نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الخميس ١٩ يناير ٢٠٢٣ 

مقال الاسبوع- بعد اقرار البرنامج يتطلع المجتمع الى رؤية تاثير ما تم الاتفاق عليه في حياتهم المعيشية وفرص العمل والتقاعد والضمان الاجتماعي في الميزانية. تجربة المجلس ينبغي ان تقود الى بعض الاصلاحات السياسية لتحقيق ما اتفق عليه فيما يتعلق “بمشاركة المجتمع في تطوير التشريعات”، و”تعزيز منظمات ومؤسسات المجتمع المدني”.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1321879

برنامج الحكومة .. التوافقات وتطلعات المجتمع

بعد اجتماعات مطولة بين الحكومة ولجنة برنامج الحكومة اظهر فيها الطرفان تعاونا وتفهما لظروف المجتمع التي يمر بها نتيجة موجة الغلاء وارتفاع تكاليف المعيشة والحاجة الى اتخاذ قرارات مناسبة لتحسين الوضع. تم التوافق على عدد من التعديلات التي قدمتها اللجنة واهمها اضافة اولوية رابعة “تحسين مستوى المعيشة” ومحور سادس “رفع مستوى المعيشة” ويشمل عدد من المبادرات بما فيها قضية البحرنة وتوفير وظائف نوعية تناسب مؤهلات الخريجين والمحافظة على القوة الشرائية للمواطنين وتثبيت زيادة المتقاعدين السنوية. طالب النواب تقديم توضيحات حول الدين العام وكيف ستتحقق المحافظة على القوة الشرائية للمواطن، ومتى سوف تُفعل الحكومة لجنة اعادة توجيه الدعم وتعزيز القوة الشرائية للمواطنين.

عبر رئيس اللجنة عن امله في ان تقدم الحكومة تقريرا عن ما تم انجازه في الفترة 2018-2022 مرفقا بمؤشرات اداء، وكذلك تقديم ضمانات وخطط زمنية لتنفيذ ما تم التوافق عليه، وتضمينه في الميزانية العامة. واكد على استعداد اللجنة للتعاون مع الحكومة في وضع مثل هذا التصور الذي عملت عليه اللجنة ضمن “رؤيتها المعززة بالارقام”. كما افاد بان اللجنة ابدت تفهما كبيرا لعمل الحكومة، وقدمت اللجنة استفسارات حول الانجازات التي تمت من البرنامج السابق لتكون نقطة بداية تقاس عليها الانجازات القادمة في القضايا المتضمنة في البرنامج الحالي وفق معايير ومؤشرات مزمنة. كما عبر عن رغبة في ان تكون هناك مؤشرات وتزمين في البرامج القادمة لتحقيق الوضوح للاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. واعرب عن ثقته بان تتضمن الميزانية تفاصيل وتعريفات لما تم التوافق عليه.  

فيما يتعلق بالتعديلات، يمكن اعتبار المحور السيادي المنبثق من الاولوية الثانية (عدالة وامن استقرار) من اهم المحاور. اضافت اللجنة تعزيز الوحدة الوطنية وترسيخ قيم المواطنة والانتماء والترابط المجتمعي والاسري هي اضافة مهمة، وسوف تتطلب وضع برامج وسياسات لها وتعريفها وتقييمها من خلال مسوحات وابحاث تقف على مدى ما تحقق منها في المجتمع. كذلك اقتصرت المبادرة التي تتحدث عن العلاقات الدولية على الدول الخليجية والعربية والدول الصديقة بعد ان تم حذف “الدول الحليفة”. كما اضيفت حقوق النقابيين ضمن الحقوق العامة المعززة للعدالة.

من اهم التعديلات التي وردت في هذا المحور ما يتعلق “بمشاركة المجتمع في تطوير التشريعات”، حيث اضيفت عبارة “تعزيز منظمات ومؤسسات المجتمع المدني”. دور المجتمع المدني في الاصلاح والرقابة مهم جدا لرفع قدرات الاجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية. فهي المرآة التي تعكس التطبيق العملي للسياسات والبرامج والمشاريع. وبالتالي فان حيوية المجتمع المدني عنصر فعال في تطوير عمل هذه الاجهزة وفي نجاح جهود التنمية المستدامة التي اعتبرت شعار هذا البرنامج.

من العناصر الاكثر اهمية في البرنامج ما يتعلق “بخلق فرص عمل واعدة”، وخصوصا بعد تعديلها الى “خلق فرص عمل واعدة للمواطنين”. هذه اضافة مهمة جدا من حيث انها تطالب ان تكون الفرص خاصة بالمواطنين. تفعيل ذلك قد يحتاج تغيير في بعض السياسات المتعلقة بحرية السوق ودور الدولة فيه، ومنها تخصيص بعض المهن للبحرينيين، مدعوم ببرامج تدريب وتأهيل لتتناسب مع متطلبات السوق. في حالة تعذر ذلك التفكير في رسوم على هذه المهن بحيث تصبح تكلفة الاجنبي تفوق اجور البحرينيين، وان تُشترط مدة محددة يتم خلالها تدريب وتأهيل بحريني ليحل محل الاجنبي.

فيما يتعلق بتطوير البنية التحتية والبيئة فقد اضيفت مبادرة مهمة تتعلق “بوضع خطط استراتيجية مستقبلية محددة المدة لتحقيق اهداف التنمية المستدامة”. وهذه من الحالات التي ركز المجلس على وضع زمن محدد لتحقيق الاهداف. حيث ان التنفيذ سيحتاج الى تعريف واضح لاهداف التنمية المستدامة ووضع السياسات الخاصة بها والمبادرات التفصيلية. وهذا عمل كبير تقوم به السلطة التنفيذية خلال الاشهر الاولى من هذا العام لتفعيل هذه المبادرة. اما فيما يتعلق بتوفير خدمات الكهرباء والماء “بجودة وكفاءة “. فان تحقيق هذه الكفاءة لا بد ان ينعكس على معالجة ارتفاع فواتير الكهرباء التي اثرت على المواطنين بشكل عام وكذلك على القطاع العقاري بشكل خاص.

كما اضاف المجلس مبادرة في سياسة تعزيز الامن الغذائي والموارد المائية تُعنى “بالتوسع في مشاريع الامن الغذائي وتقديم الدعم اللازم لها، بالتعاون مع القطاع الخاص وتحفيزه للمساهمة في هذه المشاريع”. في ضوء ما يحدث في العالم من ضغوطات على سلاسل الامداد ومحدودية القدرات الزراعية في المنطقة فان هذا التوجه مهم، سيما اذا ما صاحبته كذلك جهود في السيطرة على الاسعار ، وحماية البييئة والثروات البحرية التي تاثرت في كثير من المناطق التي تعرضت للدفان والتطوير العقاري.

رحبت قطاعات مجتمعية بالتعديلات وتتطلع الى مرحلة قادمة يتم تفعيل ما تم التوافق عليه في الصيغة النهائية للبرنامج والتي شملت اهم متطلات المجتمع وقد قدمت اللجنة اضافات هامة وموضوعية سواء في البنود او في العبارات، وبالتالي فهو يعبر عن معظم ما يتطلع اليه الناس للسنوات الاربع القادمة بما فيها علاوة المتقاعدين، توفير فرص عمل وجعل البحريني الخيار الاول “والاساسي”، وتخصيص بعض المهن للبحرينيين ووضع حد ادنى للدخل. من المفيد الان ترجمة هذه السياسات ووضع التفاصيل بوضوح مع تعريفات للمفاهيم والعبارات التي وردت به، وربطها بالميزانية مع وضع مؤشرات لمعرفة مستوى التقدم فيه. مثل هذه الاجراءات سوف تنعكس على اداء الحكومة والمجلس وتسهل مهمة المجلس في الفصول القادمة وتبث الطمئنينة في الشارع على حماية مكتسباتهم المادية.

drmekuwaiti@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *