويرها، وكيف نستفيد من الدروس التي برزت من التجربة هذه في اعادة النظر في التعليم بشكل عام، بما فيها المناهج وطرق التدريس والمدرسون ومدى درجة المزج بين التعليم الحضوري والتعليم الالكتروني، والحرص على تنمية مهارة استخراج المعلومة والمعرفة وتحليلها واختيار أنسبها، والانفتاح لتنمية مهارات الابتكار والإبداع.

في ختام كلمة سموه يرى ان هناك املا كبيرا في الاصلاح، وينادي بزيادة تدارس الحلول واسلوب تقييم التعليم والتدريب ومدى استعداد الطلبة والمدرسين وبيئة التمدرس، وخصوصا النظر في جودة التعليم العالي. ونرى ان فصل التعليم الاساسي عن التعليم العالي فصلا كاملا سوف يعزز هذه النظرة المتفائلة من سموه، وخصوصا إذا حرصنا على السعي نحو المهارات التي تستفيد من التقنيات الجديدة.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *