نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. ضحية أخرى للإرهاب.. هل من حلول؟

https://wordpress.com/post/81755325/30

  تاريخ النشر :١١ فبراير ٢٠١٥ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

هيمنة السلطة على الدولة وعلى المجتمع خلق حالة عدم تكافؤ بين الانسان والمجتمع والدولة، وأصبحت الدولة مختطفة من قبل السلطة أدى ال تفاقم الظلم وعدم المساواة والاستئثار بالسلطة والثروة ونمو ظاهرة الإرهاب. الحل ديمقراطية حقيقية؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13473/article/6493.html

ما كاد يفرغ العالم العربي من صخب وفظاعة جريمة الجريدة الفرنسية حتى فوجئ بجريمة أخرى راح ضحيتها الطيار معاذ الكساسبة حرقا، وهي حالة جديدة من الإرهاب وإثارة الرعب، لم يعجز مُنظرو الجماعة الإرهابية من إيجاد فتوى تبرر جريمتهم. هذه الجريمة وغيرها تفرض على الأمة طرح الأسئلة لماذا؟ 

 في اعقاب تفجيرات 11 سبتمبر 2001 في أمريكا والتي راح ضحيتها ما يزيد على ثلاثة آلاف شخص، نهض العالم الغربي بأسره يدين «الإرهاب الإسلامي» ويتهم الإسلام بأنه يحتوي على بذور الإرهاب، لكن كانت أصوات أخرى ومنها روبرت بيب في كتابه «يموت ليفوز» الصادر عام 2005 يرى ان هذا الاعتقاد مضلل وغير صحيح. رصد في كتابه 315 حالة إرهابية حدثت في العالم منذ عام 1980 إلى 2003. بعضها كان من تدبير حكومات مثل كوريا الشمالية ضد الجنوبية. هذه القائمة التي جمعها اثبتت من دون شك ان عمليات الإرهاب غير مرتبطة بالإسلام أو الفكر الإسلامي أو أي دين آخر. فمثلا نمور التاميل في سريلانكا حركة ماركسية- لينينية وأعضاؤها من عائلات هندوسية، ارتكبت هذه الجماعة 76 حالة من 315. خلص إلى ان أحد العوامل المشتركة في هذه الحالات الإرهابية كان لإجبار قوى اجنبية ديمقراطية بالخروج من اوطان هذه الجماعات. ويورد ثلاثة نماذج تعزز استنتاجه. أولا ان معظم العمليات الإرهابية (301 من 315) قامت بها تنظيمات لها مطالب وليست أفرادا أو حالات منعزلة. ثانيا ان معظم الدول المستهدفة هي دول ديمقراطية لها قضايا لم تعالج مع دول أخرى. ثالثا ان معظم الأهداف كانت استراتيجية منها نيل الاستقلال وحرية تقرير المصير ورفع الظلم المجتمعي. منذ 2003 إلى الآن ومثل هذه الحالات في ازدياد.

 أخطأت الدول الديمقراطية وبالذات أمريكا في تعاملها مع الإرهاب بالتركيز على هزيمة الإرهابيين من دون فكرهم ومعالجة الأسباب التي أوصلت هؤلاء الناس إلى هذه النتيجة اليائسة من الحياة في سبيل الآخرة. واليوم تخطئ دولنا العربية في التعامل مع الإرهاب بالبحث عن عوامل خارجية وإغفال العوامل الداخلية. عنصر اليأس من الحلول العادلة والمنصفة هي أحد أسباب رواج الفكر المتطرف. 

 في بيان الدولة الإسلامية (داعش) الذي صدر مؤخرا يقول ان ما ساعدهم على تجنيد الشباب والشابات العرب بالذات هو وجود الظلم وغياب العدالة والفقر في أوساط أعداد كبيرة من الشباب في دول عربية غنية. ليس بالضرورة ان يتعرض نفس الشباب «المغرر بهم» لحالات الظلم والفقر ولكنهم يرون المجتمعات كيف تسير وكيف تتفشى فيها حالات الفساد والاستئثار وغيرها من المظالم.

 العالم العربي بحاجة إلى نظام عادل يعيد للإنسان قيمته في مواجهة الدولة، يستطيع الانسان من خلالها ان يلجأ اليه ويطمئن إلى عدالته واستقلاليته. في خلاصته يقول روبرت بيب (صفحة 240) ان الحل الطويل الأمد لمكافحة الإرهاب هو إحلال النظم الديمقراطية في العالم العربي واحترام حقوق الانسان ودفع عجلة التنمية.

 بينما ما نجده اليوم في معظم دولنا العربية هو هيمنة السلطة التنفيذية على التشريع والقضاء. النتيجة أنظمة قضائية إما تابعة للسلطة وإما انها مغلوب على امرها بسبب ما تمرره مجالس تشريعية صورية من قوانين مجحفة صممت لتغليب مصالح معينة تنتج ساحة تميل بشكل فاضح إلى كفة السلطة. على الأنظمة العربية ان تدرك ان «ساحات اللعب غير المستوية» التي تخلقها من خلال دساتيرها وأنظمتها السياسية، تميل بشكل غير عادل إلى صالح السلطة وتحرم الآخر «المجتمع والإنسان» من إحراز أي نجاح وتدفعه نحو التطرف. وكأننا في مباراة تكون فيها إدارة الملعب والحكم ومراقبو الخطوط جميعهم من فريق واحد (السلطة) فأي فرصة للفريق الآخر في الفوز؟ غير ان الفريق الآخر في هذه الحالة هو المجتمع الذي تتجه فئة منه أو جماعات أو أفراد إلى العنف والإرهاب.

 ما حدث في كثير من الدول ان هذه الدولة أصبح لها كيان منفصل عن المجتمع ولا تأتمر بأمره، وتم اختطافها من قبل جماعة إما عن طريق الحروب والاستعمار والاحتلال وإما عن طريق ثورات عسكرية أرادت تحرير الدولة من الاحتلال والاستعمار فاحتلت هي الدولة وأخضعت المجتمعات لإرادتها رغبة منها لتسيير المجتمع بحسب رؤية خاصة بها (ايدلوجية). تطور الأمور في الدول العربية اوجد حالة تختلف عن ذلك، حالة يكون الانسان فيها مراقبا من قبل الدولة ليس لصالح المجتمع الذي اوجد هذه الدولة ولكن لصالح أجهزة الدولة ومؤسساتها وقياداتها. انفصلت الدولة عن المجتمع واتخذت أهدافا مستقلة عن أهداف المجتمع، أصبحت الدولة ملك للسلطة وحمايتها هي حماية السلطة من المجتمع ومن الانسان. هذه هي الازمة الحقيقية التي تعيشها الدول العربية والتي تنتج جميع اشكال التناقضات والصراعات التي يستغلها الغرب أو أي جهة أخرى للنيل من الدولة ومن المجتمعات والشعوب العربية وتقليصها وتحجيم تطلعاتها.

 الجواب عن السؤال، لماذا يحدث ما يحدث في العالم العربي من إرهاب ناتج عن عوامل عدة ولا يمكن ارجاعه إلى عامل واحد هو خروج جماعة ضالة أو عمالة اجنبية. أو انه حرب على الإسلام والمسلمين. هناك عوامل داخلية كثيرة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية تسببت في حالة عدم الاستقرار التي يجد العالم العربي نفسه فيها. الجواب لن يكون سهلا ولا بد ان يمر بمخاض عسير إلى ان تقتنع الأطراف المهيمنة على المجتمع والمنتصرة في الوقت الحالي بأن الاستقرار لا يأتي بفرض رؤيتها التي تعبر عن مصالحها على المجتمع بل لا بد من توسيع خيارات الناس وفتح الأفق السياسي للمشاركة الحقيقية واعتماد الشفافية والنزاهة في الحكم لتلافي ويلات الإرهاب الذي للأسف يتسع.

 mkuwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *