نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. التعليم في ندوة مركز الجزيرة الثقافي

تاريخ النشر :٩ أكتوبر ٢٠١٣ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

مقال الاسبوع- وزارة التعليم تهتم اكثر بالشكليات ولا تنظر الى النتائج

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12983/article/50871.html

 تنفق دول الخليح 60 مليار دولار على التعليم سنويا وتوفر احدث التقنيات المتطورة لمساعدة التلاميذ في الفصول الدراسية، فما هي النتيجة؟ وهل تقاس الامور بمستوى الانفاق وكثرة الادوات المستخدمة؟ وعدد المشروعات؟ المتتبع للاداء في التعليم يجد ان النتائج مازالت متواضعة في أحسن تقدير. لماذا؟ 

 لا يبدو ان الوزارة او اي احد يملك الجواب ولكنه واقع مؤلم، على الاقل في رأي اساتذة افاضل شاركوا في ندوة بعنوان «التعليم الجامعي العام والخاص» اقيمت في مركز الجزيرة الثقافي في 16 سبتمبر 2013 شارك فيها النائب الدكتور جمال صالح بالاضافة إلى اساتذة من الجامعات الخاصة والعامة. في هذه الندوة ركز المتحاورون على ثلاثة محاور الاول يتعلق بـ «المستوى الأكاديمي لخريجي المرحلة الثانوية ومتطلبات الدراسة الجامعية»؛ والمحور الثاني يتعلق بـ «البرامج الجامعية ومدى مواءمتها لسوق العمل» والمحور الثالث يناقش «التناسب بين قدرات ومهارات وسلوكيات الخريجين مع متطلبات وتوقعات رجال الاعمال». خلاصة الندوة ان مدخلات التعليم الجامعي ضعيفة وبالتالي فان تحقيق مستوى عال في التعليم الجامعي يواجه الكثير من التحديات في تطوير مخرجاته. يرى المتحاورون ان الطلبة يجدون صعوبة في الاجابة عن ابسط الاسئلة المتعلقة بتاريخهم وثقافتهم كما انهم بشكل عام ضعاف في الرياضيات واللغة إلى درجة تدعو إلى القلق. برزت من الندوة اربع قضايا تشكل في مجملها قضية مترابطة تعانيها منظومة التعليم. 

 اول هذه القضايا هي ما ورد على لسان احد المنتدين تتمثل في النزعة الدفاعية التي تبرز في وزارة التربية بشكل خاص. فمن واقع شعور الوزارة بالحاجة للدفاع عن برامجها وادائها فانها ترى ان مسئولية جودة التعليم تقوم عليها الوزارة من خلال اربع جهات: اولا هناك اللجنة الوطنية لتقييم المؤهلات العلمية؛ ثانيا هيئة ضمان الجودة؛ ثالثا الامانة العامة لمجلس التعليم العالي؛ رابعا هيئة التدريس التي تتابع الكثافة الطلابية. بالاضافة إلى ذلك فان الوزارة تتابع مخرجات التعليم العالي، وتراقب مؤشرات سوق العمل. لا تتطرق الوزارة إلى مدى فعالية هذه الجهات في رفع مستوى مخرجات التعليم. مازال الاهتمام الزائد بالتاثير الاعلامي للمشاريع والفعاليات. اي ان هناك حاجة لتغيير التفكير في وزارة التربية والتحول من عقلية الدفاع إلى عقلية البحث عن الأسباب وتقييم المشكلة بشكل موضوعي وعلمي يمكن ان يتفق المجتمع من خلاله على حجم وطبيعة المشكلة ونوعية الحلول الممكنة.

 القضية الثانية التي تعانيها الوزارة هي الرغبة في سرد المشاريع التي تقوم بها بدلا من ذكر النتائج مسندة بارقام ومؤشرات اداء متعلقة بالتنمية بشكل مباشر. لبيان هذه الرغبة في سرد المشاريع نورد ما نشر عن زيارة وفد من النواب لوزير التعليم و«استمع لشرح عن المشاريع والبرامج التي تقوم بها الوزارة». لكن لم ينشر عن اي من المؤشرات التي تظهر فعالية هذه المشاريع. هذا لا يعني ان هذه المشاريع غير مفيدة لكن يجب ان يعرف المجتمع النتائج، ومع ان المجتمع لا يُحَمّل الوزارة وحدها الاخفاق في ملاءمة المخرجات لسوق العمل لكن الربط ضروري لتحديد مواطن الخلل. 

 القضية الثالثة تتعلق بوضع المعلم او الاستاذ الجامعي. يرى المنتدون ان تطوير التعليم يحتاج إلى تطوير المنظومة بشموليتها: المعلم والمنهج والطالب والادوات التعليمية. ويرون ان العنصر الاهم في ذلك هو المعلم الذي اصبح الحلقة الاضعف في المنظومة، فراتب المعلم على المستوى الاجتماعي اصبح متدنيا مقارنة بمهن اخرى مماثلة، مما يؤثر على مكانته الاجتماعية وبالتالي اقبال الطاقات الجيدة إلى سلك التعليم. 

 القضية الرابعة هي الاقبال الشديد على التعليم الجامعي، وهذا راجع إلى سببين، من ناحية قلة فرص العمل ومحدودية نوعية الفرص يجعل خيارات خريجي الثانوية العامة قليلة بحيث تجبر الغالبية نحو الدراسة الجامعية. ومن ناحية ثانية فان الثقافة العامة اصبحت تنظر نظرة دونية إلى التدريب المهني وتعطي الشهادة الجامعية مرتبة اجتماعية تجعل الاقبال عليها مستقلا عن فرص العمل ومدى توفرها. وما يزيد من تفاقم المشكلة هو الاقبال على انواع محددة من التخصصات. فمثلا يقول احد المتحدثين في الندوة ان عدد طلبة ادارة الاعمال يفوق الطلب عليه بإضعاف، فكيف يحصل هؤلاء على فرص عمل؟ وهناك تخصصات اخرى تعاني التخمة نفسها. ويتساءل هل هذا نتيجة نقص تخطيط ام ان الاقبال المتزايد على الدراسات الجامعية نتيجة انسداد افق الاعمال في وجه خريجي التعليم العام؟ ونتساءل ما هي فرص عمل خريج ثانوية حاصل على معدل 65%؟ وماهو الراتب الذي يمكن ان يحصل عليه؟ وهل سيقبل به ويتمكن من الزواج وفتح بيت في مستويات المعيشة الحالية؟ هذه الاسئلة الاجتماعية الثقافية التي يجب ان تخضع لدراسة مستفيضة وليس فقط قضية التعليم، ويبقى السؤال ما هي الحلول التي تقدمها الحكومة لمشكلة التعليم بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاص؟ 

 في تقرير وزارة التربية والتعليم لعام 2009 المقدم لليونسكو قدمت الوزارة رؤية تسعى من خلالها إلى أن يكون التعليم العالي في المملكة قادرا على الاستجابة للمتطلبات الوطنية المتعلقة بالتنمية الشاملة في المملكة في إطار مواكبة التقدم العالمي. لكن هل ستقوم الوزارة بترجمة هذه المتطلبات إلى واقع عملي؟ ومع ان وزارة التربية ليست وحدها المسؤولة عن ترجمة هذه المتطلبات إلى واقع فان التقرير المنشور يقدم بعض الرؤى وقد نتطرق إليها في مقال آخر. 

  mkuwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *