نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بيت التجار أو «بيت الشعب».. ماذا بعد الانتخابات؟

 تاريخ النشر :٢٦ فبراير ٢٠١٤ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي  

مقال اليوم- هل تغير غرفة التجارة دورها بعد الانتخابات- هل تستعيد استقلاليتها وفاعليتها في رسم السياسية الاقتصادية في البلاد؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13123/article/9056.html

مرت البحرين بحراك من نوع آخر، استحوذ على الكثير من الاهتمام، فُتحت لهالمجالس والمنتديات ورخص التجار بوقتهم للوصول إلى الناس لشرح مواقفهمورؤاهم حول إصلاح بيت التجار الذي أطلق عليه بعض المرشحين لمجلسالإدارة «بيت الشعب». وقد يكون ذلك إدراكا منهم لوجوب مشاركة الغرفة الناسهمومهم ومشاكلهم والتصدي لها من موقع مختلف وهو المال والأعمالوالاقتصاد والتنمية، بعيدا نسبيا عن السياسة المباشرة. 

شارك في الترشح ما يقارب الستين مرشحا للتنافس على 18 مقعدا، وتكونت 6 كتل ضمت نخبا تجارية ووجوها جديدة وتجارا صغارا وشبابا متحفزا للتغيير. انتهى المهرجان وتحدد مجلس إدارة جديد بقيادة الوجيه خالد المؤيد وعضويةمختلطة بين القديم والجديد، تتسم بالتنوع في كل شيء، المكانة التجاريةوالفكرية والعمرية والجنسية. ما ميز هذه الانتخابات هو اهتمام العامة بهذاالحدث على غير العادة. فلماذا حظيت الانتخابات بهذا الاهتمام الإعلاميوالشعبي؟  

لا شك ان الأحداث التي مرت بها البحرين قد غيرت في سلوك الناسواهتماماتهم وإدراكهم بترابط الأمور المؤثرة على حياتهم. فكما تغيرت نظرتهملطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم. كذلك ازداد وعيهم لأهمية القطاع التجاري(قطاع الأعمال) وتأثيره الكبير على حياة المواطن ومستوى معيشته وخلق فرصعمل له. هذا يضع الإدارة الجديدة امام تحديات كبيرة ومسؤولية تجاه المجتمع،مما يطرح السؤال ماذا بعد الانتخابات وما الذي سيتغير في دور ورؤية الغرفةلنفسها وواجبها تجاه المجتمع؟ 

رُفعت العديد من الشعارات من قبيل اقتصاد مثمر وجلب الاستثمارات وتطويرالاقتصاد والمشاركة بين القطاع الخاص والعام. كل ذلك يشير إلى استشعاروجود مشكلة اقتصادية او تخلف في البنية الاقتصادية تحتاج إلى إصلاحجذري في الفكر التجاري والاقتصادي يختلف عن الفكر الذي ساد خلالالعقود الماضية. مطلوب فكر يعتبر التنمية هي الإنتاج (وبالذات انتاج السلعالصناعية والمعرفة العلمية والتكنولوجية) وليس استهلاكها فقط. اما بناءالعمارات ومد الجسور، فهذه بنى تحتية تتطلبها التنمية الإنتاجية ولكنها لايمكن ان تكون تنمية في حد ذاتها. هل يمكن للغرفة ان تغير هذا الفكر لدىالقيادات المسؤولة الرسمية منها والتجارية؟  

الغرفة بحاجة ملحة إلى التواصل مع المجتمع وتوضيح دور الغرفة للناس ووضعبرنامج عمل واضح؟ مع ان مسئولية الغرفة بالدرجة الأولى تجاه أعضائها، الاان مصلحتها،على المدى البعيد، تتحقق من خلال المجتمع بخلق فرص عملوخلق قوة شرائية وقوة ادخار بتوازن صحي. فكيف ستوفِّق الغرفة بينمصالحها على المدى القريب المعتمد على التجارة ومصالحها على المدى البعيدالمعتمد على الإنتاج والصناعة وإنتاج المعرفة؟ وهل هذا دور يمكن للغرفة انتتصدى له؟ 

اقتربت بعض الكتل من التفكير في هذا الاتجاه وطرح المرشحون أفكارا بناءةهامة وقابلة لان تتبلور إلى رؤية مستقبلية طويلة الأمد لتحديد هذا الدور وتحديدأهدافه. رأت الكتل ان يتم التركيز على المستقبل والعمل مع الحكومة وحثهالاتخاذ خطوات جادة في طريق التنمية ومعالجة العوائق التي طرحها المرشحونمثل أهمية استقلالية قرار الغرفة وأهمية توفر المعلومة والشفافية، وضرورةمحاربة الفساد والمحسوبية، وتوفير المعلومات الدقيقة والصحيحة عن الإيراداتوالمصروفات والمشاريع كشروط لنجاح مثل هذا التوجه. لن يكون سهلا للغرفةاقناع القيادات السياسية بأهمية ذلك لتكون أداة اصلاح اقتصادي يقودالعملية وليس تابعا لاقتصاد ريعي ينتظر توزيع الامتيازات والعقود والمشاريع؟ 

وضعت احدى المرشحات خريطة طريق لعمل الغرفة تتمثل في الشراكة فيصنع القرار، وشراكة بين القطاع الخاص والعام، وترجمة الرؤية الاقتصادية2030، وزيادة ممثلي الغرفة في المجالس والهيئات الحكومية مثل تمكين وسوقالعمل، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومعالجة القضايا التي تعيقالتجارة مع الجوار،وقوانين لزيادة الشفافية. هذه جوانب هامة ومطلوبة لبناءعلاقات عمل صحية ولكنها لا تشمل إصلاحا اقتصاديا واضحا. جاء مثل هذاالمقترح في برنامج احد المستقلين الاقتصاديين الذي طرح فكرة تتمثل فياشتراك الغرفة في انشاء شركات مساهمة كبيرة قادرة على خلق صناعات أوليةوتحويلية تخلق فرص عمل وقيمة مضافة وكذلك تفتح المجال اما إقامة شركاتصغيرة ومتوسطة إنتاجية (بدل التركيز على الخدمات فقط) كما تفتح المجالللبحوث والدراسات. مثل هذا التوجه كفيل بنقل الاقتصاد إلى مستوى اخريبتعد عن الاعتماد على النفط ويحقق في نفس الوقت للغرفة ولقطاع الأعمالالاستقلال المنشود كون الصناعة المعتمدة على التصدير اقل اعتمادا علىالانفاق الحكومي. 

العمل على مثل هذه الأفكار والتوجهات يتطلب دخول قيادات شابة في لجانالغرفة لتمزج الخبرة والحذر بروح الاقدام والمغامرة والابداع. كما يتطلب- وفقاحد مقترحات المرشحين البارزين- إلى اعداد البحوث وتوفير المعلومات وإتباعالجانب العلمي في التخطيط لمستقبل الغرفة والخدمات التي تقدمها للأعضاء. وكذلك يتطلب نوعا من الموظفين القادرين على التعاطي مع التكنولوجيا الحديثةوالارتقاء بالعمل الإداري في الغرفة لمواكبة متطلبات الدور الجديد. 

الخلاصة هو ان الغرفة مطالبة بان تلعب دورا مختلفا يقوم على الارتقاءبالاقتصاد الوطني بالاشتراك مع الحكومة، والارتقاء بأدائها الإداري وقدرتهاعلى استشراف المستقبل واعتماد رؤية طويلة المدى للاقتصاد الوطني والتنميةالمستدامة ووضع الخطط لذلك. أي القيام بدور فاعل قيادي وريادي، ينظر إلىمصلحة الاقتصاد الوطني بشكل عام ومسؤولية مجتمعية تليق بمكانة القطاعالتجاري في البحرين، مع تمنياتنا لهم بالتوفيق.  

mkuwaiti@batelco.com.bh  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *