نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. لتعليم والتنمية .. اين تقع المسئولية؟

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ١٥ مارس ٢٠١٧

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1063400

الدول الخليجية وتحت غطاء خفيف من الانفاق الترفي هناك معاناة وازمة في الانتظار بسبب استمرار تدني اسعار النفظ، النمو يتراجع والبطالة في ازدياد. هكذا تلخص مجل الايكونومست الازمة الاقتصادية في الخليج. وتواصل بان السياسيون بدأوا الحديث عن الضرائب التي كانت تعتبر من الامور المستبعده. القطاع الخاص في مازال يعتمد على الانفاق الحكومي من النفط، ولتحقيق استدامة في الانفاق على الحكام تغيير هيكل اقتصادياتهم.

صناعة النفط وعلى مستوى العالم اصبحت في حقبة جديدة تواجه تحديات لكي تتعافي وتستطيع ان تلبي احتياجات السوق. ينتظرها ضخ استثمارات ضخمة خلال العقدين القادمين بما يساوي عشرين تريليون دولار، وهذا يبدو غير ممكنا في ضوء التدني في الاسعار وضعف الطلب. توفير مثل هذه الاستثمارات تعتمد على تعافي اسعار النفط خلال الاعوام القليلة القادمة، وبلوغة ما يقارب 77 دولار بحلول عام 2020 بعد تخفيض الانتاج الذي اقرته منظمة اوبك والمنتجين الاخرين.

هذا يعني انه يتوجب على دول الخليج التفكير بجدية في البدائل الاقتصادية، وتغيير سلوك الانفاق بالنسبة للدولة والفرد. لذلك نطالب مجلس النواب طرح هذا الامر للنقاش العام على ىمستوى المجتمع، وان ياخذ مجلس النواب المبادرة في مناقشة الوضع الاقتصادي بغرض ايجاد مخارج وليس فقط للاثارة وتسجيل نقاط. الى الان لم يقم المجلس بعقد مناقشة جادة حول الوضع وطرح بدائل وخيارات للخروج من الحالة الراهنة؟ سواء على المستوى الاقتصادي او السياسي.

قضية التنمية والحلول الاقتصادية التي تتحدث عنها الدولة وهيئاتها تتمحور حول جذب الاستثمار في الصناعات والخدمات وهذه جهود تشكر عليها بالرغم من انها قليلة (106 مليون دولار خلال 2016) ولا تخلق فرص العمل المطلوبة. كما تبين من خلال الكثير من التقارير المحلية والعالمية ان هناك عدم توافق بين مخرجات التعليم والتدريب وبين المتطلبات. لكن هل هذه هي المشكلة؟

التنمية بالدرجة الاولى تعتمد على منظومة من السياسات والمؤسسات والبرامج والاستراتيجيات وليس على امر واحد منفصل. ومن اهم هذه السياسات هي ما يتعلق بتنمية القوى البشرية، وياتي في صلب هذه العملية نظام التعليم والتدريب والبحث العلمي والتكنولوجي.

مشروع تطوير التعليم انطلق مع رؤية البحرين 2030 ، وفي بداية الشهر انعقد مؤتمر الشبكة الدولية لهيئات ضمان الجودة في التعليم العالي 2017 بحيث تمنح الخريجين القدرة على خلق مستقبل لهم ولغيرهم من خلال ابداعاتهم ومساهماتهم في “تاسيس مشروعات تصنع الامل”. مؤشرات البطالة بين الشباب يوحي بعدم تمكن انظمة التعليم من تحقيق هذه الرؤية. السؤال هل نظامنا التعليمي، بعد كل مايقال عن الجودة، وصل الى المستوى الذي يمكنه من المساهمة في التنمية واستفادت خريجيه من فرص العمل التي يخلقها الاقتصاد؟ واين يكمن الخلل ومن المسئول في ذلك؟ 

فيما يتعلق بجودة التعليم العالي يتحدث رئيس اتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطان ابوعرابي عن التحديات التي تواجه التعليم العالي في الدول العربية والتي تتلخص في ضعف الميزانية، هجرة الادمغة، عدم قدرة الجامعات على تزويد الخريجين بالكفاءة والتدريب، ضعف البحث العلمي، ضعف الانفاق، قلة عدد الباحثين، وعدم تقييم جودة التعليم بمعيار صلاحيتهم لفرص العمل المتحة.

وفي مناسبة اخرى يتحدث الاستاذ جمال فخرو ليقول بان ميزانية التدريب في شركات البحرين محدودة، وهذا فيه نوع من المجاملة، اذ الواقع قد يكون اكثر من محدودة في الشركات. وماذا عن الانفاق في المؤسسات الحكومية والمؤسسات التعليمية؟  وزارة العمل وتمكين تحاولان ضخ اموال في سوق التدريب وفي تطوير منظومة التدريب وتطوير بنيتها التحتية لتاهيل الباحثين عن عمل. كما ان كلية البحرين التقنية انفقت 10% من ميزانيتها على البحث العلمي خلال عام 2016، ودشنت الكلية  جائزة البحث العلمي وجائزة الابتكار لتشجيع الريادة والابتكار.

بعد كل هذه الجهود والمشاريع لتطوير التعليم والبحث العلمي وتشجيع الابتكار على مستويات مختلفة لماذا اذا تستمر مشكلة البطالة والبحث عن عمل واستفادة الاجانب بالجزء الاكبر من فرص العمل وتدني الاداء الاقتصادي في الدولة؟ ويبقى السؤال اين الخلل ومن المسئول؟ 

لم تتقدم وزارة الربية والتعليم بتقديم تفسير لذلك. ولم نسمع رأيا من مجلس التنمية الاقتصادي. وزارة العمل المتصدرة لتوظيف العاطلين غير قادرة وغير متوقع منها معالجة بطالة الشباب. وبالتالي فان المسئولية غير محددة ولا نجد من يتصدى او يضع حلولا فاعلة.

على المستوى النظري توجد دراسات تحدد متطلبات التنمية ودور التعليم فيه. فمثلا في تقرير صادر عام 2000 (ليس متاخرا بالنسبة لنا في الخليج) يرى اننا بحاجة الى سياسات في العلوم والتكنولوجيا لمواجهة تحديات العولمة والمنافسة الشرسة في الاسواق. كما ان المنطق يقول بان دول الخليج لا بد وان تعمل معا لمعالجة مشكلة التنمية وهذا ما جاء في الاتفاقية الاقتصادية الاولى عام 1981 والثانية عام 2001. لكن وللاسف الى الان لم نعمل على وضع مثل هذه السياسات وتنفيذها بفاعلية.

عمليا دول الخليج التي ضيعت فرصة التصنيع منذ السبعينات تحاول الان اللحاق من خلال الاستثمار الاجنبي، والتعليم والبحث العلمي تضخ فيه استثماراتها المالية والبشرية. هذه يحتاج الى مؤسسات وانظمة حديثة لادارة عملية انتاج المعرفة والابتكار. مثل هذه المؤسسات تتطلب قدرا كبيرا من الانفتاح الاقتصادي والسياسي وتعزيز الشفافية والمساءلة وتوفير المعلومات على مستوى واسع. حينها يمكن نقل المعرفة من دول الغرب المتقدم الى دول الخليج وخلق قدرات استيعابية من خلال منظومة متكاملة من المؤسسات. هذه المنظومة تتكون من شبكة من العمليات والانشطة قوامها قوة بشرية تتمتع بمستوى عالي من التعليم العلمي، والبحث والتطوير، وخدمات المعلومات، وقواعد ومعايير واطار قانوني وخدمات مالية.

انشاء مثل هذه المنظومة بحيث تتكامل مع قواعد الانتاج الصناعي والتجاري والخدمي، وبناء الانسان القادر على تحويل التقنيات الى مشاريع اقتصادية يقع خارج نطاق وزارة العمل او وزارة التعليم او مجلس التنمية الاقتصادي، هذا الجهد يتطلب استراتيجية حكومية على مستوى الدولة (وعلى مستوى مجلس التعاون) يشارك في وضعها الوزارات والمجتمع بمؤسساته الحية والانسان نفسه. وفي كل ذك تكمن المشكلة وتقع المسئولية النهائية.  

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *