نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ١٨ مايو ٢٠٢٢

مقال الاسبوع – للاسف اداء المجلس الضعيف اوصل المجتمع الى مرحلة من الاحباط تطالب بحله- الغاية من المجلس تطوير التجربة الديمقراطية لتصل الى الدولة الحديثة ورفع مستوى جودة الحياة، اداء المجلس خيب الامل. تقوية المجلس مصلحة وطنية تقع مسئوليتها على الدولة والمجتمع والمجلس نفسه.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1295620

قراءة في مسيرة المجلس النيابي

اختتم مجلس النواب دور انعقاده الخامس بعد اربع فصول شهد فيها المجتمع تشريعات تمس حياته بشكل مباشر منها ضريبة القيمة المضافة ووقف زيادة 3% للمتقاعدين كتعويض عن زيادة نسبة التضخم. بعد انتهاء دور الانعقاد نشرت ادارة المجلس انجازات المجلس تلخصت في اقرار 47 مرسوما، و156 مشروعا، وتقديم 63 مقترج قانون وارسال 539 اقتراح برغبة الى الحكومة. بعد خمسة فصول نرى ضرورة الوقوف لتقييم اداء المجلس والبحث في كيفية رفع مساهمته في التشريع والرقابة وتمثيل المجتمع. واول من يبغي ان ينظر في هذا الامر مجلس النواب كمؤسسة. تقع مسئولية التقييم الموضوعي لاداء المجلس بناء على النتائج التي تحققت في حياة الناس وليس بناء على اعداد ما تقدم به المجلس من مقترحات برغبة او ما اقرها من مراسيم وقوانين او ما عقدها من جلسات ولا ماناقش من مواضيع. بانتهاء دور الانعقاد الخامس نكون قد انهينا عشرون عاما من التجربة النيابية ونحن على استعداد لانتخابات عام 2022 ستسفر عن مجلس يمثل المجتمع لدور انعقاد جديد. السؤال الذي لا بد ان يطرح في اي تجربة هو كيف هو مسار التجربة، ماذا تحقق نتيجة لهذه التجربة وكيف نطورها؟

هذا السؤال يحتم تحديد بعد المصطلحات والمفاهيم. اولا ماذا نقصد بالتجربة النيابية؟ ثانيا لا بد تحديد الغاية من انشاء المجلس النيابي وماهو الدور المناط به؟. وضع الميثاق والدستور هدف كبير وهو التقدم نحو الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة. وتحديدا ورد في ديباجة الدستور ان اهم الغايات “استكمال أسباب الحكم الديمقراطي لوطننا العزيز، وسعيا نحو مستقبل أفضل، ينعم فيه الوطن والمواطن بمزيد من الرفاهية والتقدم والنماء والاستقرار والرخاء في ظل تعاون جاد وبناء بين الحكومة والمواطنين يقضي على معوقات التقدم”. والمجلس كاهم نتاج الميثاق والدستور واكبر مؤسسة سياسية في الدولة تمثل المجتمع تقع عليه مسئولية كبيرة في تحقيق استكمال الحكم الديموقراطي والقضاء على معوقات التقدم والنماء والرخاء والاستقرار.

حدد الدستور اهداف التجربة في ان يمثل الشعب مجلس نيابي يتناول التشريع ومراقبة السلطة التنفيذية في وضع السياسات وفي ادارة الموارد وفي تحقيق النتائج وتمثيل المجتمع في قضاياه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي تحمل مسئولية تطوير مسيرته نحو تكميل مبادئ وادوات وأليات التجربة الديمقراطية بما يتفق مع الميثاق والدستور. اي انه يمارس دوره في التشريع والرقابة والتمثيل، ويطرح القضايا التي تهم المجتمع ككل وليس ناخبي اعضائه فقط. كذلك تقع المسئولية على المجلس والحكومة والمجتمع (مجتمعين ومتعاونين ومتساويين في المسئولية) في تحديد وتوجيه المسيرة وتقييم تقدمها نحو هذا الهدف كمجتمع وكمجلس تشريعي وكحكومة. وعليها ان تطرح السؤال اين وصلنا في هذا المسار الديمقراطي، وماذا تحقق فيه، وفي التقدم والنماء والرخاء والاستقرار؟ وان يضع المجلس اولويات واهداف واطار زمني ومؤشرات لمتابعة وتقييم هذا التقدم بما ينير طريقنا في الادوار التشريعية القادمة.

ينطلق تقييم التجربة من ثلاث محاور اولا الغاية التي وجد المجلس من اجلها بان يقوم المجلس بالتعاون مع الحكومة والمجتمع برصد تطورنا نحو الغاية الرئيسية وتحسين مستوى المعيشية والتقدم في التنمية؛ ثانيا ادراك بان المجتمع يتكون من مصالح وتيارات فكرية مختلفة واقليات متعددة، تحتاج الى من يمثل مصالحها ويقيم مستوى التقدم فيها؛ ثالثا ابراز اهمية لدور السلطة التنفيذية في وضع سياسات واستراتيجيات لتنفيذ اهداف التنمية وانعكاس ثمارها على المجتمع بجميع فئاته. نظم الدستور تشكيل جمعيات وجماعات ومنظمات مدنية تمثل هذه المصالح من خلال من تنتخبه للمجلس النيابي وان يكون لها تواصل مستمر معه وفق الاتقاق المسبق والانظمة التي يعمل بموجبها الجمعية او التيار الفكري. هذا يعني ان المجتمع يفرز قيادات فكرية وسياسية واقتصادية وعمالية تضع خطوط عريضة ومحددة لمتطلبات المجتمع يستدل بها النائب في عمله وتكون اساسا للتواصل معه. في وضعنا نجد ان هذه الصورة غير مكتملة وتحتاج الى جهد من المجلس والحكومة والمجتمع لتطويرها. من اسباب عدم اكتمال ذلك نجد ان المجلس مكون من افراد مستقلين في معظمه يصعب على المجتمع متابعته وتقييم اداءه او ليتسق مع الاهداف، ناهيك عن كون النائب المستقل يفتقر الى الاستمرارية في برنامج ومشروع اصلاحي يخدم الغاية من وجود المجلس، وبالتالي نفقد كمجتمع الفائدة من تراكم الخبرات والتجارب من العمل البرلماني التي عليها يعتمد تطوير العملية الديمقراطية.

الامر الاخر الذي تحتاجه تجربتنا هو مستوى افضل من التفاعل والاعتمادية بين المجلس والمجتمع. عادة هناك قضايا تهم المجتمع بشكل اكبر وخصوصا تلك التي تؤثر في حقوقه الدستورية والاجتماعية والمالية، وتؤثر في مستوى معيشته، وفي امنه الشخصي والجمعي والوطني. التعامل مع هذه القضايا يحتاج فيها المجلس الى الرأي العام لكي يكون تاثيره اكبر في القضايا المطروحة، كما يحتاج المجتمع الى صوت النائب ومشاركته في النقاش والتداول لبيان ملابسات وتاثير المشاريع المطروحة. مسئولية تحقيق هذا التفاعل تقع على الجمعيات السياسية والمنظمات الاهلية من ناحية، والمجتمع من ناحية ثانية، والحكومة من ناحية ثالثة. المصلحة العامة والاستقرار يقتضيان ان تهتم الجهات الثلاث برفع فعالية المجلس. لكن بسبب ضعف دور هذه المنظمات فان المسئولية تقع بشكل مباشر على الحكومة والمجلس. يقوم التواصل الاجتماعي بدور فعال في هذا الجانب لكنه غير كافي. خلق آلية توثق الربط والتفاعل بين المجلس والمجتمع والدولة مسئولية الجميع وبالذات مجلس النواب كونه اكثر تنظيما وتاثيرا من مؤسسات المجتمع السياسية والمهنية والعمالية. كذلك نرى ان هناك مصلحة عامة في قيام الحكومة ومجلس النواب بدور في تقوية مؤسسات المجتمع المدني ودعمها ماديا وتشريعيا بما يساعدها في المساهمه في تحقيق الغاية من المشروع الاصلاحي وتعزيز الرخاء والازدهار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *