نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. صفاة عضو البرلمان الجيد !!! (2)

تاريخ النشر : 8 مايو 2010 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

في المقال السابق تطرقنا الى مادار في مجلس جناحي حول علاقة النائب الجيد بالبرلمان الجيد وتوصلنا الى ان البرلمان الجيد يحتاج الى وجود منظومة سياسية متكاملة بعناصرها من عملية سياسية واحزاب ودستور وحرية صحافة وانتخابات حرة وقضاء مستقل، والاهم من كل ذلك فهو يحتاج الناخب الواعي المدرك لاهمية صوته وممارساته الديمقراطية في تحقيق مصالحه.

ومع ادراكنا لما على النائب من تحديات وقيود فانه يمكن تقسيم مهمته الى اربعة ادوار: تشريعي ورقابي وتفاوضي ومجتمعي. فهل يمكن للبرلماني ان ينشط في ويتميز في جميع هذه الدوار؟ وهل حظوظ المستقلين في الاداء يتساوى مع الكتل السياسية؟ وهل الكتل السياسية بهذه التركيبة تخدم مصلحة المواطن في التنمية والتقدم؟

في البرلمانات العريقة نجد ان الاحزاب هي التي تضع استراتيجية برنامجها الانتخابي المبنى على دراسة توجهات المجتمع ومبنى على منظومة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الخارجية لتحقيق اهداف محددة تنموية ومعيشية. تستند الاحزاب في ذلك على خبرة في المعارضة وفي الحكم وبالتالي فان برامجها تكون اكثر واقعية ومحسوبة ماليا. بالنسبة للديمقراطيات التي لا تعتمد نظام الاحزاب فان المعارضة او الكتل البرلمانية لا تتسنى لها هذه التجربة العملية وبالتالي فان برامجها واداءها يفتقد الى قدر من الواقعية وخصوصا اذا لم تتوافر لها المعلومات التي تمكنها من بناء صورة واضحة لواقع المجتمع والحياة الاقتصادية. ولاعطاء مثال على ذلك فقد تقدمت احدى الكتل السياسية بمشروع ميزانية لعام 2009-2010 مثل رؤيتها حول كيفية الاستفادة من الفوائض النفطية لرفع مستوى معيشة المواطن (اخبار الخليج 9-7-2008). غير ان هذا البرنامج لم يشمل جوانب التمويل مما يتيح للحكومة الرفض بسبب نقص الميزانية.

ان الاعتماد على الاحزاب (الكتل) يساهم بشكل عام في تقدديم برامج اكثر تكاملا وتركيزا على القضايا الاستراتيجية الكبرى. غير ان الكتل الحالية لم تظهر هذه القدرة الى الان الا بشكل محدود وهذا راجع الى تركيبتها المذهبية مما شغلها بالقضايا الهامشية والمهاترات الطائفية والتشريع لامور دينية خلافية في بعض الاحيان بالاضافة الى نقص الكوادر والموارد المالية، وعدم توافر المعلومات الكافية لمساعدتها في عملها.

ومع كل هذه المعوقات فان المهمة الرئيسية للنائب والكتلة في رأي الحضور تنحصر في التنمية ومتطلباتها والتركيز على مقتضياتها من اسكان وتعليم وصحة. ولو استعرضنا اداء الكتل في هذه الجوانب نجد انها اقل من المتوقع، ولو انهم نشطوا في الفترة الاخيرة في قضية الاسكان من خلال تقرير املاك الدولة.

الموضوع الاخر الذي تطرق له المتحدثون هو اهمية تعامل البرلمانيين مع المعلومات. فالتعامل مع المعلومات لا يقتصر على توفير جرائد وكمبيوترات بل يجب ان يكون نابعا من حاجة فعلية مستمدة من الاحتياجات المعيشية الانية والمستقبلية للمواطن والمجتمع. ونابعا من تفكير استراتيجي وفهم للمؤشرات الهامة التي تبين تقدم المجتمع مثل زيادة مساهمة انتاج المعرفة وقطاع الصناعة والزراعة في الناتج القومي ومستوى التعليم والبحث العلمي وعلاقتهما بمستوى البطالة والفقر ومؤشرات ارتفاع الاسعار والتضخم وغيرها . هذا يفرض على النائب ان يمتلك عقلية مستنيرة وتفكيرا شموليا. كما يتطلب منه تنمية ثقافة المعرفة وتحليل المعلومات وارشفتها. لذلك يحتاج البرلمان الى انشاء مركز ابحاث ومكتبة ومركز معلومات تعزز قرداته المعلوماتية والمعرفية. كما يحتاج الى قانون يجعله قادرا على الحصول على المعلومات بدلا من تسولها من الدولة. ونامل ان يتحقق ذلك من خلال قانون حق الحصول على المعلومات المرتقب.

ومع كل هذه التحديدات فقد رأى الحضور والمتحدثون ان صفات النائب تشمل اولا: قدرته على توعية المواطن باهمية مبادئ المواطنة والديمقراطية وربط هذه المبادئ بالقضايا المعيشية. فمثلا الاستيلاء على املاك الدولة لم يكن ليحدث لو ان دولة المؤسسات كانت متأصلة وحكم القانون يسري على الجميع والدستور اكثر توازنا. ثانيا : ايمانه بالعملية الديمقراطية وقدرته على كشف او تغيير تفكير الحرس القديم الذين يتخفون خلف كلمات تنادي بحرية الرأي وحقوق الانسان والديمقراطية. ثالثا: قدرته على ربط النتائج بالافعال والتفكير في الاحتمالات الممكنة. فالقوانين والمشاريع التنموية تحتاج الى وقت طويل لظهور نتائجها. وان لا يكون احادي التفكير كما هو الحال مع قانون حظر الخمور الذي اغفل النتائج المتوقعة من خلق سوق سوداء يستفيد منها فاسدون ومتنفذون لزيادة ثرائهم. رابعا: امكانياته في التفاوض والاستعداد له ذهنيا في وقت محدود، اي انه يحتاج الى سرعة التفكير في قبة البرلمان معتمدا على مخزون من المعرفة والثقافة والاحساس بمتطلبات المواطن تعطيه امكانية الدفاع عن مواقفه واطروحاته من معلوماته الخاصة. خامسا: واخيرا مهارته في بناء موقف منطقي وموضوعي مبنى على قيم وعلى معلومات واحصاءات مسلم بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *