نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٢٣ يونيو ٢٠٢١

مقال الاسبوع – “المجالسالتنسيقيةوالتكاملالخليجي” – تسعى كل من السعودة والامارات الى التوجه نحو تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط، لم تلاقي الى الان النجاح المرجو ولكن الرؤيى والمشاريع تسير في هذا الاتجاه. نحتاج الى مثل هذه القاطرة لنقل باقي دول الخليج الى التنويع والتكامل. في انتظار الاصلاح السياسي كون النجاح سوف يعتمد على مدى تطوير التعليم والمؤسسات الرقابية والتشريعية والشفافية وقدرة المجتمعات على المساءلة. التنسيق السعودي البحريني يحتاج ان يماثله تنسيق اماراتي بحريني. فكيف يتم التنسيق البحريني الاماراتي وعلى اي مستوى؟ وهل هناك لجان مماثلة مع الجانب الاماراتي يتم التنسيق معها وعلى اي مستوى؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1255618

ينشغل الكثير من مفكري الامة العربية وقادتها السياسيين والاقتصاديين بالبحث عن مخرج لما اجتاح الامة من صراعات وما نتج عنها من تراجع مادي وفكري وعلمي بلغ اوجه في اعقاب 2011 بالرغم مما تمتلكه الامة من امكانات بشرية ومادية هائلة. اليوم هناك تطورات على المستوى الاقتصادي في دول الخليج يمكن ان تمثل قاطرة تدفع بالامة الى مستوى افضل من التلاحم وترفع مستويات الطبقة الوسطى، وقد تتمكن من خلاله ان تدفع نحو مستقبل ارحب. تقود هذه التطورات كل من المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، وقد نوهنا عن ذلك في معرض الحديث عن التنوع الاقتصادي (اخبار الخليج 5 مايو و 2 يونيو 2021).

مناسبة الحديث هو ما نشر عن اجتماع  وزراء الخارجية بمناسبة مرور 40 عام على تاسيس المجلس والحديث عن التكامل الخليجي (الاقتصادي) المنشود. قد لا يكون هناك تقدما ملموسا في هذا المجال على المستوى الرسمي، ولكن التوجه الذي تنتهجه السعودية والامارات قد يفتح مجال واسعا لتحقيق نوع من التكامل الاقتصادي اذا ما استغلت الدول الخليجية الاخرى (وحتى الدول العربية) ذلك ووضعت استراتيجيتها التنموية بناء على ما يحدث عمليا على الارض في هتين الدولتين. في تصريح لرئيس الغرفة البحريني السيد سمير ناس يقول بان اقتصاد الخليج بلغ 1.6 تريليون دولار في 2019 وان الانفاق الحكومي وصلع 560 مليار دولار سنويا. هذا مهم بطبيعة الحال لكن الاهم هو مانسبة مساهمة الصادرات السلعية والخدمية غير النفطية في هذا الناتج وما حصة العمالة الوطنية في هذا الانتاج، وما نصيب الطبقة المتوسطة والفقيرة منه. حيث ان التنوع في الانشطة غير النفطية سيقود الى تكامل خليجي يوازن التنافس في قطاعات النفط والغاز.

في اجتماع بتاريخ 25 ديسمبر 2020 تم تشكيل مجلس تنسيقي على مستوى عالي (برآسة سمو الامير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وسمو الامير سلمان بن حمد، ولي العهد البحريني)، على اثره تم تشكيل فرق تنسيقية وزارية للاستفادة من المشاريع التي تقام في السعودية وربطها بالاقتصاد المحلي. من هذه اللجان لجنة التنسيق الاقتصادي والتجاري والصناعي، ولجنة التسيق السياحي و لجنة التنسيق الاستثماري والبيئي والبنى التحتية. من بين اهداف الاجتماع واللجان المنبثقة عنه “تعزيز التكامل الاقتصادي والاستثماري ودعم الصناعات الوطنية وتعزيز التجارة البينية والامن الغذائي”. السؤال الان ماهي الاليات التي سوف توضع لتحقيق هذه الرؤية الطموحة خصوصا وان دول الخليج وصلت الى قناعة بان النفط غير مستدام ولا بد من ايجاد تنويع اقتصادي يؤمن مستقبل المنطقة؛ والسؤال الثاني كيف ستتمكن البحرين من الاستفادة من التقدم الاقتصادي في المنطقة. لا يكفي ان توضع لجان تنسيقية بل ينبغي ان تكون هناك رؤية واضحة وآليات تواكب التطورات وبقيادة حكومية حثيثة ليس فقط لخلق البيئة المناسبة ولكن كذلك لتحديد المجالات واخذ المبادرة بالمشاريع الكبرى التي تيسر التكامل مع كل من المملكة والامارات.

هذا يعني ان هناك حاجة الى إحداث تغييرات في المدخلات التي يحتاج اليها التكامل الاقتصادي الخليجي، اهم هذه التغيرات وبشكل رئيسي تكون في التعليم الذي اصبح يحتاج الى تحولات في المناهج وطرق التدريس والتعليم العالي لتواكب متطلبات الابتكار والريادة. ماحدث في السعودية من تحول من حيث ادخال مادة الفلسفة والتفكير النقدي ورفع مستوى الاستثمار في البحث والتطوير، نحتاج ان نواكب هذه التجربة في اطار تطوير قدراتنا الابتكارية. وضعت السعودية الخطة الخمسية العاشرة في 2014 وتلتها في 2016 بوضع الرؤية 2030 مما يعطينا مجال لتحديد مسارنا بما يتلاءم ليس فقط مع ما ورد في الرؤى، ولكن وهو الاهم مع ما تحقق ويتحقق عمليا على ارض الواقع من مشاريع في المدن الصناعية والعلمية. فمثلا منذ 2007 تم وفق خالد سليمان وكيل وزارة التجارة والصناعة انفاق 16 مليار دولار على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للصناعة.

بالاضافة الى ذلك هناك فرص صناعية وخدمية ولوجسيتية في الامارات كما في السعودية تحتاج الى وضع استراتيجية بحرينية على مستوى عالي للاستفادة منها. فمثلا التوجه الاماراتي يسير نحو الصناعة وعلوم الفضاء والتكنولوجيا المتقدمة والخدمات اللوجسيتية والسياحة (مقدر ان يصل حجم قطاع السياحة فقط الى 1.17 مليار دولار في 2030). كما تم تشكيل مجلس تنسيق سعودي اماراتي في 2016 مكلف بخلق تكامل وتعاون بين المملكة والإمارات عبر مشاريع استراتيجية مشتركة، من ضمن أهداف التنسيق تعزيز تكامل المنظومة الاقتصادية بين البلدين وبناء منظومة تعليمية متكاملة لإعداد أجيال على درجة عالية من الكفاءة.

ان تشكيل المجلس التنسيقي بين البحرين والسعودية، وتوفر تنسيق مماثل مع الجانب الاماراتي يكون لدينا فرصة الاستفادة من اكبر اقتصاديات المنطقة. واستثمار ذلك سيتطلب رصد لما يحدث على الارض من خطوات وفق الخطط والرؤى التي وضعتها البلدان، وربط التخطيط البحريني بهذه المبادرات واعتبارها مدخلات للخطة البحرينية ينبغي التنسيق معها. قد يحتاج ذلك الى اعادة النظر في الرؤية البحرينية 2030 وتكييفها وفق ما تحقق من خطط في البلدين. ذلك ان تحقيق الاستفادة سيتطلب المشاركة بين القطاع الخاص والعام وان تاخذ الحكومة دورا قياديا خصوصا في المشاريع الكبرى التي لا يحبذ القطاع الخاص ارتيادها.

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *