نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

12- تجربة المجالس البلدية.. عوائقها وخياراتها

 تاريخ النشر :٢٦ مارس ٢٠١٤ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي  

مقال الأسبوع – تجاهل المواطن افقد المجالس البلدية مصدر قوتها ففقدت صلاحياتها واصبح الوزير يقرر كل شيء

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13151/article/14067.html

في ندوة لمركز الجزيرة الثقافي تناولت تجربة المجالس البلدية باستضافة رئيسالمجلس البلدي لمحافظة المحرق ورئيس المجلس البلدي للمحافظة الجنوبية ونائبرئيس المجلس البلدي لمحافظة العاصمة. تناول الحوار قضية الصلاحياتوالميزانية. تطرق المتحاورون إلى المحددات والقضايا التي تواجه المجالسالبلدية في علاقتها مع إدارة البلديات ومع وزارة شئون البلديات والوزاراتالخدمية الأخرى.

بدأت التجربة البلدية مع بداية المشروع الإصلاحي وتأثرت بروح المشروعالإصلاحي ورغبة الجميع في الانفتاح وإنجاح التجربة. سادت سمة التعاونفي التعامل فلم تبرز العقبات التي ظهرت في الدورة الثانية والثالثة. لم تمتلكالأجهزة الحكومية الرؤية الواضحة لكيفية التعامل مع هذا الكيان الجديد، لمتستمر فترة العرس حتى بدأت بعدها مشاكل وصدامات بين الأجهزة حولالصلاحيات والميزانية. 

بدأت العلاقات تتراجع في بدايات عام 2007 بنوع من الانحسار في الانفتاحبين المجالس والوزارات. وبدأت بوادر المركزية تبرز لدى وزارة شؤون البلدياتوتبعتها الوزارات الخدمية الأخرى. هذا النكوص من جانب الوزارات وضعالمجالس البلدية في مأزق بين الإصرار على الصلاحيات التي تمكن المجالسمن تقديم خدمات حقيقية مقنعة للمواطنين أو القبول بالمركزية والمجالسالصورية التي تدور في فلك الوزارة والاعتماد عليها في تنفيذ مشاريعها. يطرحالمتحاورون السؤال حول كيفية المحافظة عل استقلالية المجلس المالية والإداريةالتي وردت في الدستور، وكيفية التقدم بالتجربة البلدية. 

في الدورة الأولى كانت المجالس تشارك في القرار حول كيفية توزيع الميزانيةعلى المشاريع وتقديم مقترحات المشاريع التي يملك الوزير حق الاعتراض عليهاخلال خمسة عشر يوما في حالة مخالفتها للسياسة العامة او خروجها عنالميزانية أو اختصاصات البلدية، وتسيطر على الجهاز التنفيذي في البلدية منحيث الرقابة والمساءلة في تنفيذ القرارات وفق الميزانية المقرة. أما اليوم فإنالوزير يقوم هو بتوزيع الميزانية على المشاريع ولا تملك المجالس سوى الاقتراحفقط. الوزير يحدد كل صغيرة وكبيرة في العمل البلدي ويتدخل في تفاصيلالأمور ويقوم بتوزيع المشاريع وفق معاييره الخاصة بعيدة عن الشفافية. أصبحالجهاز التنفيذي في البلدية تابعا للوزير بدلا من كونه جزءا من المجلس البلدي. أصبحت الوزارة تنسق مع الجهاز التنفيذي وتتجاهل المجلس البلدي، استقوىالجهاز التنفيذي بعلاقته المباشرة مع الوزارة إلى أن فقد المجلس جل صلاحياتهوقدرته على المحاسبة في إيرادات البلديات وكيفية التصرف فيها وتوزيعها، كمافقد قدرته على الحصول على المعلومات التي تعينه على التخطيط ودراسةالمقترحات والتقييم والمساءلة مما يهدد بفشل التجربة. 

تطرح الندوة التساؤل حول المفاضلة بين مركزية العمل من خلال وزارة شؤونالبلديات أم اللامركزية متمثلة في المجالس البلدية ودعمها بالصلاحيات المناسبةلتنفيذ مشاريعها وخدمة ناخبيها. كما يبرز السؤال هل المجالس بتركيبتهاالحالية وبمستوى الأعضاء البلدية والكادر المتوافر وشح المعلومات والثقافةالمجتمعية السائدة في فهم العمل البلدي قادرة على القيام بهذه المهام؟ وهلالتعاون مع الجمعيات السياسية يعزز سلطة المجالس البلدية أم يفسدها؟ 

والسؤال هو كيف نتقدم بالتجربة البلدية؟ التجربة مدة ثلاث دورات يفترض أنهاقدمت تراكم خبرة يتوجب الاستفادة منه في تعديل القانون الحالي ومراجعةالعلاقة بين المجلس البلدي والجهاز التنفيذي والمحافظة ووزارة البلديات علىضوء ما حدث من أخطاء. وخير من يقوم بهذه المهمة هم البلديون الذين شاركواعمليا في العمل البلدي. لذلك اقترح الحضور ان يتقدم البلديون أنفسهمبمشروع بقانون يعالج القضايا التي أخرت التجربة البلدية شريطة طرح ذلكفي المجتمع للحصول على الدعم الشعبي.  

حَمَّل الحضور أعضاء المجلس جزءا كبيرا من المسئولية بسبب أولا أسلوبتعاملهم مع ناخبيهم وثانيا تعاملهم مع الأجهزة التنفيذية وبالذات الحكومةممثلة في الوزارات الخدمية وثالثا عدم تواصلهم مع المجلس النيابي واستخدامالسلطة التشريعية في تعديل القانون. تصرف أعضاء المجالس بعقلية الموظفمع هذه الأجهزة ولم يعتمدوا على قواعدهم الشعبية في طرح القضايا والإصرارعلى احترام مقترحاتهم. أصبح يداهن المسئولين ويستجدي صلاحياته وتنفيذمشاريع دائرته دون الرجوع إلى قاعدته الانتخابية للضغط على الأجهزةالتنفيذية والتشريعية. إن عدم إدراك المجالس البلدية بان قوتهم مستمدة منالشعب وعليهم الاستفادة منها في انتزاع صلاحيات تمكنهم من تقديم خدماتللجمهور يجعلهم مجرد موظفين يستجدون الصلاحيات. بتجاهلهم وابتعادهمعن قواعدهم الشعبية وتمسكهم بامتيازاتهم الشخصية وعلاقاتهم مع المسئولينسمحوا للوزارة بتهميشهم. وإذا ما أضيف إلى ذلك ضعف الثقافة البلدية لدىالمواطن الذي إلى الآن لم يتضح له دور المجلس البلدي واختصاصاته وحدودصلاحياته ومدى احتياجه إلى دعم المواطن لتعزيز هذه الصلاحيات. ضعفهذه الثقافة جعل المجلس يركز على الإنجاز على حساب مهامه الأخرى فيرقابة ومساءلة الأجهزة التنفيذية. 

إن إصلاح المجلس البلدي يتطلب تعاونا أكثر مع المجتمع وممثليه النيابيين فيتعديل القانون والضغط في اتجاه تطوير التجربة بالاستعانة بالجمعياتالسياسية والمجتمع المدني والناخبين. أما الابتعاد عن المجال السياسي فهذافهم خاطئ لدى بعض البلديين. فكثير من قادة العالم وصلوا إلى أعلىالمناصب القيادية من خلال العمل البلدي مثل جاك شيراك وأردوغان. كما يتطلبتكاتف المجالس في تكتل يجمع المجالس في هيئة او اتحاد للمجالس يشكلمنها كتلة ضغط على الوزارة تمكنها من انتزاع بعض الصلاحيات بالتعاون معالمجلس النيابي في إصدار التشريعات لتعديل الصلاحيات في صالحاللامركزية. 

mkuwaiti@batelco.com.bh  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *