بقلم: محمد عيسى الكويتي
السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ – 02:00
مقال الاسبوع – طموحات المجتمع في الرؤية تركزت على التعليم والصحة والضمان الاجتماعي ونصت على ان تقدمنا ليس بالسرعة الكافية للحاق بالاخرين. وبالتالي هناك حاجة الى اصلاحات متكاملة على مختلف الاصعدة والابعاد. فكيف تناولناها؟ واين نحن الان منها؟ هل حققنا مجتمع يقوم على الجدارة والموهبة؟ ومجتمع عادل وزدهر ومتكاتف؟ وما تاثير المساواة والخصخصة والعمالة الوافدة على النسيج الاجتماعي؟
https://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1365164
المرسل الى الجريدة
الرؤية 2030 محور طموحات المجتمع
تناولت الرؤية 2030 ثلاث محاور هي الطموحات الاقتصادية والطموحات الاجتماعية والطموحات الحكومية. في مقالاتنا السابقة (13-23 مارس 2024 و 13 ابريل 2024 اخبار الخليج) تناولنا الاهداف الرئيسي والطموحات الاقتصادية. في هذا المقال سوف نتناول الطموحات الاجتماعية، ونرى كيف تعاملت الرؤية معها وماهي النتائج التي تحققت وكيف تم متابعتها.
قبل ان نناقش محور الطموحات الاجتماعية لا بد ان نذكر ان الرؤية وضعت شرطين للنجاح في الثلاث محاور، الاول ينص على ان “الاسراع في وتيرة تنفيذ الاصلاحات، من أجل الاستفادة من الفرص العديدة التي تتيحها معدلات النمو الإقليمي العالية، فالسرعة التي نعمل بها ليست كافية لمجاراة الآخرين وليست كافية لتحقيق التميُّز”. هذا يطرح السؤال الى اي مدى غيرت الرؤية من السرعة لمجارات الاخرين خلال السنوات الماضية؟ وماذا كانت النتائج وكيف قيمناها وتابعناها؟ وما هي التحديات التي مازالت تتطلب مزيد من الجهد؟ اما الشرط الثاني فهو ان الرؤية نصت بالتأكيد على “الحاجة الى اصلاحات متكاملة”. نفهم من التكامل في الاصلاحات ان تشمل جميع جوانب الحياة وابعادها المؤسسية والهيكلية على جميع المستويات والابعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. وهذا توجه سليم واساسي يستدعي ان نتابع نتائجه التي اثرت في تحقيق الاهداف وتحسين جودة الحياة. وان تَبْني رؤية 2050 على هذه النتائج. ويمكن ان نرى العفو الملكي السامي في هذا السياق، كونه بادرة هامة وحكيمة في طريق الرؤية 2050.
فيما يتعلق بمحور “طموحات المجتمع” فان الرؤية تسعى الى خلق مجتمع يقوم على الجدارة والموهبة ووضعت لذلك ثلاثة اهداف تنبثق من الغاية “خلق مجتمع عادل ومزدهر ومتكاتف”. الهدف الاول ينص على “مستوى عالٍ من المساعدات الاجتماعية يعطي جميع البحرينيين فرصا متكافئة”. والهدف الثاني يتعلق ” بتقديم رعاية صحية عالية الجودة مع فرصة الاختيار بين اكثر من جهة، ومراقبة المخاطر الناجمة عن الزيادة السكانية” والهدف الثالث يتعلق “بتوفير اعلى مستوى ممكن من التعليم يمكن الطلبة من الحصول على المهارات المطلوبة لتحقيق طموحاتهم”. تشترك هذه الاهداف الثلاثة في خلق مجتمع يقوم على الجدارة والموهبة. ركز المجال الاجتماعي على ثلاث جوانب هي التعليم والصحة والضمان الاجتماعي. وهذه جوانب مهمة لبناء رأس المال البشري، غير انها بحاجة الى زيادة الحديث عن رفع مستوى المعيشة بشكل اكبر لتحقيق رأس مال اجتماعي يكرس ويعزز الثقة في المجتمع ويرفع القدرة على الانتاج والابتكار والابداع ويفتح مجالا اكبر لزيادة المشاريع الريادية. تتفرع هذه الاهداف الى ثلاث مستهدفات تتلخص في تامين الرعاية الاساسية، تامين المساواة، وضمان فرص متكافئة لجميع البحرينيين. وفق الرؤية تتحقق هذه المستهدفات من خلال الدعم الاسكاني لمن هم في امس الحاجة اليها، دعم المواهب وتنميتها في جميع المراحل التعليمية، وتشجيع التبرعات في الاوجه الخيرية. وضعت الرؤية مؤشر اداء لهذا الهدف هو “نسبة الاسر التي يزيد دخلها على الحد الادنى للدخل” الذي تحدد في ذلك الوقت ب 336 دينار، ونرى ان هناك حاجة الى مؤشرات اخرى لتقييم باقي المستهدفات بما يتناسب مع تطلعات الدولة والمجتمع. في الرؤية 2050 سيكون من المجدي وضع مؤشرات لقياس جميع المستهدفات السابقة واللاحقة واهمها تكافؤ الفرص والمساواة ومستوى المعيشة ومدى تقدمنا فيها. فمثلا من بين المبادرات التي وُضعت في 2030 هي دعم المواهب وتنميتها في جميع المراحل التعليمية، غير ان الرؤية لم توضح كيف سيتم تقييم هذا الدعم وتنميته.
اليوم وبعد 15 سنة هناك مستجدات على المشهد الاجتماعي يتطلب اعادة النظر في بعض من هذه الاهداف. فمثلا ارتفعت وتيرة الخصخصة في التعليم والصحة، فماهو تاثيرها على تكافؤ الفرص والمساواة في المجتمع وجودة الخدمات العامة مقارنة بالخاصة، وما تاثير ذلك على فرص العمل للبحرينيين وعلى النسيج الاجتماعي، والى اي حد تؤثر هذه الظاهرة في بناء رأس المال البشري والاجتماعي متجانس ومتماسك، وكيف ستتم عملية التقييم والدراسة؟
من اهم ما ورد في الرؤية 2030 موضوع مستوى المساواة في الدخل وتكافؤ الفرص. التقدم في هذه المستهدفات له تأثير كبير على بناء رأس المال الاجتماعي لمساهمتها الكبيرة في تعزيز الثقة في المجتمع والتقليل من امراض فردية ومجتمعية مثل الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية، كما تُبين العديد من الابحا ث العلاقة بين المساواة في الدخل والتعليم وتكافؤ الفرص وبين العديد من القضايا الاجتماعية والامراض التي تتاثر بالمساواة في الدخل والتعليم وفي الحصول على الفرص وفق معيار الكفاءة والجدارة، كما ورد في كتاب الميزان الزئبقي (The Spirit Level) للكاتبان (Wilkinson and Picket, 2010). لذلك نرى ان يستمر هذا التركيز في رؤية 2050 وتوضع لها المعايير والمؤشرات الملائمة.
بشكل عام في سعينا لوضع رؤية 2050 نحتاج الى تحليل عميق يشترك فيه اكبر قدر ممكن من شرائح المجتمع لابراز التحديات التي واجهت تحقيق اهداف الرؤية 2030 ومعرفة اي معوقات اثرت على تحقيق هذه الاهداف ووضع المعالجات المناسبة، وهذا ما بينه سمو ولي العهد. قد يتطلب الامر الى اعطاء جانب المستهدفات والمبادرات والمؤشرات مزيد من الجهد نحو التكاملية وان تشمل جميع الجوانب المؤثرة في النتائج. فمثلا تكلمت الرؤية عن بناء وتوسعة الطبقة الوسطى، هذا جانب مهم ينبغي وضع الاستراتيجيات والبرامج لرفع مستوى وفاعلية الطبقة الوسطى بعد تحديد فاعليتها اليوم. كما ان المؤشرات الخاصة بالتعليم تتطلب ابراز لتقديم صورة واضحة عن تطور التعليم ومدى مواءمته مع سوق العمل وحاجة المجتمع.