- صفات عضو البرلمان الجيد (3)
تاريخ النشر : 15 مايو 2010
بقلم: د. محمد عيسى الكويتي
تطرقنا في المقال الاول الى الفكرة العامة التي طُرحت في مجلس جناحي ومداخلات الحضور التي تركزت في مدى الاستياء والشحن الموجود في الشارع بسبب عجز البرلمان. وفي المقال الثاني تحدثنا عن متطلبات فعالية البرلمان وصفات عضو البرلمان وناقشنا السؤال هل يمكن للبرلمان ان يكون جيدا من دون ان يكون هناك ناخب يؤمن بنفسه وبحقه في الحياة العزيزة والعيشة الكريمة وفي تقدمه وامكانيته في المساهمة فيها؟ وخلصنا الى ان تحسين الحياة النيابية يعتمد بشكل كبير على ادراك المواطن ان العملية الديمقراطية لها علاقة وطيدة بتحسين حياته المعيشية. وفي هذا المقال نتطرق الى دور المواطن والمجتمع ونلخص روح ما دار في الندوة وما يريده الناخب من عضو البرلمان.
قضيتنا في المطاف النهائي هي التنمية. من خلالها يتحسن مستوى معيشة المواطن. ويحصل على الحياة الكريمة. لكن التنمية لها استحقاقات تتمثل في مجتمع موحد وقوي، ومواطن واع ومدرك لحقوقه وواجباته ومستعد للمطالبة بها والدفاع عنها، وبرلمان يعمل وفق برامج ومصالح وطنية، وحكومة تفكر استراتيجيا من اجل مصلحة المواطن. وللمواطن دور كبير في تحقيق ذلك يبدأ باختيار النائب الجيد الذي يستطيع ان يحمل هذه الهموم ويركز عليها بدلا من المناكفات الطائفية. ثانيا ان يكون الموطنن مستعدا لمساعدة النائب والوقوف بجانبه ونصرته في صراعه من اجل التنمية وخدمة قضايا الامة وامنها القومي. كما للمجتمع مساهمة كبيرة من حيث خلق مناخ من الثقة بين القيادة وجمعياته السياسية ورفع فعالية منظماته المدنية.
ان الجمعيات السياسية الحالية قد لا تكون قادرة على تقوية المجتمع وقيادته نحو الديمقراطية ودولة المواطنة بسبب تركيبتها المذهبية . وان بدت في الفترة الاخيرة اكثر توحدا. لكن هذه الوحدة الظاهرية قد تنهار في اي تجربة كما بدأ التفكك بعد جواب الحكومة عن التعديلات الدستورية حيث اتفق البعض مع الحكومة في ان تعديل الدستور مستعجل من دون ان يقول متى سيكون التعديل مناسبا ومتى تصبح التجربة كافية؟
هذا يتطلب بروز قيادات في المجتمع تعمل على تنظيم الحراك المجتمعي نحو المطالبة لاحقوق ومساندة النائب المناسب الذي يتمتع بما بينا من صفات ويحرص على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في مفهومه الشامل الذي لا يقتصر على شرب الخمر والزنى بل يجب ان يشمل قول كلمة الحق.
ونجاح هذه القيادات يكمن في قدرتها على الوصول الى الطبقات العادية من المجتمع التي لا تعرف من هو النائب او ماهي الديمقراطية وكيف تسهم في تحسين مستوى معيشتها. وان يجعل من هذه الفئة الصامته تيارا متحركا ينحو في اتجاه الوعي السياسي وربطه بالرخاء الاقتصادي.
ان بروز مثل هذه القيادات تحتاج اول: الى استقطاب شخصيات هامة ومؤثرة وذات مكانة في المجتمع تسهم في مساندة العملية الديمقراطية وتركز على اهداف محددة تبدأ بمساندة مرشحين معينين ترى فيهم الكفاءة والوطنية لخدمة التنمية وحقوق المواطن في الحياة الكريمة. ثانيا: يمكن لهذا القيادات عقد ندوات التوعية في مختلف المحافل لتوضيح اهمية التصويت وفق مصحلة المواطن بعيدا عن الاصطفافات الفئوية والطائفية. ثالثا: العمل على تنمية ثقافة الاحتجاج والمطالبة بالحقوق بما يعزز تقوية المجتمع في محاربة الفساد وجعله قادرا على خدمة جهود التنمية وذلك بمطالبة الحكومة بوضع اهداف تنموية اكثر وضوحا وقابلة للمساءلة والمتابعة. رابعا:ايجاد وسيلة لاقناع الجمعيات السياسية (القومية والدميقارطية والليبراليتة) بنبذ عقلية اتحاد الطلبة والعمل على ايجاد حد ادنى من التوافق المجتمعي من اجل دولة المؤسسات والمواطنة وبرلمان اكثر فعالية.
تطرقنا في ثلاث مقالات الى ما يريده المواطن من عضو البرلمان وتلخيصا لذلك نجد انه يندرج تحت خمسة عناوين، اولا: ان يدرك النائب بان ما يريده المواطن البحريني هو ان يعيش بكرامة وامان وان ينعم بثروات بلاده وتتوافر له فرص العمل لتوفير مستلزمات الحياة له ولعائلته ولمستقبل ابنائه وان يحصل على حقه في التعليم والصحة والاسكان كغيره من المواطنين وان يساهم في بناء الوطن وتقدمه وازدهاره كل حسب قدراته. ثانيا: ان يؤمن النائب بان مهمته الاولى في بناء دولة المواطنة تكمن في تقوية المجتمع لتحقيق توازن بينه وبين سلطة الدولة وان لا يتبنى مواقف او اطروحات تناقض ذلك كما هو الحال مع بعض نوابنا في الوقوف ضد حرية الصحافة وضد ارجاع املاك الدولة او باثارة الطائفية التي تقسم المجتمع وتفاقم ضعفه. ثالثا: ان يؤمن عضو البرلمان باهمية مشاركة الجميع، بروح وطنية ليس فيها مكان لاختلاف الدين او المذهب او الطائفة او العائلة، في تاسيس نظام ديمقراطي يقوم على مبادئ الدولة الدستورية ومفاهيم المواطنة وسيادة القانون. رابعا: ان يؤمن عضو البرلمان باهمية العمل على ايجاد نظام اقتصادي ذي قاعدة انتاجية صناعية وعلمية مبني على تنمية بشرية وطنية والمحافظة على الثروات وتنميتها للاجيال القادمة. خامسا: ان يؤمن عضو البرلمان بضورورة وجود نظام اقتصادي ضمن منظومة خليجية وعربية تسعى الى تعاون ووحدة اقتصادية وسياسية تتعاون مع دول الجوار لخدمة المصالح الاقليمية المشتركة من منطلق حماية ثرواتنا وسيادتنا وقرارنا.