نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

المنتدى الاقتصادي النيابي والتحديات القادمة (1-3)

http://media.akhbar-alkhaleej.com/source/15111/images/Untitled-1.jpg

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٠٧ ٢٠١٩ – 01:00

مقال الاسبوع- المنتدى الاقتصادي النيابي فرصة لتوحيد الرؤى حول القضايا الاقتصادية وطرح بدائل التنويع الاقتصادي الذي هو هدف يتجدد منذ عقود. فكيف حدد المنتدى التحديات وكيف سيواجهها. هذا ما توقعناه من مثل هذا المنتدى ونامل ان لا يكون اللقاء الاخير.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1178016

بسبب ارتفاع الدَّين العام وتدهور ايرادات النفط بدأت دول الخليج والبحرين بشكل خاص تتحدث عن تنويع مصادر دخل الدولة وتنويع الاقتصاد بشكل عام. لكن في الواقع مشكلة التنويع بدأت منذ الثمانينيات، غير ان الدعوة تجددت واشتدت في الآونة الاخيرة مع تدهور اسعار النفط الاخير. صدرت دعوات إلى عقد حوار وطني حول الموضوع والكاتب احد الداعين في عدد من المقالات. 

بادر مجلس النواب بدعوة إلى حوار في شهر ابريل الماضي، لمناقشة الوضع الاقتصادي في البحرين وتقييم المنظومة التشريعية الحاكمة لهذا الوضع، وقد ضم المنتدى كلا من الحكومة ومجلسي النواب والشورى وغرفة تجارة وصناعة البحرين وعدد من الجمعيات المهنية والتخصصية والهيئات الاقتصادية؛ لمناقشة الوضع الاقتصادي في البلد وطرح التحديات التي تواجه البحرين ووضع ملامح المسار الذي يمكن اتخاذه للانتقال الى اقتصاد مستقل عن النفط يعتمد على انتاجية الموارد البشرية وعلى قدراتهم المعرفية. السؤال هو لماذا اقيم هذا المنتدى؟ وما هي الغاية من المنتدى؟ وما هي الاهداف والنتائج المرجوة؟ وهل هذا المنتدى كاف لتحريك المياه الراكدة وإحداث التغيير في مسار التنمية؟ 

الحكومة بطبيعة الحال تعبر عن وجهة نظر رسمية، وغرفة تجارة وصناعة البحرين تمثل وجهة نظر القطاع التجاري في البلد وهي فئة من المجتمع لها مصالح خاصة بها وتحتاج الى نوع معين من المؤسسات والتشريعات لحماية هذه المصالح، ولها من التقاليد والعادات المتأصلة في القطاع تكونت عبر السنين. اما مجلس النواب فهو يمثل المجتمع، ومجلس الشورى كجهة تمثل المجتمع وإن كان بطابع رسمي إلى حد كبير. 

تبين الدعوة إلى المنتدى ان الغاية هي «تطوير الاقتصاد الوطني وتجاوز التحديات» من خلال تشريع يحفز ويدعم الاقتصاد الوطني. وكذلك هي محاولة لإيجاد توافق مجتمعي تجاه الحلول والتوجهات لتجاوز التحديات الاقتصادية وتعزيز مسيرة النمو والتنمية، بما يتوافق مع الرؤية الاقتصادية 2030، بمشاركة نخبة من المسؤولين والمختصين في القطاعات الاقتصادية المختلفة. وضع المجلس اهدافا محددة للمنتدى يمكن اعتبارها تعريفا لاحد ادوار مجلس النواب يتمثل في «حصر تحديات الاقتصاد الوطني، وتحويلها الى فرص من خلال عمل تشريعي فعال يحفز ويدعم الاقتصاد الوطني، مستعينا في ذلك بمشاركة ومساهمة القطاع الخاص». بالإضافة الى ذلك فإن المنتدى اعتُبر فرصة للاطلاع على مرئيات مجلس الشورى والحكومة وغرفة تجارة وصناعة البحرين. وفي نهاية المنتدى اخذ المجلس على عاتقه تبني توصيات المنتدى في تحفيز ودعم الاقتصاد الوطني.

قدمت كل من هذه الجهات ورقة تحدثت فيها عن رؤيتها للوضع الاقتصادي والتحديات التي تواجهه وعن اولويات الاصلاح والاستمرار والتقدم في نفس الطريق، او سلوك طريق اخر تقتضيه طبيعة التحول نحو مستقبل ما بعد النفط. وسوف نناقش الاوراق وتوصياتها في مقالات قادمة، ولكن قبل ذلك نقدم ملخصا بسيطا عن الاوراق في هذا المقال. 

تؤكد ورقة مجلس الشورى محورية وأهمية رفع مستوى معيشة المواطن، وهذا يتطلب تعاون السلطة التشريعية مع الحكومة في تحفيز ودعم الاقتصاد الوطني. كما تؤكد الورقة تمسك المجلس بالأسس الاقتصادية والمبادئ التي نص عليها الميثاق وهي (الحرية الاقتصادية، والعدالة والتنافسية، وتنويع النشاط الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، والحفاظ على الأموال العامة والثروات الطبيعية وصيانتها باعتبارها ملكا للجميع)، وترى الورقة ان اهم التحديات هي خلق هذه البيئة من التعاون والتركيز على الهدف المحوري وهو مستوى المعيشة وتحاول حمايته من التضخم.

بالنسبة إلى ورقة غرفة التجارة فإنها تعتبر غايتها من المشاركة هي تطوير تنافسية الاقتصاد الوطني لكنها لم تطرح ما يحقق ذلك، بل اكتفت بإبداء رأي في التشريعات التي تمت واعتبرتها كافية لتحفيز الاقتصاد وتطوير التنافسية وأنها أسهمت في الحد من الاحتكار وتجريمه، وخلق فرص لرواد الاعمال والتجار في السوق؟ لم تطرح الورقة رؤية مستقلة لتنمية الاقتصاد واعتبرت ان ما حدث كاف. وخلصت الورقة إلى توصية واحدة هي اقتراح تعديل قانون المناقصات والمشتريات بإضافة عضوين من الغرفة في مجلس المناقصات والمشتريات.

تحدثت الحكومة في ورقتها عن الوضع المالي للدولة من خلال طرح «آلية تفعيل برنامج التوازن المالي والايجابيات المأمولة». بدأت بتصريح بأن النمو الاقتصادي لم ينعكس على الايرادات الحكومية غير النفطية. وبطبيعة الحال فإن الطريقة الوحيدة لهذا الانعكاس هي الضرائب والرسوم التي تؤخذ من المواطن والقطاع الخاص. كما تؤكد الورقة نجاح التنوع الاقتصادي منذ 2002 إلى 2017. ويتضح ذلك في مقدار مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الاجمالي التي كانت 42% في 2002، وبلغت 18% في 2017. غير ان ذلك لم ينعكس على ايرادات الحكومة التي ارتفعت من 67% في 2002 إلى 75% في 2017. تعتبر الحكومة ان محور التنمية هو المواطن، وتهدف الى خلق فرص نوعية من خلال مشاريع التنمية، لكنها اعتبرت ان الاستثمار في مشاريع البنية التحتية التي سبق ان اعلنتها في 2017 بكلفة قدرها 32 مليار دولار هي المحرك لهذه التنمية. ولا تشير الورقة الى مشاريع محددة ستقوم بها الحكومة لتنويع الاقتصاد، ومازال الاعتماد على القطاع الخاص. خلاصة الورقة هي انها تركز على تحسين مستوى التعليم لرفع القدرة الابتكارية والريادية، لكنها لا توضح الكيفية ولا تفسر لماذا لم يحدث ذلك بالرغم من مرور عشرين سنة على المبادرة.

انتهى المنتدى بتوصيات عديدة تحتاج إلى مناقشة منفصلة، كما كانت هناك مشاركة من عديد من الجهات في المنتدى لم تُنشر نوعية مشاركتهم، لكن مجرد وجود مثل هذه المشاركة هو مؤشر إيجابي، ونتمنى ان توضع آليات لإبراز رأيهم ودمج مساهمتهم في اي استراتيجية تطوير وإصلاح يتوصل إليها القائمون على المنتدى. كما برز من المنتدى اسئلة عدة تتطلب طرحها والتعامل معها في وقت لاحق. 

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *