نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. التعليم في تقرير التنمية البشرية

تاريخ النشر :١٧ أبريل ٢٠١٣

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12808/article/19630.html

في الاسبوع الماضي تحدثنا عن ما دار في حفل تدشين تقرير التنمية البشرية 2013 الذي وضع دول الخليج من بين الدول ذات الدخل العالي ومراكز متقدمة في سلم التنمية البشرية.
استحوذ التعليم على النصيب الاكبر من النقاش. وانتهى المتحاورون بمناقشة اسباب تدنيه في الخليج بشكل عام والبحرين بشكل خاص، ويتساءلون كيف يمكن لتقييم التنمية البشرية ان يكون مرتفعا بالرغم من وضع التعليم المتدني؟
ينقسم تقرير التنمية البشرية إلى ثلاثة اقسام رئيسية هي التعليم والصحة ودخل الفرد. وهناك علاقة سببية بين الثلاثة اقسام. معظم دول الخليج حصلوا على تقييم عال في دخل الفرد. غير ان التقييم في التعليم كان متدنيا نسبيا. فمثلا فيما يتعلق بالتعليم فان التناسب بين مخرجات التعليم وفرص العمل تظهر عجزا في قدرة التعليم على مواكبة الفرص المتاحة في سوق العمل. وقد عقب المتحاورون على ذلك بالقول ان التعليم مهمته خلق الاسس التعليمية وتنمية قدرات الانسان الرئيسية واعطاؤه الادوات الضرورية لاستمرار التعلم والتدرب. اما ان تتطابق متطلبات السوق مع مخرجات التعليم فهذا امر لا يمكن تحقيقه بسبب متغيرات السوق وتطور المتطلبات في عالم متسارع. فهل نجح التعليم في تخريج جيل يمتلك هذه الارضية المطلوبة لجعل خريج المدارس والجامعات قادرا على التكيف والتاقلم واعادة التدريب ليتناسب مع متطلبات السوق؟ هذا من ناحية ومن ناحية اخرى هل الاقتصاد قادر على صناعات تخلق فرص عمل ذات مردود وجدوى تجذب وتحفز خريجي الجامعات والمدارس وقادرة على الدخول في المنافسة العالمية وليس الخليجية فقط؟
ان اخفاق التعليم في خلق جيل قادر على المنافسة له اسبابه الكثيرة والمتعددة اورد السادة المنتدبون بعضها. فمثلا يقول الدكتور باقر النجار ان كثيرا من المؤسسات التقليدية القبلية منها والدينية لها تاثير كبير في صياغة قيم المجتمع مما يجعل التعليم عاجزا عن تغيير بعض من هذه القيم. فمثلا من المهم جدا ربط قيمة العمل بمقدار الدخل والتحصيل والترقي. لكن القيم المجتمعية ترسل رسائل مغايرة مفادها ان العلاقة الشخصية والروابط العائلية اهم من التحصيل العلمي والمعرفي.
الحالة الثانية التي ركز عليها المنتدون هي مكانة المعلم في المجتمع. لكي يكون التعليم متقدما لابد من وجود معلمين اكفاء وقادرين على خلق الجيل الجديد. فمثلا في الخمسينيات والستينيات كانت المكانة الاجتماعية للمعلم كبيرة ويحظى باحترام وتقدير كبيرين في جميع المحافل. اليوم التعليم يستقطب العاجزين عن الحصول على فرص افضل. كيف يمكن للتعليم ان ينهض بجيل جديد في الوقت الذي يعاني المعلم من ضيق الحال وقلة الفرص؟ المعلم، كونه الركيزة الاساسية للتعليم، لابد ان يتغير وضعه المادي ليتناسب مع المهن المرموقة في المجتمع ويختص بنوع من التقدير.، ولا يكفي لتحقيق ذلك الاحتفاء بيوم المعلم او الاسلوب الاستعراضي الذي تسلكه وزارات التعليم وغيرها.
فمثلا في زيارة ولي العهد إلى وزارة التعليم في بداية الشهر قيل انها كانت «للوقوف على الاهداف الاستراتيجية التي تعمل الوزارة على تنفيذها في اطار خططها التطويرية للتعليم ومناهجه والاطلاع على ما تم انجازه من مشروع تطوير المدارس والعمل على تحسين مخرجات التعليم كهدف اساسي يتماشى مع متطلبات سوق العمل في المملكة». لكن ما ظهر من الزيارة هو الاطلاع على المعدات والادوات المتوفرة في الوزارة والنظام الالكتروني. لذلك فقد طالبت العديد من المقالات بعرض المشاكل الحقيقية على سمو ولي العهد، مثل وضع المعلم المادي، وطرق التدريس التي تركز على التلقين وتراجع روح الابداع والابتكار لدى الطالب، والمناهج المكتظة.
تبرز هذه المشاكل من خلال النظر إلى تقرير هيئة جودة التعليم، نجد ان 18% فقط من مدارس وزارة التربية هي ممتازة فقط، وما يزيد على 60% مقبول او اقل، ومع ذلك فان وزارة التعليم مازالت تتعامل مع زيارة القيادات بشكل لا يطرح القضايا الملحة التي تعاني. فمثلا رأينا عنوانا كبيرا حول «مسابقة المهارات الخليجية»، بهدف تطوير قطاع التعليم الفني والمهني. اين الفائزون في المسابقات هذه؟ وماذا حققوا؟ تشير الكثير من الدراسات إلى ان مستوى المعلم المهني وقدرته في مادة تخصصه لها تاثير كبير على تحصيل الطلبة. مثل هذا المدرس يحتاج إلى كادر مختلف عن ما هو معمول به في الدولة، لا يمكن ان نحقق هذا المستوى من التخصص والمهنية دون النظر إلى المردود المادي للمعلم والمكانة الاجتماعية له وان نتخلى عن الشكليات والانتباه إلى الجوهر.
القضية الثالثة كانت فرص العمل وتناسبها مع مخرجات التعليم. بين المنتدون ان هذا يتطلب اعادة هيكلة الاقتصاد ليخلق فرص عمل مناسبة مجدية يمكن المنافسة بمنتجاتها عالميا. وقد تطرقنا وغيرنا إلى هذه القضية في الكثير من المقالات والمناسبات. فبدون مشاريع اقتصادية انتاجية معرفية متقدمة ستكون معالجة هذه القضية عملية خاسرة. في هذا الصدد تطرق المنتدون إلى التعليم الصناعي والتدريب ومدى قدرته على تلبية متطلبات السوق. انتهى الحديث إلى انه لا يوجد نظام لصقل المهارات ولا يتوفر صناعات يمكنها ان تستقطب خريجي هذه التخصصات. لكن المقترح الاهم هو ان التعليم الصناعي عليه ان يسهم في اعطاء الطالب المهارات الاساسية القابلة للتكيف
)seicnetepmoceroc( وفق متطلبات السوق. اقترح المنتدون انشاء جهاز تنسيق بين التعليم والسوق يضم في عضويته رجال الاعمال واكاديمين ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة. كذلك اقترح المنتدون انشاء صناعات استراتيجية تستوعب خريجي هذه المعاهد وتفتح آفاق للبحرين والخليج لولوج القرن الواحد والعشرين وتنويع مصادر الدخل. والسؤال الذي طرحه المنتدون هو: ما هي الصناعات الاستراتيجية التي يمكن ان تناسب البحرين والخليج؟

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *