نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. تقرير جودة التعليم في جمعية الوسط (2)

تاريخ النشر : 20 مارس  2010 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

تطرقنا في الاسبوع الماضي الى الندوة التي اقيمت في جمعية الوسط العربي الاسلامي حول جودة التعليم التي قدمتها الدكتورة جواهر المضحكي وفريق من مساعديها شرحت خلالها انتهاء الهيئة من تقييم 72 مدرسة ونشر التقارير حولها وهي ماضية في متابعة المدارس ومساعدتهم على تحسين ادائهم.

في نهاية الندوة طرح المنتدون تساؤلات حول فلسفة التعليم واهدافه الوطنية والقومية وهل يشمل ذلك تعريف الطلبة بتاريخهم الوطني والاسلامي ومناقشة القضايا الهامة؟ وفي هذا الصدد يقول الدكتور جاسم المهزع ان طلبة الطب في جامعة الخليج لا يعرفون ماهي “سنة النكبة” وهذه قضية العرب المركزية فكيف بالقضايا الاخرى؟ يجهل الطلبة الكثير عن الاحداث الهامة التاريخية المتعلقة بالوطن العربي والاسلامي. 

ترى الدكتورة ان ما يتلقى الطالب من معلومات وما يناقشه من قضايا عربية واسلامية هي من مهمة وزارة التربية والتعليم، والهيئة لا تتدخل في المناهج بل يقتصر عملها على جودة تقديم هذا المنهج ومدى استفادة الطالب من وسائل التعليم ومدى تواؤم مخرجات التعليم مع متطلبات التنمية. هذا يقودنا الى قصور اخر في التعليم طرحه المهندس حسن العايدي حول دلالات تضخم العلامات التي وصلت في كثير من الاحيان الى 99.9% واصبح ما يقارب نصف الناجحين يحصلون على علامات تفوق التسعين. هذا يدل على ان المعيار الغالب في الامتحانات هو الحفظ وقد يكون المعيار الوحيد للتحصيل ويطرح تساؤل حول جدوى هذا المعيار. اي ان تصميم الامتحانات تركز على مهارة الاسترجاع والحفظ وتغفل تماما المهارات الاخرى مثل التفكير النقدي والابداع والحوار والتحليل.

ترى الهيئة ان الاصلاح في التعليم سيكون طويلا وشاقا ويحتاج الى جهود جميع المعنيين. وتعول كثيرا على الامتحانات الوطنية التي تقوم بها هيئة ضمان الجودة في اصلاح الوضع وابراز جوانب القصور في عملية التعليم. فقد قامت وحدة الامتحانات الوطنية باجراء الامتحانات لصفي الثالث والسادس ابتدائي في المدارس الابتدائية، وشمل اللغة العربية والرياضيات والعلوم واللغة الانجليزية. ما اظهرته الامتحانات الوطنية يعتبر مؤشرا على تدني التعليم. حيث برز المستوى الفعلي من خلال العلامات المنخفضة خصوصا في الرياضيات (الصف الثال) “فمستوى اداء طلبة الصف السادس متدن الى درجة كبيرة للغاية عن مستوى اداء طلبة الصف الثالث” في هذه التجربة شكلت الامتحانات الوطنية تحديا كبيرا للطلبة واوضحت بشكل جلي خطأ اعتماد معيار التحصيل والنجاح في الامتحانات الحالية مؤشرا على تقدم التعليم كما تدعي وزارة التعليم.

غير اننا نرى ان الامتحانات الوطنية وحدها لن تعالج المشكلة المعلقة بالهوية العربية كونها تلتزم بالمنهج، لذا نرى ان الامر يحتاج الى وضع فلسفة مختلفة للتعليم تعتمد الانتماء العروبي والاسلامي، بالاضافة الى الانتماء القطري. وان يكون هناك توازن بين الانتماءات دون تغليب الانتماء القطريز كذلك نرى انه بالاضافة الى الامتحانات الوطنية ان يكون هناك مسوح دورية ميدانية (استبانة وطنية) تطرح تساؤلات على الطلبة والخريجين حول الوضع العام العربي والاسلامي لمعرفة مدى فهم الطلبة لقضاهم العربية والاسلامية والحفاظ على الهوية القومية والاسلامية بعيدا عن القطربة المفرطة التي تبرز من مقررات وزارة التربية. كما تساهم المسوح في التعرف على مستويات الطلبة والخريجين الحقيقية وتوجهاتهم الوظيفية والعلمية من الناحية التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

اما فيما يتعلق بالتقرير السنوي الذي صدر عن هيئة ضمان الجودة فانه يطرح العديد من التساؤلات التي تحتاج الى نقاش مطول قد نتطرق له في وقت اخر. اما الان فسنورد بعض جوانبه. اولا يوضح التقرير ان معظم المدارس تفتقر الى التخطيط الاستراتيجي ومراقبة تاثيره وعدم التركيز على معايير ومستويات الانجاز. ثانيا ان التقييم الذاتي الذي تجرية المؤسسات التعليمية افتقر الى الجودة واتسم بالوصف وليس التحليل. وبذلك فقد اخفق في تحديد الجوانب التي تحتاج الى تطوير. ولكن مجرد تسليط الضوء على المؤسسات التعليمية والتقييم من شانه ان يجبر هذه المؤسسات على الاهتمام بالجودة والموضوعية في تقييمها الداخلي المقبل وتطوير المخرجات وتحسين احوالهم وتقديم خدما افضل للمجتمع عامة ومجتمع الاعمال خاصة. ثالثا تفتقر المدارس الى توفر بيانات كافية لمساعدتها على متابعة مستويات اداء الطلبة وقياسها وتحديد الاهداف القابلة للقياس. وتبين ان هناك حاجة ماسة لنظام ادارة اداء موحد قائم على تقنية المعلومات لتحليل البيانات على الصعيد الوطني. رابعا: دور القيادة المدرسية في تطوير الاداء مركزي وهام لذا يتوجب على قيادة المدرسة ان تتمتع بالقدرة على قيادة الهيئة التعليمية والادارية وبناء القدرات والمهارات الخاصة المتعلقة بالتقييم الذاتي وادارة التغيير والتفكير والتخطيط الاساتراتيجي اضافة الى عملية اتخاذ القرار، خامسا: اتضح ان نصف المؤسسات التعليمية فقط قادرة على تنفيذ التحسينات. مما يطرح تساؤلا حول كيف ستطور الوزارة قدرات النصف الاخر وكيف ستساعدهم على ادخال التحسينات؟ وخصوصا ان التقرير بين ان الوزارة تقوم بنقل مديري المدارس بشكل متكرر يؤثر سلبا على استقرار المدارس ويعيق عملية التحسين المستمر.

في اعتقادنا ان اهم ما حققته هيئة الجودة هو تاسيس لثقافة التقييم في المؤسسات التعليمية. ولكن مازال هناك تساؤل حول المستوى الذي تريد الوصول اليه وماهي الخصائص والمواصفات للطالب المتميز والمدرسة المتميزة والمدرس المتميز؟ وما هو الاطار الزمني للوصول اليه؟ وخصوصا ان المدرسة التي حصلت على جائزة التميز في وزارة التربية حصلت على تقدير مرض (اقل من متوسط) في تقييم هيئة ضمان الجودة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *