نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

حول المنتدى الاقتصادي..نعم نحتاج إلى حوار وطني

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٢٤ يونيو ٢٠٢٠ – 02:00

في ندوة في الصحافة المحلية شارك فيها كل من السيد جمال فخرو النائب الأول لرئيس مجلس الشورى، والسيد أحمد السلوم رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب، والدكتور علي المولاني رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية. تناولت الندوة قضية تداعيات ازمة كورونا على الاقتصاد البحريني والخليجي، ودور الدولة في مواجهة الأزمة وكيف سيتغير هذا الدور في المستقبل وما هي القضايا الهامة التي ستتمخض عنها هذه التجربة الصعبة على دول الخليج بشكل عام والبحرين بشكل خاص.

ناقش المنتدون عددا من القضايا والتحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي وتدفع في اتجاه التراجع الذي تحدث عنه البنك الدولي بنسبة 3%. وتطرقوا إلى ضريبة القيمة المضافة وأكدوا عدم وجود توجه لرفع نسبتها. كما تطرقوا من ضمن ما تطرقوا له إلى قضية البطالة والتدريب والتأهيل والإحلال والعمالة الوافدة واحتمالية انخفاض الرواتب وتكالب الناس على التقاعد وأهمية تشجيع سلوك الادخار والاستثمار. وأشاروا إلى التعامل مع الدين العام والدعم الحكومي واحتمال زيادته. ناقشوا كذلك قضية تضرر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وكيفية إنعاشها بعد التوقف الطويل، وقضية رفض تسريح العمالة البحرينية لما له من اثر على القوة الشرائية والحالة الاجتماعية وضرورة دعم التوظيف لتفادي ذلك. كذلك طرح المنتدون قضية الحاجة للعودة إلى عادة الادخار التي قضت عليها الوفرة النفطية والثقافة الاستهلاكية. 

لكن أهم ما ورد في الندوة هو قضية الاستدامة لما بعد الجائحة وهو كيف ستتمكن دول الخليج من المحافظة على نموها الاقتصادي ومستواها المعيشي وازدهارها المادي في ظل تذبذب نفطي وتراجع في الطلب عليه؟ وهل يمكن ان تستمر في الوضع الذي كانت عليه؟ ويطرح المنتدون مقاربتين، الأولى حلول سريعة لمعالجة ودعم الأنشطة والقطاعات التي تضررت وبشكل سريع، والمقاربة الثانية وهي الأهم التفكير في كيف سندير اقتصادنا في المستقبل، هل السبل التقليدية مازالت مجدية، أم ان علينا ان نتعامل مع الاقتصاد على مستوى استراتيجي ونعيد النظر في آيديولوجية الاقتصاد الحر وننظر في التوجهات الحديثة التي ترى ان الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة يسيرون معا وفق الظروف المحلية والإقليمية والعالمية الراهنة والمستقبلية. 

هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى نمط اتخاذ القرار في الدولة ونمط التفكير في المجتمع وما يتعلق بأسلوب المحاسبة والمكافأة. وان كل ذلك يعتمد على ردود الأفعال لمعالجة قضايا طارئة وليس على استراتيجية طويلة المدى مما يطرح تساؤلا حول قدرة الفكر الريعي على الصمود والتطور المستقبلي. لذلك نرى ان ما ذكره المنتدون وما تزخر به الصحافة المحلية يؤكد اننا امام قضايا متشعبة ومتداخلة ولا يمكن فصل جزء منها عن الآخر أو التعامل مع قضية دون أخرى. وخصوصا ان لهذه القضايا تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية وحتى ثقافية مؤثرة على امننا واستقرارنا. 

لذلك نؤكد اهمية ما تقدم به النائب الأول لرئيس مجلس النواب الاستاذ جمال فخرو في دعوته إلى الدولة والقيادة، وبشكل خاص ان على الحكومة أن تبادر للبدء في التحضير باكرا لمنتدى وطني موسع وشامل لمناقشة جملة المتغيرات والتحديات القادمة في مرحلة ما بعد السيطرة على وباء كورونا (كوفيد-19). على ان تشارك في هذا المنتدى الحكومة والسلطة التشريعية بغرفتيها وجهات القرار المختلفة في الدولة، والنخب الاقتصادية والتجارية والمجتمعية، لتدارس وضع الخطط والاستراتيجيات والبرامج والتوجهات لصياغة معالم المرحلة القادمة بالنسبة إلى عديد من الملفات الكبرى. وثنى على ذلك النائب الأول لرئيس مجلس النواب السيد عبدالنبي سلمان في تصريح لأخبار الخليج بقوله «إننا بحاجة إلى هيكلة اقتصادية جديدة في ظل التراجع المخيف في أسعار وأسواق النفط، والذي يُتوقع له أن يستمر، علاوة على جملة الأوضاع المعيشية وقضايا التوظيف في القطاعين العام والخاص وإعادة هيكلة سوق العمل وعجز الميزانية ومديونية الدولة، وحماية وتقوية نظام التقاعد، والسياسات الضريبية والمالية وكيفية التعاطي مع عجوزات الموازنة العامة وقضايا الأجور ووظائف المستقبل والبطالة والإسكان والتعليم والنظام الصحي، والخصخصة وغيرها».

ما ذكر في الندوة وفي الصحافة يعني اننا امام قضية هامة وهي تحديد المسؤولية والمساءلة. من المسؤول عن النتائج التي تتوقف على عمل هذه الجهات في منظومة متكاملة تتعامل مع كل هذه القضايا المتداخلة لتؤدي عملاً وتحقق نتائج؟ النتيجة التي نسعى إلى تحقيقها هو كرامة المواطن البحريني واستمرار ارتفاع مستوى معيشته ليس فقط في المتوسط (كما تصدره بعض الجهات الدولية) ولكن معيشة كل شريحة من المجتمع. شريحة الاغنياء وشريحة الفقراء وشريحة الفئة المتوسطة وشريحة النساء وشريحة الاطفال والايتام والارامل، وكل فئة من هذه الفئات تتطلع إلى تحسين مستوى معيشتها فمن هي الجهة المسؤولة عن النتائج الاقتصادية وآثارها الاجتماعية والسياسية. 

هذه هي مشكلتنا وليس في جزئيات القضايا التي تُذكر في مناسبات. أدرك المنتدون هذه الحاجة واقترحوا القيام بحوار وطني، وقد أشار إلى مثل هذا الحوار النائب عبدالنبي سلمان، وعلق عليه الكاتب إبراهيم المناعي، وتطرق إليه الكاتب خليل يوسف، وقد نادينا به مع غيرنا في اكثر من مناسبة (أخبار الخليج 30 مايو 2018)، لذلك نضم صوتنا لهم اليوم للمطالبة بمثل هذا الحوار الشامل، لمناقشة الأوضاع بشكل شامل، لا يقتصر على القضايا الاقتصادية فقط، وهو ما نحتاجه اليوم، وقد احتجناه في السابق. ليس فقط لأننا في أزمة من جائحة كورونا، فالأزمة امر مؤقت وماذا بعد؟ كذلك علينا ان نفكر بطريقة مختلفة ومقاربة مختلفة تضع مصالح المجتمع فوق كل شيء ولا نركن إلى آيديولوجيات معلبة مثل ما يطرحه البنك الدولي أو الغرب.

Mkuwaiti@batelcoc.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *