نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. الجمعيات السياسية والحد الادنى من العمل المشترك

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

تاريخ النشر 13 اكتوبر 2007

بمناسبة 23 يوليو عقدت بجمعية العمل الوطني الديموقراطي (وعد) ندوة بعنوان اولويات العمل العربي تحدث فيها الدكتور علي فخرو وطرح رؤيته للتمسك بما تبقي من الكرامة العربية والحفاظ على ثرواتنا وحتى وجودنا الذي اصبح مهددا بالانقسامات والحروب الاهلية وتكالب الدول علينا. وحدد الدكتور علي خمس اولويات للعمل العربي اولها نجاج المقاومة والممانعة للمشروع الامريك الصهيوني الذي يرمي الى تفتيت الامة وزرع الفرقة بين المذاهب والطوائف. ثانيا ايجاد ديموقراطية حقيقية لتحقيق تقدم تنموي مستدام. ثالثا قيام جبهة عربية من جميع القوى السياسية الاسلامية والقومية واللبرالية والمستقلة لافشال المشروع الامريكي الصهيوني والاستبداد الرسمي. رابعا احداث تصالح سياسي بين الشيعة والسنة يحفظ لكل مذهب خصوصياته الدينية ويسمح بتوحيد الامة وطنيا وسياسيا والمحافظة على تماسكها. خامسا توطين العمالة من خلال استثمار فوائض النفط لبناء القدارات الانتاجية والبحثية وخلق اقتصاد المعرفة الانتاجية.

بعد هذا الحديث علق عدد من الحضور ورؤساء الجمعيات على الحديث وطرح تساؤل عن ما هي الاليات لتنفيذ هذه الرؤية او على الاقل الحد الادنى المتفق عليه منها مثل الديموقراطية والتصدي للمشروع الامريكي الصهيوني وخلق تنمية اقتصادية قائمة على الاقتصاد المعرفي الانتاجي. واقول متفق عليها لان هذه تبدوا من تصريحات المسئولين في الحكومة والجمعيات السياسية دون استثناء. فالجميع  يتحدث عن الطائفية البغيضة التي تكرسها السياسة الامريكية وبعض الدول المجاورة، والجميع ينادي بالاقتصاد المعرفي، والكل  يؤكد على اهمية الديموقراطية والحرية “المسئولة”. كذلك من الامور المتفق عليها في الجمعيات السياسية هي تخاذل الحكومات في وجه السياسة الامريكية واتهامها بانها تعمل على مصالحها من اجل كراسي الملك والرآسة وما ينتج عنه من تشرذم وتبعية وانقياد للمستعمر الجديد بغية الابقاء على نظام حكمهم. كما تركز على ما ترى في الجامعة العربية من عجز ووهن في المواقف والتوصيات المتكررة. ومع انهم محقون في هذا الاتهام الا انهم وبكل اسى وأسف يقعون في نفس التهمة. 

الاصلاح يتكون من عمليتين هدم وبناء. الهدم يختص بنزع ما هو سيئ ومعرقل ومتهالك في النظام القديم والبناء هي عملية تصحيح الاوضاع ووضع مفاهيم واسس ملائمة تبني مستقبلا وتخلق جيلا. ان عملية البناء تحتاج الى تخطيط وحركة وعمل وجهد، فكثير من الافكار والاستراتيجيات والخطط سواء كانت من الحكومة او الوزارات او من الجمعيات ان وجدت تنتهي في الادراج لعرضها على الضيوف في المناسبات. يبدوا ان الجمعيات السياسية تركز أكثر على عمليات الهدم وانتقاد كل ما تقوم به الحكومات. ومع ان الكثير من انتقاداتهم موضوعية لكن يبقى السؤوال اين جانب البناء في ذلك؟

الجمعيات السياسية القومية في البحرين تقع في نفس الخطأ فهي متشرذمة وتعمل كل منها في معزل عن الاخر ماعدى في المناسبات مثل ثورة يوليو، واذا كان هناك ثمة عمل جماعي وتنسيق مشترك فانه يتم في الظلام لان المجتمع لا يعلم عنه شيأ. توجهت بسؤال الى احد قادة الجمعيات عن امكانية العمل المشترك بين الجمعيات على اسس من المصالح المشتركة والحد الادنى من المبادئ لكي تنتشل المجتمع من اللا مبالاة والسلبية والاتكالية والقيام بالدور الذي تتطلبه الديموقراطية في مساعدة نظام الحكم على تصحيح الاوضاع. فتبين انه كانت محاولة سابقة ولكن سرعان ما اتضح ان المصالح الشخصية والحزبية حالت دون قيام اي نوع من التعاون. وتكرر طرحي على رئيس جمعية اخر وكان الجواب يشير الى ضعف الجمعيات وعدم قدرتها على اتخاذ مثل هذه المواقف.

في مسائل الامن القومي والحالة المتردية التي نحن فيها يتوجب على الجمعيات السياسية القومية ان تتجاوز اختلافاتها واخذ الامور بجدية اكبر والعمل على زراعة بذور الوحدة التي يتغنون بها على مستوى الجمعيات اولا على اقل تقدير، وخلق الزخم الذي تتوق له البلاد العربية لتحريك الجمهور ومن ثم الحكام في اتجاه العمل والحركة والايجابية نحو رؤية ترتكز على متطلبات الامن القومي والتنمية الاقتصادية الانتاجية وما تحتاجه من حرية سياسية وفكرية وحوارية.

في الدول المتقدمة نجد ان الاحزاب السياسية تختلف على الكثير من القضايات ويصل بهم الامر الى تشويه سمعة القيادات وخلق القصص الوهمية في بعض الحالات والتجسس على بعضهم من اجل الحملات الانتخابية ولكن عندما يكون الامر متعلق بالامن القومي والمصلحة العليا نجد ان الاحزاب تجمع على قرار الحكومة وتقف خلفها كما هو الحال في بريطانيا في غزو العراق وحتى في امريكا اجمع الحزبين على قرار شن الحرب على العراق. اين جميعاتنا السياسية من هذه الروح وهذه المسئولية الكبيرة الملقاة على عاتهم لصيانة امننا القومي.

لا يكفي ان نقول باننا دولة صغيرة ولا نستطيع فعل شيى. هذا الكلام مردود عليه، نستطيع ان نفعل الكثير داخل مملكتنا لخدمة قضايانا الداخلية اولا والقضايا الخليجية والعربية. نستطيع ان نجتمع من اجل تنمية اقتصادية مستدامة في البحرين والخليج نستطيع ان نجتمع لخلق قاعدة بحثية تنتشل الاقتصاد من التبعية، نستطيع ان نجتمع من اجل تعزيز قيم الديموقراطية والحرية ونستطيع ان نجتمع من اجل محاربة الطائفية البغيضة. السؤال هل هناك ارادة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *