نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

مقال الاسبوع- استراتيجية السياحة طموحة جدا بحيث يرى بعض المعنيين صعوبة نجاحها بسبب المنافسة الشديدة في المنطقة. لم تنشر الاستراتيجية نوعية الوظائف التي ستخلقها وهل سيستفيد منها البحريني. نشر نوعية الوظائف يمكن معاهد التدريب ووزارة العمل والشباب للاستعداد لشغل هذه الوظائف. نحتاج كذلك الى تفسير لماذا تراجع التنويع الاقتصادي عن 2015.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1275563

عوامل نجاح استراتيجية السياحة والأهداف الطموحة

اعلنت وزارة الصناعة والزراعة والسياحة في الشهر الماضي (26-10-2021) عن استراتيجيتها السياحية للاربع سنوات القادمة (2022 – 2026). تهدف الاستراتيجية الى زيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الاجمالي وتطوير منتج سياحي متميز عن دول المنطقة، تطوير الاطار المؤسسي والتشريعي الداعم والبنية التحتية لاقامة المعارض والمؤتمرات، زيادة الدول المستهدفة، بالاضافة الى ايجاد بيئة مستدامة وممارسات اجتماعية وثقافية. تستكمل هذه الاستراتيجية ما تحقق من النسخة الاولى من الاستراتيجية في التعريف بما هو متوفر من خدمات سياحية في البحرين.

تعتمد نجاح الاستراتيجية بشكل عام على واقعية اهدافها ووضوحها، وعلى سلامة ومعقولية الفرضيات التي بنيت عليها الاهداف، وعلى تحديد عوامل النجاح الرئيسية لكل من هذه الاهداف وطبيعة المبادرات لتحقيقها وكيف يتم تقييم نتائجها المباشرة وعلى المدى المتوسط والبعيد. كذلك يتوقف النجاح على تناغم عناصر الاستراتيجية وتفاعلها مع بعضها وتوفر الموارد المادية والبشرية الداعمة. وبدرجة رئيسية يعتمد نجاح تنفيذ الاستراتيجية على وجود منظومة لادارة وقياس الاداء ملائمة وشاملة لمؤشرات تُقيِّم العلاقة السببية بين المبادرات والاهداف والنتائج.

بالنسبة لعوامل النجاح فقد اعلن وزير الصناعة بان “النجاح سوف يعتمد على منطلقات” منها مدى استجابة الدول المستهدفة، وعوامل داخلية تتعلق بتسهيل الدخول الى البلاد، تنويع عناصر الجذب السياحي، التسويق والترويج بالشراكة مع القطاع الخاص، الناقلة الوطنية وتعزيز مقومات الاقامة السياحية، تعزيز فرص الاستثمار السياحي وتطوير البنية التنظيمية الحاضنة لها. بالاضافة الى تحديث قانون السياحة رقم 15 لعام 1986. نرى ان هناك عامل نجاح هام لم يبرز بما يكفي في هذه المنطلقات وهو تناغم خطة التدريب وتهيئة الكوادر البحرينية للاستفادة من فرص التوظيف. كذلك ما لم يتضح مما نشر حول الخطة هو كيف سنحول عوامل النجاح هذه الى مؤشرات اداء تتابع وتدير تطورات الاستراتيجية وتُقيِّم علاقتها بالموارد المختلفة ومدى استفادتها منها. لذلك نرى اهمية نشر تفاصيل الاستراتيجية في موقع الوزارة لابراز تماسك الاستراتيجية وتناغمها مع خطط التدريب والخطة الاعلامية لكي يتابع المجتمع والمهتمين خطوات التنفيذ واين وصل.

تعبر خطة التعافي عن توجه لتوسيع مشاركة القطاعات الستة في الناتج المحلي الاجمالي ورفد ايرادات الدولة وخلق فرص عمل للبحرينيين. لم يتضح فيما نشر من الاستراتيجيات أنواع واعداد الوظائف التي ستخلق في السنوات الاربع القادمة كنسبة من الوظائف التي ذكرتها خطة التعافي. ولا يتبين كيف ستضمن الاستراتيجية استفادة البحرينيين من هذه الوظائف؟ وماهي الاصلاحات المطلوبة في سوق العمل لتحقيق الاستفادة؟ كيف سيكون استعداد وزارة العمل، بصفتها المسئولة عن التدريب، لذلك وهل معاهد التدريب الموجودة كافية لخلق التنويع في التدريب المطلوب. عدم الوضوح يبعث الخوف في المجتمع من ان نسبة كبيرة من الفرص ستذهب لعمالة اجنبية. مخاوف اخرى تنتاب المجتمع هي ان كثير من مشاريع البنى التحتية سوف تضغط في اتجاه خلق مزيد من فرص عمل للعمالة الوافدة. لذا نرى ان الاعلان عن نوعية الوظائف سوف يعطي مراكز التدريب فرصة للاستعداد لتلبية المتطلبات، وتمنح العاطلين فرصة الاستعداد لشغل هذه الوظائف. مهم ان تُعلن هذه المعلومات لكي يطمئن المجتمع الى امكانية تحقيق هدف 20 الف وظيفة سنويا. كذلك من المهم ان تعلن نوعية الوظائف والشرائح المستهدفة، سواء كان في السياحة او في القطاعات الاخرى الوارد في خطة التعافي، لكي يستعد الشباب لبناء تصوراتهم واخذ قرارتهم حول مستقبلهم المهني.

بالنسبة للاهداف، فقد وضعت الاستراتيجية اهداف طموحة تتحقق في 2026 عبرت عنها برفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي الى 11.1% واستقطاب 14.1 مليون سائح، وزيادة اجمالي انفاق السواح الى 2 مليار دينار. قد يكون اكثر الاهداف طموحا ما يتعلق بالمساهمة في الناتج المحلي، حيث تصل الزيادة المتوقعة الى 67% مقارنة بعام 2019. تحقيق هذه الاهداف سيواجه تحدي كبير بسبب المنافسة الشرسة في سوق السياحة على مستوى الخليج وبعض الدول القريبة. لذلك فان خلق الميزة التنافسية يمثل جوهر هذا التحدي. تتطلب هذه المنافسة ، وفق بعض العاملين في القطاع، قدر كبير من الابتكار والابداع ولا يمكن الاعتماد على ماهو متوفر من مؤسسات خاصة، بل يحتاج الى عمل مشترك يتكاتف فيه القطاع الخاص والعام خصوصا بعد الانخفاض الذي حدث في اداء قطاع السياحة عموما نتيجة جائحة كورونا. في الوقت الحالي مازالت هناك حاجة الى توضيح الالتباس في بعض الارقام المعلنة. فمثلا وفق تصريح معالي وزير المالية انخفضت مساهمة قطاع النفط والغاز الى 20% من الناتج المحلي الاجمالي تعبيرا عن نجاح التنويع الاقتصادي، لكن هذه المساهمة كانت 13.4%[1] في 2015، ما يبدو تراجعا في التنويع بحاجة الى توضيح.

تستهدف استراتيجية السياحة اسواق اهمها مجلس التعاون ودولا عربية واسيوية واروبية وبطبيعة الحال السوق المحلي. هذا التوجه قد يتعارض مع توجهات جهات حكومية تسمح باستملاك السواحل وحكرها على المالكين وحرمان المواطنين والسياح على حد سواء من الاستمتاع بها، وهي مرافق حيوية للسياحة العائلية. ازالة مثل هذا التناقض مع الاستراتيجية واينما وجد امر مهم لتحقيق التناغم، ليس في هذه الاستراتيجية فقط ولكن في المنظومة الخدمية بمجملها. وقد نوهت خطة التعافي الى ضرورة اجراء اصلاحات تشريعية ومؤسسية نامل ان يكون ذلك من بين هذه الاصلاحات. هذه الملاحظات تقود الى ضرورة وجود منظومة ادارة وقياس الاداء للاستراتيجية توحد جهود جميع الجهات المعنية في القطاع العام والخاص.

drmekuwaiti@gmail.comcbh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *