نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. دور المواطن  في انجاح التجربة النيابية

تاريخ النشر : 3 يوليو  2010 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

انتهى الفصل التشريعي الثاني وبدأت الاستعداد لانتخابات 2010. ومن تقييم التجربتين يجد المواطن الكثير من تطلعاته لم تتحقق واصاب البعض الاحباط من عجز البرلمان والحكومة من تحقيق اهدافه في حياة كريمة. وللتذكير بأهمية دور المواطن في انجاح البرلمان تشكلت مجموعة تسعى لهذا الغرض ويتشرف الكاتب ان يكون احد اعضائها. يشمل برنامج المجموعة عقد ندوات في مناطق مختلفة وقد كانت اول هذه الندوات في مجلس الدوي في المحرق تحدث فيها الوجيه جاسم مراد وكاتب المقال. اكد السيد مراد في حديثه على مسئولية المواطن في حسن اختيار النائب ووضع معايير لهذا الاختيار ترتكز على الدستور والميثاق. ولخص مداخلته في ثلاث محاور هي الاسكان والدعم الحكومي والضرائب. فيقول بان اهم ما يتوجب على النائب المنتخب الايمان به هو الفقرة (و) من المادة (9) من الدستور التي تحث الدولة على توفير السكن اللائق لمحدودي الدخل “تعمل الدولة على توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين”. اما فيما يتعلق بتوجيه الدعم الحكومي فانه يرى أهمية توجيه ذلك لخدمة الفقراء والضعفاء من المواطنين وليس لخدمة الاغنياء كما هو الحال الان. وحول قضية الضرائب فانه يرى اهميتها الكبيرة للمشاركة السياسية سوف نفرد لها مقال اخر.

اما المتحدث الثاني فقد بدأ بتعريف نجاح البرلمان في مدى مساهمته في تحقيق تطلعات المواطن التي حددتها المادة العاشرة من الباب الثاني من الدستور على انها “المقومات الاساسية للمجتمع”. ودور البرلمان يكمن في القدرة عن الدفاع عن هذه المقومات، وفشله في ذلك يحتاج الى وقفه مع النفس لمعرفة اسبابه. يحدد الدستور في المادة العاشرة هذه المقومات الاساسية للمجتمع في أن “الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية، وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه التنمية الاقتصادية وفقا لخطة مرسومة، وتحقيق الرخاء للمواطنين، وذلك كله في حدود القانون”. هذه المادة من الدستور تتحدث عن قيم اجتماعية هامه واهداف اقتصادية واجتماعية يترجمها المواطن في خمسة عناوين رئيسية هي اولا: تعليم مناسب يخلق منه مواطن منتج وفاعل، ثانيا: فرص عمل تمكنه (المواطن) من العيش الكريم والمساهمة في بناء مستقبل ابنائه يقيهم الفقر والعازة. ثالثا: اسكان ملائم يربي فيه ابنائه ويحفظ عائلته. رابعا: علاج فعال له ولافراد عائلته يناسب دخله، وخامسا: بيئة آمنه وصحية ومستدامة. اي ان السؤال الحقيقي هل نجحت الحكومة والبرلمان في تحقيق حياة كريمة للمواطن؟ 

ما يشعر به المواطن وما يراه في المجتمع هو ان الجميع يشتكي، فاهل الرفاع يشتكون التمييز حسب رأي النائب حمد المهندي والنائب مراد. واهل المنامة يشتكون الاهمال، واهل المحرق يشتكون قلة المشاريع الاسكانية والصحية واهل القرى يشتكون التمييز في كل شيئ. هل يعني ذلك ان الحكومة لم تفعل شيئ، بالطبع لا فهناك جهود ولكنها غير كافية او انها غير موجهة بالشكل السليم، وفي بعض الاحيان غير عادلة وتتناقض مع مبادئ التنمية المستدامة. كما ان هناك فساد ومجال كبير للاصلاح يحتاج الى جهود البرلمان والمواطن. فقد تركزت الكثير من الجهود في الاستثمار ذو المردود السريع الذي لا يخدم المواطن مثل تشجيع اقتصاد قائم على قطاع الانشاءات من خلال استملاك الاراضي وبيعها وتحويلها الى مشاريع رفاهية قد تبقى خاوية دون مردود على المواطن. وتخلف الاستثمار الموجه لرفع القدرة الانتاجية والتنافسية، وتم العبث بالبيئة كما ان الوضع الامني الداخلي والخارجي مازال اقل من الطموح.

لذلك يرى المحاضر بان هذه التنمية التي حدد مبادئها الدستور، وترجمها المواطن في خمس متطلبات، تحتاج الى خمس شروط لبلوغها وهي اولا: شروط مالية  تتطلب من المواطن مشاركة فاعلة تشمل التساؤل عن مقدار المال المتوفر وماهو مصدره وكيف يستخدم وماهي اولويات الانفاق ومن يحددها؟ وثانيا تحتاج التنمية الى شروط معرفية يساهم المواطن في وضع استراتيجية كيفية بناء المعرفة العلمية والاقتصادية لتكوين مجتمع منتج ويتأكد من ان المبادرات والقرارات تخضع للمساءلة والرقابة. ثالثا شروط ادارية تضع نظام يراقب ترجمة الاستراتيجية الى واقع ويصحح مسارها ويحارب ما ينتج عنها من فساد، ويضع تشريع يطالب الجهاز التنفيذي بحد معين من الاداء والانجاز، بما في ذلك المطالبة بمعايير في التعيين والتوظيف تخدم التنمية وغير خاضعة لاعتبارات القرابة والولاء للحكومة. رابعا تتطلب شروط سياسية تتعلق بالقرار والارادة السياسية بحيث تتسق هذه الارادة مع ارادة المجتمع ورغبته في المشاركة السياسية لتحقيق متطلبات ومصالح المواطن وتغليبها على مصالح فئوية اخرى؟ وخامسا شروط تتعلق بالسياسة الخارجية وبتأثير العلاقات والتحالفات الخارجية على قرارات التنمية الداخلية وتطرح الاسئلة حول كيفية تطويع العلاقات والتحالفات الخارجية لخدمة متطلبات التنمية بعيدا عن الهيمنه الدولية والحساسية المذهبية.

ان توفير وتهيئة هذه الشروط وجعلها تعمل في تحقيق متطلبات ومصالح المواطن والمجتمع يحتاج الى دولة قوية ومجتمع قوي وحكومة قوية ومواطن قوي مصداقا لقوله تعالى “ان خير من استأجرت القوي الامين” صدق الله العظيم. وللحديث بقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *