نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. دعوة لوضع استراتيجيـة وطنية للابتكار

بقلم: د.محمد عيسى الكويتي

تاريخ النشر :24 يوليو ٢٠١٣ 

http://www.akhbar-alkhaleej.com/12906/article/38240.html

في بداية الشهر الجاري نظمت جمعية الابتكار البحرينية مائدة مستديرة حول (الاستراتيجية الوطنية للابتكار)، بمشاركة نخبة مختارة من الرؤساء التنفيذيين وكبار المسئولين في قطاعات التعليم والتمويل والاستثمار والتقنية، أكد خلالها مؤسس ورئيس الجمعية السيد أسامة الخاجة حاجة البحرين الكبيرة إلى وضع استراتيجية وطنية لفكرة (الابتكار) ويعتبرها ضرورة ملحة لتعزيز التنمية واساسا للتنافسية. تأتي الفكرة استجابة كما يقول للنتائج المتدنية في تقارير المعلن في المنتدى الاقتصادي في دافوس.
تحظى جمعية الابتكار بدعم غرفة التجارة، ويقول رئيس الغرفة: ان الابتكار وما ينتجه من ابداعات علمية اصبحت من «ضرورات التقدم والاستقرار في ظل السوق العالمية المفتوحة» والفشل فيه يعرض «المجتمعات للتبعية والاسواق للاضطراب وعدم الاستقرار». ويستشهد بالاداء المتدني للدول العربية في مجال الابتكار وبراءات الاختراع، ويرى ان هذا الخطر الذي تتعرض له الدول العربية هو نتيجة اهمال عنصر الابتكار ومتطلباته من اصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية. ويرى فخرو ان دور الغرفة ينحصر في تنمية ريادة الاعمال وفي تشجيع الابداع وانشاء مشاريع انتاجية وخدماتية.
وبالتالي فنحن امام وضع تتصدى فيه جمعية وليدة لمشكلة تنموية كبيرة. ويبقى السؤال: مادام الابتكار بهذه الاهمية لماذا لا توجد استراتيجية وطنية لتنميته إلى حد الآن؟ ومن المسئول عن وضع الاستراتيجية لتنمية الابتكار وما هي متطلباته بشكل عام؟
دعا الدكتور فخرو في كلمته إلى ايجاد قنوات وآليات لدعم الابتكار عن طريق الشراكة بين القطاع الخاص والعام، وطالب مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي بالمساهمة. وطالب بتكاتف الجهود لتذليل جميع العقبات التي تعترض مسيرة تطوير البحث العلمي سواء كانت تشريعية او بنى تحتية او دعما ماليا.
في نفس الفترة صدر تقرير الابتكار في نسخته السادسة من منظمة «انسيد» بالاشتراك مع جامعة كورنيل واخرين. يقول التقرير ان الخمسة والعشرين دولة التي كانت في المقدمة في الاعوام السابقة لم تتغير باستثناء بعض التغيير في مراكزها راجع إلى زيادة الاستثمار. ما يؤكده التقرير هو انه لا يوجد طريق سهل اوقصير للنجاح، فهو يتطلب تنمية مستمرة للكفاءات والقدرات، واستثمارا مستداما، ودعما مؤسساتيا، وتوجيها سليما نابعا من ذهنية صحيحة. اما الاهتمام المتقطع والمبعثر والفردي فلا مكان له. وتشير النتائج كذلك إلى ان التوقف عن الاستثمار والاهتمام ولو لفترة بسيطة يخلق فجوة كبيرة يصعب تداركها. فكيف بحال الدول العربية التي أهملت الابتكار والعلم عقودا من الزمن؟
من النتائج المشجعة هذا العام ان الاردن حصلت على مرتبة متقدمة بين الدول الصاعدة. ويقول التقرير ان سبب صعود هذه الدول يعود إلى ثلاثة اعمدة للابتكار هي: اولا الاهتمام بالتعليم لينتج مواهب ويجذب مواهب (مدرسين واداريين). ثانيا: الاهتمام بالبيئة الاستثمارية المتعلقة بالابتكار. وثالثا: بناء مؤسسات قوية مرنة وديناميكية لقيادة عملية الابتكار.
ومن النتائج الباعثة على القلق التي يبينها التقرير هي اتساع الهوة بين الدول الخمسة والعشرين المتقدمة والدول الاخرى، بما فيها الصاعدة. جزء من السبب هو ان النجاح في الابتكار يؤدي إلى نجاح اكبر. فالاستثمار يجلب استثمارات اخرى، ويغري مواهب تحاول الاستفادة من زيادة الاستثمارات. ويؤكد التقرير ان اكبر عقبة تواجه الدول الصاعدة هي الاستثمار ويشمل ذلك دولا مثل البرازيل والهند والصين وروسيا.
الخلاصة من التقرير ان الابتكار يمثل القوة الدافعة الاساسية للتنمية الاقتصادية ويحتاج إلى عناصر مادية اهمها الاستثمار في البشر والبيئة العلمية الابتكارية، وهذا عنصر متاح بدرجة كبيرة لدول الخليج لو انها عملت عليه. فمثلا بلغ الناتج القومي لدول الخليج 1,4 تريليون، والاستثمارات التي تديرها دول الخليج مجتمعة تقدر بمئات المليارات، البحرين وحدها تملك القدرة الاستثمارية لتلبية العنصر المادي. والعنصر الاخر هو العقلية المناسبة والمدركة لاهمية الابتكار والراغبة في تحقيق النجاح من خلاله والعمل على معالجة كل ما يؤثر على الاستقرار السياسي، وهذا ما نحتاج اليه.
اي ان ملامح الاستراتيجية الوطنية التي تدعو لها جمعية الابتكار لا بد وان تعمل على اتجاهين الاول الاتجاه المادي الذي يهتم بالاستثمار وبناء القدرات والمواهب والمؤسسات والبيئة البحثية والابتكارية، اما الجانب الاخر فيجب ان يكون على صعيد بلورة القرار السياسي والاستعداد الذهني والايمان باهمية العلم للتنمية على اعلى مستوى ويترجم هذا الايمان بتمويل سخي ومشروع وطني.
اما التوجه الذي يطرحه البعض في ورشة العمل التي نظمتها الجمعية والقائم على دعوة الاطراف المعنية لـ«استقطاب جميع الكوادر الشابة في المملكة، وتقديم كل ما يلزم لتشجيعهم في المشاركة في توظيف إمكانياتهم للمضي في طريق الابتكار والابداع». فهذا مازال تناولا فرديا يُحَمِّل المسئولية على الجانب المادي فقط ويسحتاج إلى اطلاق دعوى على المستوى السياسي.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *