نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

لماذا الفرق في الجودة بين تعليم الأولاد وتعليم البنات؟

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الخميس ١٩ ٢٠١٩ – 01:00

مقال الاسبوع: وزارة التربية مطالبة بالنظر في سبب تخلف مستوى مدارس الاولاد عن مدارس البنات ومطالبة بتقديم دراسات لمعالجة المشكلة وان تشرح لماذا لم تتعامل مع المشكلة منذ 2009 عندما بدأت هيئة الجودة تطرحها. التعليم هو عمود التنمية وعمود الحياة للمجتمع. والتعامل مع مشاكلها بغموض امر غير مقبول؟

http://www.akhbar-alkhaleej.com/news/article/1183327

بمناسبة افتتاح المدارس قامت أخبار الخليج «11 سبتمبر 2019» بإجراء مقابلة مع الرئيس التنفيذي لهيئة جودة التعليم والتدريب الدكتورة جواهر المضحكي للتعرف على أبرز التحديات التي تواجه العملية التعليمية.

 أوضحت في المقابلة أن الهيئة أنهت مراجعة أداء 207 مدارس ضمن الدورة الثالثة من مراجعات المدارس الحكومية و62 مدرسة خاصة. مقارنة نتائج المراجعة تظهر أن هناك تقدما في نسبة المدارس الحاصلة على تقدير «ممتاز» ولكن في المقابل هناك ارتفاع في نسبة المدارس الحاصلة على تقدير «غير ملائم»، وتناقصت نسبة المدارس ذات التقدير «جيد» والمدارس ذات التقدير «المرضي».

التزايد في المدارس الممتازة والجيدة أمر محمود وتشكر عليه الوزارة، لكن ما سبب تزايد المدارس المرضية وغير الملائمة؟ وماذا يعني ذلك لمستوى التعليم في البحرين وعلى مستوى الخريجين من هذه المدارس؟ وماذا يعني توفير فرص العمل لخريجي هذه المدارس وما يمثله ذلك من فقدان الفرص في تحسين مستوى المعيشة للشخص من ناحية وهدر طاقات يمكن أن تسهم في التنمية وإسهاماتهم في بناء المجتمع من ناحية أخرى؟

بشكل عام ترى الهيئة أن الصورة العامة للمدارس الحكومية والخاصة مازالت «مقلقة» وأنها «ظاهرة مستمرة». ومن أكثر ما يقلق في التصريح هو أن معظم المدارس الحاصلة على تقدير «غير ملائم» هي مدارس أولاد. وترى الدكتورة المضحكي أن هذه ظاهرة عالمية لكن الفارق في النظام التعليمي في البحرين يعد كبيرا جدا وخصوصا في المدارس الإعدادية.

السؤال الذي لا بد أن نطرحه هو: هل هذه هي المرة الأولى التي تتطرق الهيئة لهذه الظاهرة؟ وهل هو أمر جديد طرأ في التقرير الأخير أم أنها قضية بدأت منذ بداية عمل الهيئة وورد في تقارير سابقة، وأن الوزارة على علم بتدني المستوى؟ وهل قدمت الوزارة حلولا لهذه الظاهرة؟

من مراجعتنا لتقارير هيئة الجودة منذ أول تقرير في 2009 إلى آخر تقرير في 2018، نجد أن هذه الظاهرة ليس جديدة. فمثلا في تقرير 2009 أوصت الهيئة بالقيام بدراسة ظاهرة «تَفَوق مدارس البنات على مدارس البنين» وحثت على دراسة الحالة «لتمحيص الأمر وتحديد ما يجب عمله وبذل الجهد فيه وتوفير المصادر اللازمة لها». وتكرر التنبيه في تقرير 2014 أيضا حيث وردت ملاحظة تقول إن من أهم قضايا هذا العام هو «الفجوة بين مدارس البنات ومدارس البنين» في مستوى جودة التعليم. وتعاود الهيئة تقديم الملاحظات حول هذا التفاوت بين تعليم البنات وتعليم الأولاد في 2015 بالقول بضرورة العمل على «تقليص الفجوة بين البنين والبنات فيما يختص بالأداء والإنجاز بصورة عامة، والعمل الجاد على رفع دافعية البنين نحو التعلم».

وتتضح المشكلة بصورة أكبر ويرتفع مستوى القلق لدى المهتمين بمستوى التعليم ولدى الهيئة حين تقول الهيئة إن «جميع المدارس الحاصلة على تقدير «غير ملائم» هي مدارس بنين في مراجعات 20 مدرسة» في تقرير 2015، أي بعد خمس سنوات من التنبيه على ذلك للمرة الأولى في تقرير 2009، وعندما حصلت مدرسة بنين على تقدير ممتاز بين تسع مدارس بنات فإن هذه المدرسة كانت تحت إدارة نسائية «تقرير 2016 وتقرير 2018». 

إذًا لا بد أن يكون لدى وزارة التربية والتعليم علم بالمشكلة. ونعتقد أنه من المؤكد أن الوزارة اتخذت إجراءات لمعالجتها. لكن ما نتيجة هذه الإجراءات؟ لم يتضح لها أثر على الأداء والنتائج وليس لدى هيئة الجودة علم بها. غير أن التوصيات والملاحظات بمعالجة الأمر استمر في التكرار سنة بعد أخرى ما يوحي بأن الجهد الذي بذلته الوزارة، غير كاف لمعالجة الوضع. فمثلا في 2016 حصلت 13 مدرسة أولاد بين 15 مدرسة على تقدير «غير ملائم». ويكرر التقرير القول بأن ذلك «يشكل ظاهرة تستوجب الوقوف على أسبابها». ويستمر نفس الوضع حيث يرد في تقرير 2017 أنه من بين 38 مدرسة حاصلة على تقدير «غير ملائم» 34 مدرسة بنين. وفي 2018 من بين 20 مدرسة حاصلة على تقدير «غير ملائم» هناك 3 مدارس بنات فقط والباقي أولاد. ومازالت الهيئة تطالب بدراسة الظاهرة، دون أن نعرف ماهو رد فعل الوزارة ولا نوعية الإجراءات التي اتخذتها؟

ندرك أن الوزارة تبذل الكثير من الجهود لتطوير التعليم لكن هذه قضية تحتاج إلى معالجة سريعة ولا تحتمل الانتظار. ونأمل أن تقوم الوزارة بطرح رؤيتها حول هذه الظاهرة وكذلك ظاهرة التقصير بشكل عام في المرحلة الإعدادية. فالتعليم يمثل الطريق إلى تقدم الشعوب في جميع مناحي الحياة بما فيها التقدم الاقتصادي. وقد أخذت الدول على عاتقها، والبحرين من بينها، جعل التعليم مجانيا إلى مستويات مختلفة بعضها إلى مرحلة الجامعة والدراسات العليا. 

المهم في التعليم ليس فقط انتشار التعليم أو محو الأمية التي حققنا فيها معدلات كبيرة أو عدد المدارس والإنشاءات التعليمية، بالرغم من أهميتها الكبيرة. بل المهم هو مقدار ما يحققه هذا التعليم من أثر ونتائج على الطالب أولا وما يعطيه من مهارات يستطيع من خلالها أن يكون مواطنا فاعلا في مجتمعه مساهما في نموه وازدهاره وأن يكون إنسانا مدركا لمسؤولياته تجاه نفسه وتجاه الآخرين والمجتمع وتجاه المعرفة والقيم الإنسانية، ويكون إنسانا قادرا على استخدام ملكاته الإبداعية والابتكارية التي حباه الله بها لمصلحته ولمصلحة المجتمع والإنسانية. وثانيا مقدار ما يحققه التعليم من أثر ونتائج على المجتمع وعلى حياة الناس وعلى تعاملهم مع بعضهم بعضا وإدراكهم دورهم في المجتمع وعلاقتهم بالدولة والمجتمع. وبذلك فإن التعليم هو القاعدة الأساسية التي تبنى عليها الحضارات. وبالتالي فإن جودة التعليم يجب أن تعكس هذه المتطلبات وعلينا جميعا التعاون للتقدم وأن نقبل النقد المثمر حتى وإن كان قاسيا لما فيه مصلحة المجتمع والدولة.

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *