نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. الاتحاد الخليجي ضرورة إستراتيجية

http://www.akhbar-alkhaleej.com/AAK/images/date_icon.jpg  تاريخ النشر :٩ نوفمبر ٢٠١٦


بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

بالرغم من اهمية الاتحاد الخليجي الا ان الشعوب مازالت غائبة عن المشاركة في صنع القرار وقد يكون هذا هو سبب التاخير!

http://www.akhbar-alkhaleej.com/14110/article/47737.html
يجري الحديث حاليا عن الوحدة الوطنية على المستوى المحلي وعن الاتحاد على المستوى الخليجي. فالمجتمعات الخليجية، بالرغم من الانقسامات التي بينها على بعض القضايا السياسية والاقتصادية والدينية، فإنها جميعا ترى أن مصلحتها في الوحدة والمواطنة الخليجية. لكن تختلف المقدمات وتختلف الشروط التي يرى كل طرف توفرها قبل قيام الوحدة. 
هناك من يرى أن الوحدة الخليجية هي الخطوة الثانية، يأتي قبلها الوحدة الوطنية والمواطنة المتساوية في كل من دول المجلس. تحقيق هذه الوحدة الوطنية يتطلب إصلاحات سياسية داخلية تخلق توازنا بين القوى السياسية وبين الحاكم والمحكوم. متى ما تحقق ذلك يمكن للوحدة الخليجية أن تسير في تحقيق تطلعات الشعوب. أما الوضع الحالي فإنّ الشعوب إلى الآن لم تشارك بشكل فاعل في مسار الإصلاح الداخلي أو في مسيرة ثلاثة عقود من التعاون الخليجي، وقد يكون ذلك أحد أسباب التأخر في تحقيق الوحدة الخليجية. مهما كانت الخطوات فإنّ الوقت لن ينتظرنا كثيرا، وعلينا الإسراع فيها.
بالنظر إلى المرحلة التي سبقت تشكيل مجلس التعاون نجد أنها كانت مرحلة حبلى بالتطورات والأحداث التي أثرت على قرارات الدول في تأسيس المجلس. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإفرازات الحرب الباردة برزت ظاهرة التجارب التكاملية والتنظيمات الإقليمية بمختلف الصيغ التكاملية. بعض هذه التجارب كانت في العالم العربي مثل الاتحاد المغاربي، ومجلس التعاون العربي والاتحاد العربي الهاشمي، لم يكتب لأي منها النجاح. كما بدأت التكتلات الاقتصادية تتزايد وتأخذ أشكالا مختلفة، وقد شجع ذلك دول مجلس التعاون على الأخذ بنظام التعاون والتكامل الاقتصادي. 
تعزو مختلف المصادر تأسيس مجلس التعاون إلى أحداث مختلفة. فهناك من يرى أن إرهاصات الاتحاد بدأت مع خروج بريطانيا من المنطقة في بداية السبعينيات. كما أن منطق الاتحاد بدأ يتبلور بعد حرب أكتوبر واستخدام سلاح النفط ضد الغرب، مما جعل الغرب يفكر في احتواء منطقة النفط الخليجي لعدم تكرار المقاطعة، وتبعه خروج مصر من النظام العربي بعد كامب ديفيد الذي أوجد فراغا أمنيا. 
من المرجح أن بداية فكرة الاتحاد كانت مبادرة الشيخ جابر الأحمد أمير الكويت الأسبق في عام 1976 بطرح فكرة الاتحاد خلال زيارة قام بها يوم في 16 مايو 1976 إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، لعقد مباحثات مع رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. ليس من الواضح ما هي الدوافع التي جعلت أمير الكويت يتقدم بهذا المقترح في تلك الفترة المتقدمة أو متى بدأ التفكير فيه وما هي الأسباب المباشرة، ولماذا الكويت وليس أي دولة خليجية أخرى؟ فهل التهديد العراقي السابق أيام عبدالكريم قاسم أسهم في ذلك؟ غير أن السبب المباشر الذي أسرع بقيام المجلس هو التهديد الإيراني المتكرر على المنطقة وقيام الثورة الإيرانية التي أظهرت منذ بدايتها نية تصدير الثورة وأعقبتها الحرب العراقية الإيرانية وما مثلته من تهديد أمني مباشر. 
من هذه المعطيات يتبين أن الاتحاد قام لغرض أمني دفاعي بالدرجة الأولى، غير أن أول اتفاقية وقعها المجلس بعد أشهر من قيامه هي الاتفاقية الاقتصادية التي طرحت قيام الوحدة الاقتصادية بمكوناتها من الوحدة الجمركية والسوق مشتركة وتوحيد العملة والتكامل. وأيا كانت الأسباب والمبررات فإنّ الاتحاد أصبح واقعا وضرورة وجودية بالنسبة إلى دول الخليج. 
لذلك يحق للشعوب أن تتساءل لماذا يتأخر قيام مجلس التعاون كوحدة اقتصادية متكاملة ووحدة سياسية تمتلك مقومات الدفاع عن نفسها وحفظ مصالحها وتحقيق رفاه شعوبها؟
المرحلة القادمة تفرض علينا سؤالين: الأول ما هي الرؤية الخليجية للمنطقة وماذا تريد أن تحقق؟ والسؤال الثاني ما هي أسباب التأخر في تحقيق هذه الرؤية؟ التساؤل الذي تطرحه الشعوب حول أسباب تأخر المجلس في تحقيق التكامل طرحه الملك فهد رحمه الله كما ورد في كتاب عبدالله بشارة. يقول الملك فهد إن قرارات المجلس تسير ببطء شديد. أما اليوم فقد اتضح للقائمين على المجلس أن هناك نقصا في الهيكل الإداري لا بد من التعامل معه، وقد تم اقتراح إنشاء مجلس يضم كبار المسؤولين على مستوى الحكم لتسهيل وتسريع عملية اتخاذ القرار، وقد يظهر هذا القرار عن قريب. لكن هذا لا يغني عن وجود رؤية واضحة واستراتيجية طويلة المدى تخدم الرؤية وتقدمها لشعوب المنطقة وأن يكون للشعوب رأي فيها.
في الثمانينيات من القرن الماضي تدفقت على دول المجلس أموال طائلة من النفط كان من الممكن بها بلورة قاعدة اقتصادية إنتاجية وثورة علمية تساندها وتحولها إلى اقتصاد معرفي حقيقي.
وقد كان ممكنا إيجاد صناعة عسكرية، فقد بدأت نواتها في الثمانينيات ولم تتطور أو تتجسد هذه الفكرة إلى واقع لأسباب غير معروفة. هذه التطورات كانت جديرة بأن تحول مجلس التعاون إلى قوة اقتصادية وعسكرية قادرة على التعامل مع محيطها بندية. 
كما أن الفرصة قد كانت مواتية لدمج سوق اليمن وسوق العراق في ذلك الوقت في هذا التجمع ليصبح سوقا كبيرة لا تقل عن ثمانين مليون نسمة تستوعب الكثير من الصناعات. حينها كان من الممكن أن تَعتبر دول الجوار الإقليمي أن التعامل مع هذا الكيان يشكل مصلحة لها ولشعوبها ويشكل التقارب الاقتصادي مجالا للتقارب السياسي. 
اليوم نحتاج إلى تقييم حقيقي وشفاف لتجربة المجلس، يتلمس جوانب القصور وأسبابه لكي نتمكن من البناء على قاعدة صلبة، وإلا فإنه من الممكن أن نقع في نفس الأخطاء وندور في نفس الدائرة. لذلك نرى أن المؤتمرات التي تتم عليها أن توضح أولا أسباب التأخر في قيام المجلس وفق ما وضعه إعلان قيام المجلس، وثانيا ما هي الرؤية المستقبلية للمجتمعات الخليجية وتشرح أسباب التأخر في تحقيقها وأن تشرح كيف سيتغير المستقبل عن الحاضر وما هو دور الشعوب في ذلك؟
mkuwaiti@batelco.com.bh  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *