نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

١٣ يناير ٢٠٢٢ 

مقال الاسبوع – انتخابات الدورة السادسة على الابواب فكيف تطور #مجلس_النواب وعلاقته بمجلس الشورى. لماذا لا يتحرك المجلس في تطوير التجربة الديمقراطية، لماذا يتراجع اداؤه وتتناقص صلاحياته. مسئولية من تطوير وتقوية المجلس؟ هل رئأسة المجلس تشعر بالمسئولية؟ ام هي مسئولية الاعضاء ام الدولة ام المجتمع؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1281428

في استقبال جلالة الملك رئيسي مجلس النواب والشورى بمناسبة العيد الوطني، اوضح جلالته ان الدور المحوري للسلطة التشريعية هي الارتقاء بالعمل الوطني وتعزيز المسيرة الديمقراطية والدفاع عن المصالح العليا للوطن وتحقيق تطلعات المواطنين. واشاد بكل من يدافع عن المكتسبات الوطنية وحمايتها والمتمثلة فيما يطرحه الرأي العام والنشاط الصحفي. في هذه المناسبة وفي كل مناسبة وطنية ينبغي ان تراجع الامة مكتسباتها وتكون صادقة مع نفسها في التقييم والتحليل لكي تحقق التقدم الذي يخدم الوطن والمواطن ويلبي طموحاتهم. والسؤال الذي نرى على السلطة التشريعية التصدي له الان هو هل تمكن مجلس النواب والشورى من الارتقاء بالعملية الديمقراطية وحقق رؤية جلالة الملك وتطلعات المجتمع؟ لا بد ان ترتكز عملية التقييم على رأي المجتمع وعلى التقدم الذي احرزه في تكريس مبادئ الديمقراطية والحريات العامة والمساءلة وحماية المال العام، وتاثيرها على التنمية الشاملة المستدامة ومتطلباتها من حرية الفكر والابتكار.

الحديث عن مجلس النواب يجرنا الى عدد من القضايا التي يتطلع لها المجتمع منها رفع مستوى المعيشة والمحافظة على المكتسبات لفئات المجتمع مثل المتقاعدين والعاطلين وحقوقهم في العمل. كما كرس الميثاق والدستور مبادئ وقيم من اهمها مسئولية تطوير التجربة الديمقراطية والمشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية وقيم التعاون والتسامح. وان الغاية التي ابرزها الميثاق هي تحقيق المساواة والعدالة وصولا للدولة المدنية الحديثة القائمة على المؤسسات والقانون وتكافؤ الفرص. في كل من هذه القضايا هناك تطورات حدثت في الفترة من 2002 الى اليوم. هذه التطورات تحتاج الى تقييم موضوعي مبني على الاسس التي وضعها الميثاق والدستور، واتضحت في خطابات جلالة الملك وما ينشره المواطنون والمقابلات التي يجريها النواب ورآسة المجلس والتصريحات التي تطلقها مختلف القيادات. وبالتالي فان الحديث عن المجلس والتقييم الذي نطمح له ينطلق من هذه المفاهيم والقيم ومدى تحققها في المجتمع واين تكمن جوانب القصور وتاثيرها على تطور المجتمع ومستوى المعيشة والحياة العامة.  

في ندوة في الصحافة المحلية لتقييم اداء مجلس النواب بعد 3 سنوات شارك فيها برلمانيون وسياسيون تمحور الحديث فيها عن غياب البرامج السياسية والعمل الجماعي والتكتلات البرلمانية داخل مجلس النواب. يرى المنتدون ان المجتمع وضع توقعات عالية لاداء النواب الامر الذي يعكس “قسوة ردود الفعل في بعض المحطات او على بعض الاخفاقات في تحقيق رغبات وتطلعات المواطنين”. ويرى المشاركون ان بعض النواب غرق في تفاصيل او في ملفات خدمية مناطقية. كذلك رأى البعض ان تحجيم النواب لصلاحياتهم على مدى اكثر من فصل تشريعي بتعديل اللائحة الداخلية انعكس سلبا على قوة واداء المجلس.

اكد المنتدون ان مسئولية تقوية المجلس تقع على عاتق الجميع، بدءأ من المجتمع والمجلس نفسه الذي تقع عليه اعادة النظر في اللائحة الداخلية وفي تعديل بعض التشريعات لتقوية ادواته الدستورية. كما يرى المنتدون اهمية مساهمة السلطة التنفيذية في التعاون مع المجلس في البحث عن سبل تقويته كونه يمثل حجر الزاوية في المشروع الاصلاحي ومن المؤسسات في تطوير عمل السلطة التنفيذية ومساعدتها في الحد من التجاوزات وشبهات الفساد. العملية الديمقراطية هي مسيرة لا بد ان يعمل الجميع على تقويتها تدريجيا لكي تخدم الغاية منها وهي المشاركة الفاعلة في السلطة لبتحمل المجتمع مسئولياته في التنمية الشاملة المستدامة.

برزت من الندوة قضايا تستحق المناقشة على مستوى المجتمع، اولا المسئولية عن تطوير البرلمان، ثانيا نسبة الاعضاء المستقلين في تركيبة المجلس ثالثا غياب التخطيط طويل الامد رابعا ضعف المجالس البلدية وتداخل عمله مع النواب. فمثلا يقول النائب السابق عيسى تركي بان المجالس الخمسة من 2002 الى الان لم تلبي طموح المجتمع في تعزيز مكتسباته والبناء عليها. ويواصل بان اضعاف المجلس يضر بالمسيرة الديمقراطية ويهدد الامن الوطني والسلامة المجتمعية. ويرى ان “المجتمع كله (بما فيه السلطات الثلاث التي تمثله) مسئول عن تقوية او اضعاف البرلمان. والمسئولية تقع بشكل مباشر على آليات ادارة المجلس النيابي وادارة العمليات الانتخابية والانظمة والقوانين التي تخضع لها”. ويرى ان تكوين المجلس نفسه الذي تغلب عليه نسبة الاعضاء المستقلين تساهم في اضعافه.

فوفق المستشار السياسي الدكتور احمد الخزاعي “ان غياب الاستمرارية والتراكمية في العمل البرلماني” اضعف المجلس. والمقصود انه منذ الانتخابات التكميلية في 2011 ساد في المجلس الاعضاء المستقلين وليس الجمعيات السياسية. النواب الافراد مهما كانت مهارتهم فانهم افراد لا يملكون الاجهزة والادوات التي تمكنهم من متابعة المشاريع من دورة انتخابية الى اخرى. كما ان تجربتهم تنتهي بانتهاء عضويتهم في المجلس. بسبب العضوية الفردية غاب اي نوع من التخطيط طويل المدى والقدرة على متابعة المشاريع والبناء عليها، والاستفادة من كوادر الجمعيات في دعم المرشحين. لا توجد رؤية للجمعيات السياسية الحالية ولا تقوم بعمل منظم يدعم النواب بشكل او بآخر. والسبب ان الجمعيات نفسها ضعيفة وتحتاج الى دعم مادي وتيسير المشاركة في عضويتها. لكي تستطيع وضع برامج سياسية فانها تحتاج الى امكانات مادية وبشرية، وهذا الان في تناقص يهدد وجودها. حضور الكتل يعتمد على قدرة الجمعيات على استقطاب الكوادر وجمع المعلومات وعمل الدراسات وصياغة مقترحات بقوانين وهذا غير متيسر لها في الوقت الحالي، فكل هذا العمل يتطلب موارد مالية وكوادر بشرية وتسهيلات تشريعية. وبدون دعم مادي سخي من الحكومة فان المسار يتجه الى الاضعف.

نخلص من ذلك الى ان تطوير العملية الديمقراطية كهدف ملكي ومجتمعي وبرلماني ينبغي ان يكون اولوية رئيسية تتشبث بها الرآسة في مجلسي النواب والشورى، وان تضع له الخطط والمشاريع والبرامج لتنميته. وهذا يعني احداث مراجعات للنظام الانتخابي وللعلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية ومراجعة العلاقة بين مجلس الشورى والنواب. انشغال المجلس بالاحداث العادية اليومية لا يخدم المسيرة التنموية على المدى البعيد، فقد بدأ المواطن في الشعور بالاحباط ورفض حتى وجود المجلس. وهذه ظاهرة لا تعبر عن تقدم في العملية الديمقراطية كما انها تضر بمصالح المجتمع وبالامن الوطني.

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *