نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. لقمة العربية بين الانقسام والانحدار

القمة العربية في الميزان

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ١٢ أبريل ٢٠١٧ – 03:00

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1067161

تاتي القمة العربية في ظروف تمر بها الدول العربية منذ ست سنوات وهي تقف عاجزة عن الحراك وانقاذ ما يمكن انقاذه من اشباه الدول التي بقيت والتشرذم العرقي والمذهبي وتصاعد العنف والارهاب والاجراءات القمعية من بعض الدول التي تعرضت لذلك واستلمت تحذيرا إلاهيا بان تصلح حالها والا سوف تلاقي نفس المصير طال الزمن او قصر. 

هذا ليست تنبؤ ولكن منطق الحياة ومجريات الامور تقول ذلك. تنعقد هذه القمة وما سبقها من قمم وسط انقسام عربي وانحدار في قدرة دوله في تحقيق اي قدر من التنمية التي تلبي متطلبات شعوبها الشابة المتزايدة. وسط هذه الفوضى هرب الكثير من الشباب الى الغرب ليساهم في بناء حضارة ونهضة بدلا من الخيارات التي تنتظره في وطنه، اما الخنوع والمشي بقرب الحائط واما السجون والمنافي، واما تظاهر البله وعدم المبالاة والاحتراق من الداخل الى ان تهب العاصفة التي تطفئء شمعته.

مازالت السمة الغالبة على اجتماعات القمة العربية هو غياب الاهداف وغياب الرؤية وبعد القادة عن الشعوب والحديث عن مشاكل الامة وكأنها احداث لا تهم الامة ولا تمثل مصير. يمكن القول وبكل ثقة بانه لا توجد قضية عربية تم مناقشتها وتحقق حولها توافق على رؤية ومسار يمكن ان يعالج قضية ويحقق امل لشعوبها. فقدت الشعوب كل امل في قادتها على ايجاد حلول او تحسين اوضاع حتى في الدول التي تنعم بالاموال. فالدول العربية تمزفها الخلافا والانقسامات.

في ولاية هؤلاء الحكام اصبحت الساحة العربية اصبحت ساحة مفتوحة تتكالب عليها القوى الاجنبية وتخوض فيها حروبهم بالوكالة في ظل غياب لقيادات عربية تعالج القضايا الداخلية التي هي اصل الفشل الخارجي واصل التخلف والضعف والهوان واصل التدخلات الخارجية. لم يعد ممكنا منع تدخل الدول في قضايا اقليمي او حتى محلية، فالعوولمة والاعتماد المتبادل بين الدول واختلاط المصالح قضى على هذا الخيار. ادارة التدخل اليوم تكون باصلاح لاوضاع الداخلية وعدم اعطاء فرص لاي كان من التدخل المضر.

مازالت الدول العربية تبحث عن مصادر القوة والكرامة خارج حدودها وكل قيادة تلوم الاخرى على تردي الوضع، في حين ان المشاكل كلها داخلية تكمن في كيفية ادارة الحكم، هل هي ادارة لزيادة قبضة النخب الحاكمة على السلطة، ام انها ادارة لرفع قدرات المجتمع واشراكه في ادارة ثروته والمساهمة في قراراتها. هل هي ادارة تقوم على الاستحواذ ام ادارة تقوم على المشاركة؟

احتوى البيان الختامي على قضايا كثيرة، قديمة متجددة. بينما بقي السؤال المحوري والاساسي الذيي تطرحه الشعوب دون جواب. ماهو سبب ما يحدث للامة العربية؟ لقد تم استنفاذ ادعاء  المؤامرة وانتهت اطروحة الاستعمار والغرب. لم يعد المال هو المعييق في التنمية وفي تطوير وتنمية الانسان العربي، لم يعد الجهل ببرامج ووسائل التنمية مقبولا في عالم اليوم. فما هو السبب في استمرار التخلف؟

والسؤال الاخر المرتبط بهذا لماذا تستمر الصراع بين الشعوب وانظمتها الحاكمة؟ العالم اليوم قد توصل الى صيغة لعلاقة الدولة بالمواطن، ووضع اسس لحماية حقوق كل طرف وواجباته، وانتج من المفاهيم والمعارف التي تقود نحو التنمية والتقدم والحداثة. نحن قلبنا هذه المفاهيم والمعارف واتخذنا من الحداثة الظاهريية هدفا بدلامن التنمية والتطوير والتقدم، اي اننا رضينا بالظاهر وتركنا الجوهر. ما هي الاسباب؟ 

حدد القادة في هذه القمة هدفين: الاول حماية الوطن العربي وثانيا بناء مستقبل افضل؟ ماهو تعريفهم لهذا المستقبل وحماية العالم العربي من من؟ الفشل في الهدفين واضح من صيغة البيان نفسه، كان البيان الختامي يشمل فلسطين فقط ويطالب بحقها في الاستقلال والحياة، اليوم يشمل البيان الختامي دولا عربية كثيرة، فهناك القضية السورية والقضية العراقية والقضية اليمنية والقضية السودانية والقضية اللبنانية والقضية الليبية والمصرية والتونسية. جميع هذه القضايا في تحليلها النهائي هي نتيجة صراع بين الشعوب والانظمة على السلطة، مالم ينتهي هذا الصراع بالاقرار بحق الشعوب لتكون مصدر السلطات كما تقول الدساتير العربية جميعها وترجمة هذا المبدأ الى واقع عملي يتم من خلاله تحديد العلاقات والحقوق والواجبات واحترام ما ينتج عنه من تنظيم فان الازمات العربية مرجحة للزيادة لا النقص. 

في هذه القمة تحدث القادة عن الازمات التي تحيق بالامة العربية وحددها في:- تقويض دول وقتل شعوب وتشريد مواطنين، وهجرة القادرين، وانتشار الارهاب وتهديد الامن والاستقرر، واحتلال وغزو وتحديات سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية. بالاضافة الى تجذر اليأس والاحباط والفوضى التي في نفوس الشباب ليستغلها الضلاليون. قبل نصف قرن لم يكن هناك ارهابا ولم يكن هناك ضلاليون ينشرون الجهل والحرمان وحرمان الامة من حقها في الحياة الامنة والحرة الكريمة. 

في منتصف القرن العشرين، كانت الشعوب تملؤها الثقة والامل والرغبة في بناء وتعمير الاوطان. اعطت الشعوب لقادتها الفرصة وقبلت بالسيطرة وضحت بحريتها وتنازلت عن بعض كرامتها. فماذا حدث للامة خلال الخمسين سنة الماضية تحت قيادتهم؟ ومن المسؤول عن ماحدث؟ لا يمكن اتهام الغرب دون اتهام القادة الذين هادنوهم واتبعوهم؟

المشكلة اذا في جذورها هي مشكلة صراع على السلطة وعلى الهيمنة والرغبة في السيطرة والاستئثار بمقدرات الاوطان. قبل الشعب بهذه المعادلة بغية تحقيق التقدم والتنمية. لكن استغلت الانظمة الفرصة في تكريس هيمنتها وسيطرتها وتعزيز قدرتها على اخضاع الشعوب. نحجت سياسة الهيمنة هذه بعض الوقت عندما كانت الشعوب مازالت تصدق ما يقال لها من ضرورة التضحية بالحرية في سبيل تحرير الارض والتخلص من مخلفات الاستعمار والتفرغ للتنمية، خضعب الشعوب لهذا المنطق لتجد نفسها تغرق في بحور من الظلم والجهل والتهميش. والان لا بد من العودة الى الاصل واعطاء الشعوب الحق في المشاركة السياسية عبر قنوات ديمقراطية تحفظ لها كرامتها وتضمن مساهمتها في البناء.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *