د. محمد عيسى الكويتي
24-9-2021
الديمقراطية في الوطن العربي
منشور في نشرة جمعية تجمع الوحدة الوطنية شهر اكتوبر
احتفل العالم في منتصف سبتمبر الجاري باليوم العالمي للديمقراطية واحتفلت الدول العربية بهذه المناسبة. نتساءل هل يحق للعرب الاحتفال بهذه المناسبة؟ هل حقا نؤمن بالديمقراطية على مستوى الشعوب والحكومات والتوجهات الدينية والقيادات الفكرية؟ الجواب يستوجب تعريف ماالمقصود بالديمقراطية؟ الديمقراطية في معناها البسيط هي آلية لحل النزاعات بين فئات المجتمع سلميا تجعل السلطة خاضعة لمساءلة المجتمع وخياراته وليست وصية عليه.
تنوعت الممارسات الديمقراطية في العالم وفق مزيج من الفكر والمصالح. تبنت دول شمال اوروبا المسار الاشتراكي الاجتماعي ووضعت للمواطن شبكة من الحماية يتحملها المجتمع لتامين حياة كريمة للمواطن. وتبنت امريكا الفكر الرأسمالي اخضع الديمقراطية لسطوة المال وسعت الفجوة بين الفقر والغنا ذهب ضحيتها كثير من القيم الديمقراطية وحقوق الانسان.
ماذا عن الدول العربية؟ كيف تفهم الديمقراطية وماهي الممارسة العملية المناسبة للمنطقة؟ للاسف ولاسباب عدة، لم يتمكن الوطن العربي من تهيئة البيئة المناسبة للديمقراطية. او الاتفاق على نظرية مناسبة للحكم تضمن الحقوق وتحدد الصلاحيات. بل اخذت الحكومات موقفا نديا من المجتمع عملت على اضعافه بشتى الوسائل فحدت من قدرته على تنظيم نفسه. هذا الوضع ادى الى ضعف القدرة على معالجة القضايا الخلافية في المجتمع وفيما بين المجتمع والدولة. وعندما اندلعت الانتفاضات في الوطن العربي في 2011 في محاولة لاصلاح الخلل البنيوي تحول الى صراع دموي استغلته قوى كثيرة من بينها دول عربية لا تريد للديمقراطية ان تتجذر في المنطقة. حدث ذلك بسبب ضعف المجتمعات في تنظيم نفسها والانقسامات الدينية والمذهبية والاستغلال الغربي.
مستقبل الديمقراطية مرتبط بقوة التكتلات التي تمثل المجتمع واهمها تأسيس احزاب سياسية تمثل مصالح المجتمع تعمل على كسب ثقته وتقوية آلياته في مساءلة السلطة التنفيذية واستبدالها سلميا. الى حد الان لم يتجذر هذا المفهوم في الوطن العربي ومازال يعالج قضاياه بالعنف والغلبة. وتبقى المسألة الاهم كيف يخلق المجتمع احزاب فاعلة قادرة على تمثيله وخلق توازن فعال مع السلطة يؤمن مصالح فئات المجتمع دون اللجوء الى العنف والتسلط. فهل هي قضية سياسية ام اقتصادية ام اجتماعية ثقافية فكرية تصطدم مع مفاهيم دينية؟