نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. غرفة التجارة … والتحديات المقبلة

تاريخ النشر : 24 اكتوبر  2009

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

تشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عصب الاقتصاد في جميع دول العالم لما تمثله من ثقل اقتصادي. تواجه هذه المؤسسات في البحرين تحديات كبيرة لسببين اولا لكونها مؤسسات صغيرة في دولة صغيرة نسبيا مما يحد من حجم السوق والقدرة على التوسع، وثانيا كونها في مجملها شركات عائلية تنطوي طبيعتها على مخاطر وتحديات ادارية وتنظيمية ومالية اضافية. لذلك فهي تحتاج الى دعم خاص من جهات متعددة اهمها غرفة التجارة والصناعة. ولمناقشة بعض هذه الجوانب اقيمت في مجلس عبدالحكيم الشمري ندوة شارك فيها كل من الدكتور جاسم حسين وكاتب هذه السطور تم خلالها مناقشة جوانب مختلفة من التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

بين المنتدين ان الظروف مهيئة لاصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للعمل بشكل ايجابي غيران هناك عدد من التحديات منها الجانب الاداري الذي يمثل عقبة في طريق نموها، وضعف المساعدة الفنية في اعداد دراسات الجدوى خصوصا في مرحلة التأسيس، والقدرة على وضع خطط العمل الواقعية والعملية التي تحدد ملامح الطريق الذي تسلكه في مسيرتها المحفوفة بالمخاطر. كما ان طبيعة ادارة هذه الشركات، سواء كانت في مرحلة التأسيس او في مراحل متقدمة، فردية ارتجاليه في كثير من الحالات.

يقول الاستاذ عبدالرحمن السندي، رئيس لجنة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة السابق في دراسة اعدها لغرفة تجارة وصناعة البحرين، يقول “ان طبيعة ادارة الشركة يسوده نمط المدير المالك الذي يجمع عادة بين وظائف الادارة والتمويل والتسويق وغيرها بالاضافة الى عدم وجود التخصص الوظيفي بالمعنى المعروف”. ونضيف بان عدم وجود نظام اداري واضح ومساءلة سليمة يهدد بقاء المؤسسة بعد تنحي او وفاة المؤسس صغيرة كانت ام كبيرة.

وفي البحرين هناك أمثلة جيدة على ادارة المؤسسات العائلية الكبيرة التي يمكن ان تستفيد منها المؤسسات الصغيرة لو ان غرفة تجارة وصناعة البحرين وثقت انظمة عمل هذه المؤسسات وجعلته في متناول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتستنير به في تنظيمها الاداري. ومن هذه الامثلة مؤسسة كانو والزياني والمؤيد وغيرها. فمثلا تصر مؤسسة استثمارات الزياني على عدم تسلم ابناء العائلة لمنصب اداري (مدير شركة) لضمان عنصر المساءلة. هذا المبدأ (المساءلة) ينطبق ليس فقط على المؤسسات والشركات العائلية ولكن كذلك ينطبق على الحكومات التي تولي مسئوليات لاناس لا تستطيع مساءلتهم او محاسبتهم. 

ونظرا لكون معظم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فردية فان توفير التمويل المناسب يشكل تحد كبير خصوصا في ظل تردد البنوك في تقديم التمويل اللازم لها. وتبين العديد من الدراسات ان نوع التمويل لهذه المؤسسات غير مناسب لاحتياجاتها من حيث الحجم او من حيث مدد السداد وفترات السماح. هذا النقص في الموارد المالية والادارية يؤثر على القدرة التسويقية لهذه الشركات وخصوصا اذا ما ارادت اختراق اسواق خارجية. اضافة الى ذلك فان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تتأثر قدرتها على المنافسة في الاسواق المحلية او الخليجية بسبب عدم توفر حماية ضد البضائع والخدمات الاجنبية التي في كثير من الاحيان تعمد الى اغراق السوق لضرب الصناعة الوطنية. لذلك نرى ان هناك حاجة لوضع تشريعات مناسبة لحمايتها من المنافسة غير المتكافئة. ضف الى ذلك صعوبة القدرة على التوسع بسبب قلة الكوادر المؤهلة التي تشكل عصب نشاطها كما تمثل قوانين العمل تحديدات اضافية واعباء مالية قد تضطر بعضها الى التوقف. 

لذلك فان هذه المؤسسات تحتاج الى الكثير من المساعدة، والسؤال هو ما دور غرفة التجارة والصناعة في ذلك وخصوصا في جوانب محددة مثل المساعدات الفنية، واعداد دراسات السوق، وتقديم مساعدات ادارية على غرار المركز العربي الإقليمي لتنمية وتدريب أصحاب الأعمال والاستثمار والمتواجد في البحرين.

يقترح السيد عبدالرحمن السندي في دراسته المشار اليها اعلاه اولا: انشاء مؤسسة حكومية لرعاية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على ان يعهد اليها دراسة كافة الامور المرتبطة بهذا القطاع من مشاكل وصعوبات والعمل على وضع الحلول المناسة. ثانيا توفير قاعدة بيانات واحصاءات متنوعة يمكن الاستفادة منها لتطوير اعمال هذه المؤسسات ومساعدتها في مجالات التسويق والقوى العاملة وتحسين الانتاج ورفع مستواها الاداري. ثالثا: تأسيس مراكز بحوث تقنية وانتاجية لتطوير التقنيات الوافدة المستخدة في هذه المؤسسات وتطويعها لخدمة احتياجاتها، ورابعا: تأسيس شركة تسويقية وطنية تتخصص في مجالات اعداد البحوث ودراسات السوق والترويج.

نرى ان الغرفة بحاجة الى دماء جديدة وافكار مبتكرة تمكنها من تطبيق الكثير من المقترحات ومساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وهذا قد يتطلب اجراء تغييرات جذرية على قانون الغرفة ومنها تحديد مدة العضوية في مجلس الادارة الى اربع سنوات يمكن تمديدها لمرة واحدة فقط، وبعدها يترك المجال لدماء جديدة لتأخذ دورها في تطوير وتنمية خدمات الغرفة. وهذه الفكرة ليست بالجديدة فقد طرحها جلالة الملك فيما يتعلق الامر بالحكومة عندما قال جلالته في احدى خطاباته ان تتحدد مدة بقاء الوزيرفي منصبه لمدة اربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة. وكم كان بودنا ان يتم هذا التجديد بموافقة مجلس النواب. واملنا ان تبادر الغرفة الى ذلك لتكون قدوة للحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *