نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

المعوقات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة منها صعوبة الحصول على التمويل، ومحدودية تنويع مصادر التمويل وأنواعه، وإمكانية الدخول إلى الأسواق، وصعوبة تكوين تحالفات مع شركات كبرى. لذلك نرى ان تمكين يقوم بعمل كبير لكن ينقصه وجود الرؤية الشاملة للتنمية والعوامل المساعدة والتكامل بين مؤسسات الدولة لكي يبرز تأثير عمله.

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1102986

في الأسبوع الماضي أطلقت (تمكين) الاستراتيجية الجديدة 2018-2020 «رؤى وأفكار جديدة»، وقال رئيس مجلس الإدارة الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة في حفل الافتتاح ان الاستراتيجية الجديدة سوف تركز على طرح برامج ومبادرات وخدمات جديدة تلبي حاجات وتطلعات مملكة البحرين في تحقيق سياساتها التنموية من خلال «إسهام هذه البرامج والخدمات في تنويع وتسريع وتيرة تحقيق النتائج التنموية المستهدفة للاقتصاد البحريني». أي انها تهدف إلى الإسهام في تنويع الاقتصاد وتسريع وتيرة تنمية القطاعات المستهدفة والإسراع في تحقيق نتائج التنمية بشكل عام.

هذا يعني ان نجاح (صندوق العمل تمكين) يحتاج إلى جهات تعمل معه في الإسهام في تنويع وتسريع وتيرة التنمية. فما هي هذه الجهات الأخرى؟ كذلك يعني ذلك ان تمكين يعي محدودية دوره في الاقتصاد الوطني ولا يمكن تحميله أكثر من هذا الدور المساند. ليبقى سؤالنا كيف يرى تمكين دوره وكيف يقيم هذا الدور؟

يقول الرئيس التنفيذي د. إبراهيم محمد جناحي ان تمكين أحرز نجاحات تمثلت في إضافة 11 مليون دينار لدعم رأس المال البشري من خلال خدمة أكثر من 10 آلاف بحريني دعم 28% من القوى العاملة في المملكة من خلال مبادرات التدريب والتطوير وزاد عدد البحرينيين العاملين في القطاع الخاص 7% وأدى إلى زيادة متوسط الأجور بنسبة 17% وقد ساهمت برامج حلول التدريب ودعم الأجور التي يقدمها تمكين في هذه الزيادة الكبيرة لمستوى الأجور في البحرين، وزادت عدد السجلات الجارية النشطة في المملكة بنسبة 21%.

هذه إنجازات تستحق التقدير لكن بودنا ان نعرف كيف توصل تمكين إلى فصل تأثيره عن تأثير البرامج الأخرى من وزارات الدولة مثل وزارة العمل التي تعمل كذلك على زيادة التوظيف في القطاع الخاص، أو وزارة التجارة التي تتعامل مع الزيادة في السجلات النشطة؟

الاستراتيجية الجديدة وفق الرئيس التنفيذي سوف تركز على محاور ثلاثة هي: (التنوع، والتسارع، والاستدامة)، وسيتم تحقيق هذه المحاور من خلال تسهيل إجراءات التقديم للاستفادة من البرامج، ودعم بيئة ريادة الأعمال، وتشجيع الشباب على ريادة الأعمال بدلا من البحث عن وظائف. هل هذا التشجيع كافٍ لجعل الشاب يتجه نحو العمل الخاص؟ وما هي نسبة الشباب الذين اتجهوا فعليا إلى ذلك وما هي نسبة نجاح المشاريع التي تبناها الشباب بعد خمس سنوات من بدء المشروع؟

من أهم ما ورد من مبادرات تمكين هو ما يتعلق بتحويل البحوث الطلابية إلى مشاريع. يقول الرئيس التنفيذي انه اجتمع مع عدد من رؤساء الجامعات حول دعم الابتكار. وإن تمكين يمكن ان ينشئ المراكز المتخصصة في مجال الإبداع والابتكار ومراكز لتطوير البحوث النهائية لطلبة الجامعات وتحويل الجيد منها إلى مشاريع وأعمال تحظى بالدعم والاحتضان. وفي «المؤتمر العالمي للمستقبل المستدام» يقول رئيس جامعة العلوم التطبيقية ان الجامعة تعمل مع جهات أخرى لخلق بيئة العمل لتشجيع الابتكار والتنمية المستدامة. السؤال: هل يمكن ان تنجح مثل هذه البرامج في بيئة لا تتوافر فيها صناعات كبيرة بالقدر الكافي، ولا توجد رؤية تنموية شاملة وسياسة اقتصادية تسعى عمليا إلى تنويع الاقتصاد؟

إنجاح مثل هذه التطلعات هو عملية معقدة لا يستطيع تمكين وحده التصدي لها. فهناك مسؤولية كبيرة تقع على قطاع التعليم في خلق مثل هذه البيئة ليس فقط من حيث التأهيل بل كذلك من حيث تغيير الذهنية لدى الطلاب لتقبل المخاطرة والإقدام على العمل الحر، كذلك هناك مسؤولية على الدولة في تعزيز قيم الاجتهاد في المجتمع وربط الاجتهاد بالمردود مباشرة من دون محسوبية أو واسطة، كذلك هناك مسؤولية على مجلس التنمية في خلق البيئة الاستثمارية المناسبة، ومسؤولية على قطاع المال في توفير القروض الصناعية والتجارية الطويلة المدى؟ هذا التكامل في العمل هو ما قد يكون مفقودا في الوقت الحاضر ويصعب على تمكين تجاوز هذه العقبات.

عبّر رجل الأعمال السيد نبيل كانو (أخبار الخليج 28 نوفمبر 2017) عن الحاجة إلى مثل هذه البيئة بقوله: ان هناك معوقات تعترض طريق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، منها ارتفاع عبء المصروفات والنفقات، ونقص القدرات والمهارات الإدارية لدى القائمين على الإدارة في هذه المؤسسات، بالإضافة إلى تنشئة رواد الأعمال، وحاجة نمو هذه المشاريع إلى وجود «مناخ مناسب». من ضمن مقترحات السيد نبيل كانو وجود مؤسسة أو هيئة تعنى بشؤون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أسوة بعدد من دول مجلس التعاون مثل الإمارات والسعودية والكويت وتضع رؤية واستراتيجية شاملة تكون ضمن الرؤية الاقتصادية للتنمية الشاملة في البلاد.

يؤكد هذا النقص تقرير صندوق النقد العربي في تقريره (2016-2017) حول «بيئة أعمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية: الوضع الراهن والتحديات»، حيث يقول ان المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت هي من بين الدول التي أنشأت أجهزة مختصة لتتولى مسؤولية الإشراف المباشر على المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

ويصف الصندوق المعوقات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في التخطيط الاستراتيجي وتوفر البنى التحتية المالية (مثل توفير القروض المالية بشروط ضمن إمكانيات ضمان الائتمان وشمولية الخدمات المالية والثقافة المالية)، وبناء القدرات. ويلخص الصندوق التحديات في الأطر التشريعية، وصعوبة الحصول على التمويل، ومحدودية تنويع مصادر التمويل وأنواعه، وإمكانية الدخول إلى الأسواق، وصعوبة تكوين تحالفات مع شركات كبرى. لذلك نرى ان تمكين يقوم بعمل كبير لكن ينقصه وجود الرؤية الشاملة للتنمية والعوامل المساعدة والتكامل بين مؤسسات الدولة لكي يبرز تأثير عمله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *