نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

د. محمد عيسى الكويتي

تاريخ 6 اكتوبر 2021

مقال الاسبوع- من الصعب على المواطن الجمع بين اعلان وزير المالية ومجلس التنمية الاقتصادية عن تعافي اقتصادي وزيادة الناتج المحلي والاستثمارات وخلق فرص عمل وفي نفس الوقت اعلان عن زيادة ضريبة القمية المضافة. خيارات اخرى لم يتم طرحها مثل فرض ضريبة ثروة وضريبة على الدخل العالي وترشيد ادارة املاك الدولة.

اعلن وزير المالية قبل ايام (30-9-2021) ان نمو الناتج المحلي الاجمالي خلال الربع الثاني (1 ابريل الى  30- يونيو 2021) كان 3.5%  مقارنة بالربع الاول من عام 2021، وبنسبة 5.7% مقارنة بالربع الثاني من عام 2020. والزيادة (الاسمية) في قطاع الاتصالات والمواصلات (45%) والفنادق (41%) والصناعات التحويلية (24%) والمشروعات المالية (11%) تقريبا. بينما نمو الناتج المحلي غير النفطي (الحقيقي) كان 7.8% في نفس الفترة وهو اعلى مستوى منذ 2019. وسجلت انشطة الخدمات الاجتماعية والشخصية ارتفاعا بنسب (11%)، وارتفع نشاط الزراعة وصيد الاسماك بنسبة 5.6%، ونما النشاط السياحي بنسبة (40.7%)، وكذلك الصناعات التحويلية وحتى القطاع النفطي تحسن الوضع بنسة 8% تقريبا. اي ان هذه الارقام تشير الى تعافي الاقتصاد وانتعاش في معظم القطاعات.

هذه اخبار ايجابية تبشر بالخير ونشكر القائمين عليها، ويرى الوزير بان ذلك يعبر عن “قوة الاقتصاد البحريني” وقدرته على العودة الى مستوى ماقبل الجائحة، وان الناتج المحلي الاجمالي سجل اعلى مستوى منذ 2019 بنمو 7.8%. المفارقة ان الحكومة في نفس الوقت تقول للمواطن ان الاقتصاد بحاجة الى فرض ضريبة قيمة مضافة او تخفيض راتبه لمعالجة العجز في الميزانية وتخفيض الدين العام وحصرته بين هذين الخيارين. ما يحير المواطن هو كيف لا ينعكس هذا النمو والقوة الاقتصادية على الميزانية العامة ولا يستفاد منها في تعزيز الانفاق الحكومي؟ ويحتاج الى زيادة ضريبة القيمة المضافة؟ كما يتساءل المواطن هل ارتفاع الناتج المحلي الاجمالي وزيادة النشاط الاقتصادي ادى الى ارتفاع مستوى معيشة الطبقة العاملة والمتوسطة او اضاف الى جودة الحياة او قلل مستوى الفقر والبطالة والتوظيف وفرص العمل؟ والاهم هل اثر في ايرادات الحكومة؟

في تقرير لوكالة التصنيف الائتماني (فيتش) تقول بان رفع القيمة المضافة الى 10% وبلوغ سعر النفط 60 دولار سوف يحقق فائضا في الميزانية عام 2023 مما يضع الدين العام في مسار تنازلي، وترى الوكالة ان الاستمرار في خطة التوازن المالي مع زيادة القيمة المضافة مع استمرار ثبات اسعار النفط فوق 60 دولار ستعني استمرار الدعم الخليجي وتجاوز الضائقة المالية. وبما ان سعر النفط الان يتراوح حول الثمانين دولار اي زيادة ايرادات بمقدار 30% تقريبا. فما تاثير ذلك على مستوى الدين العام ولماذا نحتاج الى ضريبة القيمة المضافة؟

يبين كذلك معالي الوزير بان البحرين حافظت على المركز الثالث بين دول الخليج في الاستثمار الاجنبي كنسبة من الناتج الاجمالي. اي ان قدرتنا على جذب الاستثمار الخارجي (التنافسية الخارجية) استمرت على نفس الوتيرة. وبلغ الاستثمار الاجنبي في 2020 حوالي 884 مليون دولار وخلق 4375 فرصة عمل. والسؤال كيف ساهم هذا الاستثمار في رفع مستوى المعيشة؟ وماهي الصادرات التي ارتفع مستواها نتيجة هذه الاستثمارات وكيف اثرت على ايرادات الحكومة وعلى الميزان التجاري والحاجة للاقتراض؟

وفي نفس السياق يشير رئيس مجلس التنمية الاقتصادية الى ان المجلس استطاع استقطاب 64 مشروع وشركة تستمثر 500 مليون دولار وتخلق 3500 فرصة عمل وان 64% من الاستثمارات المباشرة هي مشاريع وشركات جديدة في البحرين وتشمل جميع القطاعات وترفع معدل الصادرات غير النفطية. ومرة اخرى نتساءل ماهي مساهمة هذه الاستثمارات في تحسين مستوى معيشة المواطن وفي خلق فرص عمل للبحرينيين بشكل خاص؟ وكيف يؤثر ذلك على الانفاق على التعليم والصحة والضمان الاجتماعي ورفع الحد الادنى للدخل؟

بعد هذا العرض للتحسن في الاداء الاقتصادي وفي جذب الاستثمار، وفي تحسن اسعار النفط التي اقتربت من 80 دولار في حين ان الميزانية وضعت على اساس 60 دولار؛ وبعد الرؤية المتفائلة والمشجعة التي تُطرح، كيف يفهم المواطن الحاجة الى فرض زيادة في الضريبة المضافة الى 10% وكيف يفهم اصلا الحاجة الى فرض ضريبة القيمة المضافة من الاساس وليس انواع اخرى من الضرائب مثل ضريبة الدخل او ضريبة الثروة او ضريبة على الشركات؟ ومرة ثالثة نتسائل هل استنفذنا جميع الخيارات في الحوكمة وترشيد الانفاق ومراجعة الميزانيات الكبيرة ومدى امكانية تخفيضها. وهل راجعنا امكانية زيادة نسبة الميزانية من مجمل الايرادات العامة؟ وتقليل النفقات خارج الميزانية، وفائض الميزانيات السنوية؟

في تصريح سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء اكد ان “الغاية من التنمية هي الاستقرار وبناء المستقبل وخلق الفرص الواعدة والتنمية لصالح المواطنين”. واكد اهمية “البيئة المفتوحة لنجاح التنمية” وحَمَّل القطاع الخاص والحكومة المسئولية واعتبر ان ” تحقيق الاستقرار وخلق فرص عمل للبحرينيين وارتفاع مستوى معيشة المواطن هي المؤشرات لتقييم الاداء”، واعتبر الانفتاح قيمة اساسية في تحقيق الغاية. لذلك فان معالي وزير المالية ورئيس مجلس التنمية والحكومة بشكل عام مطالبين بتحقيق ما يعتبره سمو رئيس الوزراء غاية اساسية تعطي معنى للتنمية ولجهود القيادات المختلفة، وتطبيق الانفتاح بالاستماع الى صوت المواطن والمجتمع ، ومطالبين بالاستجابة لمتطلبات المواطن والمجتمع التي تتفق مع سموه بتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتحسين مستوى المعيشة وتقديم اجابات مدعومة بمعلومات على تساؤلات المواطن.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *