نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

الرسوم والضرائب لن تعالج مشكلة الدولة المالية المطلوب ضرائب ثروة على الاغنياء وضرائب دخل وليس تحميل المواطن اعباء فشل ادارة الدولة وثرواتها.

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1105713

فاجأ قرار رفع أسعار النفط المجتمع البحريني وبشكل خاص محدودي الدخل وما تبقى من الطبقة الوسطى كما فاجأته الزيادة السابقة ولا يستبعد ان يفاجأ في الأيام القادمة بقرارات تثقل عليه أعباءه المعيشية! بهذه الزيادة يكون الوقود قد ارتفع مائة في المائة خلال سنتين. قرار مجلس النواب  رفع الجلسة احتجاجا على القرار لن يؤدي إلى نتيجة، والأوامر الملكية السامية هي بشأن إعادة توجيه الدعم وليس لها علاقة بتعطيل هذا القرار.

قال النواب في جلستهم إن القرار جاء منفردا من قبل الدولة ممثلة في الهيئة الوطنية للنفط والغاز. ولم ينشر في الجريدة الرسمية. والسؤال هل هذه هي المشكلة؟ أم ان المشكلة في أولوية من يدفع ومن يساهم في تمويل الخدمات؟ المواطن الضعيف أم المقتدر؟ لماذا التركيز على رفع الدعم والقيمة المضافة وزيادة الرسوم؟ وكل هذه الإجراءات تضر بالمواطن الفقير أكثر من المواطن الغني، فهل هذا هو الخيار الوحيد لدى الدولة لتجاوز الأزمة هذه؟ أم انه الخيار الأسهل والأقل ضررا على الطبقة الغنية والمستفيدة مباشرة من الطفرة النفطية طوال العقود الأربعة الماضية؟

المشكلة ليست في هذا القرار ومروره على المجلس من عدمه، المشكلة الأساسية هي ان الوضع الاقتصادي وطريقة التعامل معه هي التي تحتاج إلى مناقشة، وليس اليوم بل كان يجب أن تناقش منذ بداية الدورة. لكي ننجح في علاجنا لا بد ان نعرف الأخطاء التي مررنا بها في إدارة الموارد وإيرادات النفط منذ بداية السبعينات، وكيف تم إهدار موارد كثيرة من دون بلورة اقتصاد منتج يستطيع ان يقف مستقلا عن النفط. ما لم يمتلك المجلس الشجاعة والجرأة على مناقشة هذه الحالة بجميع جوانبها وعمقها فإن مثل هذه القرارات الانفرادية في محاولة لترقيع الوضع سوف تستمر دون ان تجدي في إصلاح الوضع الاقتصادي. ما يحتاج إلى مناقشة والى توضيح هو كيفية القضاء على الفقر في البحرين وما هو معدله وكم عدد الذين يقعون في هذه الخانة؟.

تطرق البعض إلى ضرورة زيادة الراتب لكن هذا لن يعالج الوضع لأنها ستكون محدودة ومن الصعب تطبيقها على القطاع الخاص. خلاصة الأمر ان القرارات التي اتخذت مثل رفع الدعم عن اللحم ومن ثم رفع الدعم عن الكهرباء والماء ومن ثم رفع الدعم عن الوقود وخلالها زيادة الرسوم التجارية والعقارية والمرورية ورسوم مختلفة أخرى وما سيأتي من ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية (تم تطبيقها) جميعها موجهة إلى جيب المواطن وتضر المواطن محدود الدخل أكثر من المواطن الميسور. كما انها جميعها تضر بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أكثر مما تضر بالمؤسسات الكبيرة التي تمتلك الاحتكار وتستطيع رفع الأسعار دون خشية من تدني مبيعاتها. والسؤال: لماذا تتركز القرارات في رفع الرسوم والأسعار التي تضر فقط بالمواطن محدود الدخل؟

أولا ان الإجراءات التي اتخذت جميعها لن تحقق في أحسن الأحوال أكثر من نصف مليار وهذا مع المبالغة. في حين ان العجز يقارب المليار والنصف. فكيف سوف نعالج ذلك؟ لا يوجد لدى الدولة والنواب جواب سوى مزيد من الدين العام؟

ثانيا علينا ان نفكر في المواطن الأكثر تأثرا بهذه الإجراءات، وهي الشريحة التي دخلها بين ثلاث مائة إلى سبع مائة دينار (300 إلى700). هذا المواطن يمثل أكثر من نصف العاملين من البحرينيين. وهو المتضرر الأكبر من هذه الرسوم والضرائب وارتفاع الأسعار. كذلك هو يمثل قوة شرائية لا يستهان بها. الضرائب والرسوم سوف تحوله إلى عالة على أقربائه وتخفض قدرته الشرائية وتساهم في تدني الأداء الاقتصادي بشكل عام.

ثالثا زيادة الرسوم ورفع الدعم عن المواطنين له آثار وكلفة سياسية كبيرة وان كانت الدولة ترى انها بإمكانها تحمل هذه الكلفة اليوم بسبب اختلال التوازنات السياسية في المجتمع والوضع الإقليمي الذي يفرض على المواطن تحمل مثل هذه القرارات، غير ان تبعات ذلك على المدى البعيد لن تكون في صالح الاستقرار السياسي والاقتصادي.

رابعا: هذه الرسوم والضرائب وزيادة الأسعار هي في الواقع خصم من المواطن جزءا من نصيبه من الثروة في حين ان هناك من لن يتأثر بهذه الزيادة. وهذا مناف لمبدأ المساواة. ولو عرض الأمر على علماء دين لأفتوا بعدم شرعية هذه الإجراءات.

على مجلس النواب الإسراع في مناقشة المشكلة برمتها وطرح خيارات من الضرائب يمكن ان تعالج العجز بشكل أكثر فعالية، وأهمها ضريبة الثروة، من أموال وعقار وضريبة الدخل التصاعدية. هذه الضريبة توجه نحو الطبقة الغنية والنافذة التي أَثْرَتْ من الطفرة، سواء من عملها وقربها من أصحاب النفوذ وتجارتها والاحتكارات التي حصلت عليها أو من سيطرتها على المال العام.

 هذه الثروة تقدر بالمليارات، ضريبة على هذه الثروة بواقع 2 إلى 3% فقط سوف يحقق ما يقارب ملياري دينار للميزانية العامة. وإذا أضفنا إلى ذلك ضريبة دخل على المداخيل التي تفوق الألفين أو الثلاثة آلاف دينار بشكل تصاعدي وإذا أضفنا إلى ذلك ضريبة على الأراضي غير المستغلة، فهذا أيضا سوف يضيف إلى الإيرادات بما لا يقل عن نصف مليار دينار. وإذا وجد عجز يتم تمويله من بيع الأراضي والرمال. قد لا تكون هذه الأرقام دقيقة ولكن الفكرة هي ان العدالة تقتضي ان تجبى الضرائب من هذه الطبقة الغنية، وليس من المواطنين محدودي الدخل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *