نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

14 أغسطس 2023

مقال الاسبوع – سياسة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تبدأ برؤية واضحة وبيئة مناسبة لكن الاهم نظام تعليم لا يعتمد على التلقين والحفظ. بل تعليم يحفز العقل بالتفكير الحر والابتكار والابداع. غرفة التجارة تحتاج الى الاهتمام الخاص بالشركات الصغيرة والمتوسطة. يبدو ان هناك عامر خوف وتردد يحتاج الى التغلب عليه كي يتجذر النموذج البحريني.

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة .. التحديات والفرص (2)

تطرقنا في المقال السابق الى سرد بعض التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكذلك الشركات الناشئة وحاجتها الى التمويل الميسر و الاندماج في سلاسل انتاج وتزويد الشركات الكبرى، والحاجة الى امتلاك متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والثورة الرقمية وما يمثله ذلك من اشكاليات سيواجهها الشباب المبادر في المستقبل القريب. ونواصل في هذا المقال مناقشة الاشكاليات والتعامل معها.

بالاضافة الى وضوح الرؤية وتحديد المدخلات والمخرجات يرى العبيدلي ان من اهم العقبات لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة هي نظام التعليم. لا يمكن النجاح في التحول وتحقيق مخرجات مبدعة بنظام تعليم تقليدي مدخلاته تلقين. تطوير التعليم يخلق البيئة الصالحة والارضية الملائمة للاستعداد للمرحلة القادمة القائمة على متطلبات الثورة الصناعية والتحول الرقمي. الامر الاخر ان النموذج البحريني دحظ فكرة الشكوى من ان صغر السوق يعيق الريادية، فقد اخرج عدد من الحالات الناجحة بما فيه الشاب البحريني الذي عرَّب تطبيق وندوز في شركة ميكروسوفت.

بالاضافة الى جودة التعليم يتطلب تطوير النموذج الى رعايه من ثلاث جهات، اولا الدولة، ثانيا غرفة التجارة والصناعة ليكون النموذج جزء من علاقاتها العربية والدولية وجزء من برنامجها وثقافتها، وثالثا ان يتحول رائد العمل او رجل الاعمال البحريني الى حالة مستقلة تعمل ضمن المنظومة البيئية. واخيرا ان تلجا هذه الثلاث جهات الى العمل مع مكتب اليونيدو في تعاون متبادل وبيئة منفتحة تسمح بالحوار والنقاش وتبادل الاراء. وان يقوم كل في مؤسسته بالاستفادة من النموذج البحريني وتطويره.

يرى المتداخلون ان البرامج المقدمة كانت جيدة خصوصا اذا كانت مازالت قائمة، وان المشكلة تكمن في ابتعاد القطاع الخاص عن دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة على عكس ما يحدث في الاتحاد الاوروبي. فمثلا تتكون الغرفة من نخب عبارة عن شركات تجارية كبيرة بعيدة عن مشاكل وتحديات الشركات الصغيرة والمتوسطة او الناشئة، وبالتالي هناك حاجة الى هيئة او غرفة اخرى تعنى بمشاكلهم. فمثلا النموذج البحريني يشمل عدة جهات رسمية، لكن مساهمتها في دعم المستثمر البحريني لم يجر تقييمها وتاثيرها على الشركات او على الاقتصاد؟ ثانيا الشركات الكبيرة في البحرين لها طابع احتكاري تتوسع عاموديا وافقيا دون يحد من فرص للشركات الصغيرة والمتوسطة في الاندماج معها في سلاسل الانتاج والتموين. هناك اذا حاجة الى مشاريع تحافط على استمرارية الشركات الصغيرة والمتوسطة، تساعدها في التصنيع والتصدير كما تنادي وزارة التجارة والصناعة ويحث رئيس الغرفة. لذلك يرى البعض ان النموذج البحريني لم يتجذر بحيث يستفاد منه داخليا وخارجيا.

كذلك يفتقد المبتدئ (رائد الاعمال الجديد) الى من يرشده وياخذ بيده متى ما تعثر، خصوصا في غياب شبكة حماية من الضمان الاجتماعي. غير ان اهم ما يواجه ريادة الاعمال هي توفر تمويل ميسر يتناسب وقدرات الشاب المبتدئ وملائمة لمتطلبات الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. في الوقت الحالي ماهو متوفر غير كافي لا من حيث نوعية الدعم ولا المدة الزمنية ولا المتطلبات لاستحقاق الدعم، وقد يكون غير مناسب لكثير من الرواد الشباب لا توجد ترتيبات تمويلية خاصة. يرى الحضور ان من مسئولية الدولة والقطاع المالي تقديم حلول مبتكرة تدعم هذا القطاع الهام من الاقتصاد، وتعمل على تنمية هذه الشركات نحو الريادة والنجاح بما فيه تغيير في الانظمة والتشريعات التي تحد من مشاركتها في المناقصات والمزايدات.

كذلك يرى الحضور وجود قصور في التشريعات مما يُعرض المستثمر او رائد الاعمال الى المنافسة والمضايقات التي تحد من نشاطة، هناك حاجة الى تشريعات تعطيه افضلية على المستثمر الاجنبي للحد من منافسته للمستثمر البحريني، ومن المفيد ان يوضع حد ادنى لدخول المستثمر الاجنبي لكي لا يدخل بمبالغ زهيدة لا تفيد الاقتصاد وتنافس الشباب البحريني وتعرض من هم في السوق الى الافلاس. ايضا من القضايا الهامة لمساعدة الرياديين هي التدريب الموجه، الحديث عن قصور في التعليم وجودة مخرجاته يطول، لكن الوضع الحالي يحتاج الى حلول عملية سريعة من خلال برامج تدريب موجهة تدعم المستثمر البحريني وكذلك الباحث عن عمل.

يضيف الحضور ان النموذج البحريني معروف وتم تطبيقه في كثير من الدول، لكن هذه الدول تقدمت به وتجاوزتنا. يبدو ان هناك عنصر خوف وتردد لدى بعض المسئولين والمستثمرين تحد من الانطلاق بالنموذج وتطويره. تجاوز عقدة الخوف والتردد ستساعد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على تنمية الاقتصاد والاستفادة من قدرتها في خلق فرص عمل اكثر واسرع من الشركات الكبيرة التي تعمل على تقليل العمالة لديها.

خلاصة القول ان هذه التحديات تتطلب التعامل معها وخصوصا التمويل الذي يعتبر، وفق الحضور، اهم عقبة في نمو هذه المؤسسات وتنوع انتاجها. الامر الاخر الحاجة الى برامج تدريب في المجال المالي لرواد الاعمال او في التقنيات المالية. فماتزال هذه الصعوبات تعطل بعض المشاريع وتتسبب في فشلها. هذا يقودنا الى ان الخوف من الفشل هو احد التحديات التي تواجه رواد الاعمال المبتدأين. الخوف من الفشل لا يقتصر على الشباب بل حتى المتقاعدين الذين يملكون الخبرة ورأس المال في بعض الحالات. وجود شبكة حماية تناسب رواد الاعمال وتقدم الدعم عند التعرض للفشل سيكون لها اثر كبير في المساعده لتجاوزأثار الخوف.

الملاحظ، وفق الحضور، ان معظم المشاريع التي يتبناها الرواد هي تجارية وليست صناعية. هذا يعكس طبيعة المجتمعات الاستهلاكية وعقلية الاقتصاد الريعي. كما ان معظم المشاريع تتوجه نحو السوق المحلي دون التفكير في ريادة الاسواق الخارجية والتصدير. القدرة على التصدير تعتمد على طبيعة المشروع، لذلك لا بد من تحول فكري وثقافي وتمويلي يقبل المخاطر والتوسع الى العالمية وبالذات منطقة الخليج والمنطقة العربية المجاورة. فما هي متطلبات مثل هذا التوجه وماذا علينا القيام به؟ للاجابة على هذه الاسئلة، نادى المحاضرون والمتداخلون استمرار الحوار في جلسة مماثلة لمناقشة مخرجات هذه الندوة وغيرها للخروج بافكار وتوجهات تدفع بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في اخذ دورها في التنمية وخلق فرص عمل ورفع مستوى المعيشة.

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *