- ضرورة التوافق على الاهداف الوطنية اولا
تاريخ النشر :25 فبراير 2011
بقلم: د. محمد عيسى الكويتي
تمر البحرين باوقات صعبة تحدد مستقبلها ومستقبل الاجيال القادمة وبذلك فهي تُحملنا مسئولية معالجة الامور بروية وحزم ومنهجية علمية لتحقيق مصالح جميع المواطنين بموضوعية بعيدة عن الشخصنة والمصالح الفئوية والانية. اما الحلول الترقيعية والوقتية فسوف تنفجر في وجهنا في المستقبل وقد نضع بذور الفرقة والخلاف في ما نضعه اليوم من انصاف الحلول. لذلك يتوجب تدارس اسباب هذه الوضع ونتفق على اهداف وطنية وان نضع نظاما ديموقراطيا يحرر المجتمع من آفة الطائفية والخوف من الآخر ويطلق طاقاته الانتاجية والابتكارية.
ويصب في هذا التوجه ماحدث يوم الاثنين بدخول “تجمع الوحدة الوطنية” في يوم حاشد عبر عن رغبة في التغيير وايذانا ببدأ مرحلة جديدة من المسيرة الديموقراطية. ففي خطاب وطني جامع وضع الشيخ عبداللطيف المحمود أهم أسس الحوار وهو “ان تكون السلطات للشعب بشكل فعلي”، كما مد يده للجميع للحوار على هذا الاساس. قبل هذا التجمع كان لدى الكثير من المواطنين مخاوف على مستقبل البحرين ولكن بعد هذا الخطاب عاد الامل والتفاؤل من جديد نتمنى ان لا تفسده علينا بعض الاطروحات النشاز التي تلت خطاب الشيخ عبداللطيف.
يبدو من البيانات الصادرة من جهات مختلفة بان هناك توافق على مبادئ الديموقراطية والمملكة الدستورية وسيادة القانون، وان الحوار هو السبيل لتحقيقه وان الميثاق الوطني هو المرجعية المقبولة من الجميع. فسمو ولي العهد يرى بان الاصلاح قد توقف و”تأخرنا كثيرا فيه وهذا ما اوصلنا الى هذا الوضع”. كما قال الشيخ علي سلمان في مؤتمر صحفي بانه “لا مكان لولاية الفقيه في البحرين، بل إن شعبنا لا يطالب بدولة دينية وإنما مطلبه دولة مدنية ديمقراطية على النمط المعروف في العالم” ويتفق ذلك مع ما ينادي به تجمع الوحدة الوطنية في بيانها الصحفي الاخير.
ان نجاح الحوار يعتمد الى حد كبير على اولا: التحرر من المخاوف والهواجس التي استقرت في النفوس، والتخلص من سيطرة فكرة الطائفية على العقول وعلى العواطف. البحرين مقبلة على تغييرات كبيرة ومن الطبيعي ان يصاحب ذلك خوف وتوجس من المجهول، لكن بعد يوم الاثنين، وبعد مكتسبات الشعب في حرية التعبير والتظاهر السلمي فان عامل الخوف من الآخر لم يعد مبررا ويجب ان يزول لكي نتمكن من وضع الحلول التي تعالج مشاكل المجتمع التي اوصلتنا الى هذا الوضع معالجة جذرية تصل الى عمق المشاكل والتحديات وان تشمل بنيه المنظومه السياسية باستثناء شرعية الحكم الواردة في الميثاق. ثانيا: ان يتمكن المجتمع، ومن خلال الحوار فيما بين القوى السياسية والمصالح المختلفة، التوصل الى قائمة واحدة من المطالب تقدم الى سمو ولي العهد، وعدم تقديم عددا من قوائم المطالب تمثل مختلف الجهات، فهذا سوف يشتت الجهود وقد تثير خلافات اكثر مما تعالج ويعيق التوافق الوطني. ثالثا: يعتمد النجاح على وضوح الرؤية حول الاهداف المجتمعية التي نريد تحقيقها من خلال التغيير، وان يقتنع الجميع بان النظام الديموقراطي هو البيئة التي توفر الارضية للعمل والتقدم في تحقيق هذه الاهداف.
والسؤال هو “ماهي الاهداف الوطنية من التغيير؟” نرى ان تشمل هذه الاهداف اولا: وضع علاج للمشاكل والتحديات التي تواجه المجتمع والتي اوصلتنا الى مانحن فيه، واهم هذه المشاكل هو ضعف المشاركة السياسية ومحدودية صلاحية البرلمان.
الهدف الوطني الثاني من التغير هو تمكين المجتمع من تحقيق التنمية البشرية الحقيقية لتساهم في رفع قدرته التنافسية في السوق العالمي. وهذا يتطلب ان يشعر المواطن بالحرية التي تمكنه من الابتكار والابداع تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة والعدالة. واي حل لايوفر هذه المتطلبات سيعيق التنمية ولن يحقق تطلعات المواطنين في تحسين مستواهم المعيشي والحياة الكريمة.
الهدف الوطني الثالث هو خلق توازن بين مصالح مختلف فئات المجتمع – الحكم والمصالح الوظيفية والتنموية – لكي لا تتغول اي فئة على المجتمع وتسيطر على اجهزته. ان مسئولية الامن والاستقرار هي مسئولية جماعية تتحقق عندما يشعر كل انسان في المجتمع بان حقوقه محفوظة ومصانة وان صوته مسموع ومحسوب وانه مشارك في اتخاذ القرار وتحمل المسئولية.
وعليه فان التوافق على المطالب مرهون بقدرتنا على بيان علاقة هذه المطالب بالاهداف الوطنية المتفق عليها والكفيلة بمعالجة المشاكل والتحديات التي اوصلتنا الى هذا الوضع من جه، ومن جهة ثانية اتباع منهجية علمية في التوصل اليها وشرحها للعامة بعيدا عن الولاءات الضيقة والهواجس والمخاوف غير المبررة.