نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

انتهت القمة العربية كسابقاتها من القمم!

 تاريخ النشر :٢ أبريل ٢٠١٤ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي  

مقال اليوم- انتهت القمة الخليجية دون ان تتخذ قرارا واحدا يعبر عن تطلعات الشعوب، همها الوحيد كان امنيا لمحاربة الإرهاب دون الحديث عن اي خلفية إصلاحية مطلوبة. 

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13158/article/15213.html

انتهت القمة العربية قبل أن تبدأ، كنا سنتفهم لو ان القادة العرب اعتذروا عنحضور القمة لانشغالهم بأوضاعهم الداخلية. فقد كان واضحا أن لا احد منالحكام سيكون لديه الوقت والإرادة لمعالجة قضايا الامة، فالكل مشغولبمشاكله الداخلية. 

الكل يفكر في وضعه الأمني الداخلي والمؤثرات الخارجية عليه والبحث عنحلول لمواجهة تذمر شعبه من الفساد ومن البطالة. مَنْ مِنَ القادة يستطيع انيفكر في التنمية او في معالجة جذرية لقضايا الأمن القومي والتحديات التيتواجه الامة في وجودها.  

فمصر مشغولة في كيفية القضاء على الاخوان المسلمين ليتفرغ الجيش لإعادةالانتاج، والعراق مشغول بتوطيد حكمه بتأجيج الصراع الداخلي، والجزائرمشغول بكيفية تكييف الانتخابات القادمة، ودول الخليج مشغولة في خضممحاولاتهم السيطرة على الأمن قد يغيب عن الحكام المشاكل التي تعاني منهاكل دولة وكل نظام حكم علاقتهم بشعوبهم وكيفية إدارتهم لهذه العلاقة.  

انتهت القمة من دون ان تضع رؤية لإنهاء المأساة السورية وانتهت من دون انتحسم امر مصر وانتهت من دون ان تناصر الشعب الفلسطيني في قضيتهالتي أصبحت ازلية، وانتهت من دون ان تنهي الخلاف الخليجي، وانتهت مندون ان يكون للمواطن العربي نصيب في قراره وفي مصيره.. انتهت القمة مندون ان تُصدر أي قرار . 

ويبقى السؤال هل يمكن لنظام الحكم العربي ان يتغير وأن يعبر عن المواطنوهمومه وتطلعاته في حياة حرة كريمة؟ هل يمكن لنظام الحكم العربي انيعتني بالتنمية الإنسانية والاقتصادية؟ هل يمكن للنظام العربي ان يتقدم فيتوطين التقنية او العلم واللحاق بالركب العالمي؟ 

تعهد الحكام أمام «شعوبهم» بوضع حد للخلافات التي تعصف بهم ولا نقولتعصف بدولهم. تعهدوا بأن ينهوا الانقسام العربي ومظاهر الخلاف عبر الحوارالمثمر والبناء والمصارحة والمكاشفة؟ هل يمكن لمثل هذا النظام ان يكون شفافا؟ومن سيحاسبه في حالة عدم التنفيذ؟ 

تعهدوا كذلك بمحاربة الإرهاب . 

كيف يمكن ان نحارب الإرهاب فكريا من دون أن نحارب الأسس التي تقومعليها فكرة الانفراد بالقرار التي تخنق الابداع والنمو وتهدم عوامل الاستقرار. تعهدوا بمحاربة التفرقة الطائفية وازدراء الأديان من دون ان يتعرضوا لمحاربةالمحسوبية والعصبية وأنواع التمييز الأخرى التي تغذي الطائفية والتعصببمختلف اشكاله. تعهدوا بمحاربة منابع الإرهاب . 

أدنى قدر من التحليل يظهر ان من يحاول معالجة المشكلة هو جزء من المشكلةولا يمكنه التحرر من فكره ومن امتيازاته ومن سطوته وسلطته التي هي أساسالازمات ومنبع كل المشاكل التي تحيق بالوطن العربي. إن ما تعيشه الأمة منفوضى اليوم وانفجار الوضع في أكثر من دولة هو في المحصلة النهائية ردةفعل لسنوات من التراجع، والمسؤول الأول عنها هم الحكام ليس في شخصهمولكن في المنظومة التي تعتمد هذا الأسلوب من الحكم. فهذا النوع من الحكميخالف سنن الكون التي جعلها الله في خلقه وهي المسؤولية والمساءلةوالمحاسبة، التناقضات الداخلية في هذه الأنظمة تمنعها من التصدي للتحدياتبجدية. فغياب ذلك هو الأساس في المآسي التي تعاني منها الامة العربية. غياب الحياة الديمقراطية الحقيقية هو الذي اوجد هذا المناخ العاجز. 

هذا المناخ جعل الحكومات تعتمد على قوى اجنبية لحمايتها من شعوبهافأفقدها القدرة على المواجهة وعلى اتخاذ مواقف جادة وحازمة في اتجاهالإصلاح لمصلحة شعوبها. 

حربنا على الإرهاب تقتضي فهم منابعه الحقيقية. محاولة الفهم تفرض السؤالالتالي: لماذا لا يوجد هذا النوع من الإرهاب في العالم الديمقراطي، وان وجدفهي حالات فردية نتاج فكر متعصب مغلق. وهذا الفكر المغلق هو نتاج التعصبوأحادية الرأي والادعاء بامتلاك الحقيقة لفئة دون سواها من البشر.  

هذا الفكر في شقه الديني المتعصب يقابله فكر متعصب سياسيا الصدام بينالفكرتين هو أحد أسباب الإرهاب. أي ان الإرهاب هو نتاج التعصب الدينيوالسياسي والاقتصادي. 

اما الحالات الفردية من الفساد والارهاب الناتجة من انحراف الفرد مثله مثلالجرائم الأخرى التي يمكن محاربتها بالقوانين والعلاجات الاجتماعية. العلاجللإرهاب الهيكلي يتطلب تغييرا في بنية الدولة ونظامها السياسي مما يمنحهاالقدرة على الانفتاح والشفافية والعدالة التي هي أساس الامن «الَّذِينَ آمَنُواْوَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ» (الانعام 82). 

إن أول خطوات التصدي للإرهاب وتجفيف منابعه، ومعالجة عجز الامة وتخلفهاهو اصلاح النظام السياسي وتعميق قيم العدالة والمساواة والشفافية. هذا يتيحللجميع التعاون والتكاتف في جهود التنمية ومنها العمل على محاربة التعصبوالتخلف والفقر والجهل.  

تبقى هذه الآفات أدوات تستغلها عناصر الفساد لاستمرار هيمنتها وسيطرتهاعلى القرار. انعقد مؤخرا مؤتمر في مصر لإلقاء الضوء على خطورة الفكرالتكفيري وعلاقته بالإرهاب. مثل هذه المؤتمرات لن تتمكن من معالجة الازمةالعربية ولن تقضي على الإرهاب ولا على التخلف ولا على الفقر والفساد. الحرب يجب ان تكون شاملة سياسيا وفكريا واقتصاديا واجتماعيا. مثل هذهالمشاكل لا يمكن فصل ابعادها ومحاولة تجزئة الحلول. 

يمكن بهذا الأسلوب تأخير الانفجار وتعطيل بعض نتائجه، لكن هذا لن يكونعلاجا للأزمة.  

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *