نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف

لماذا سقط الاستجواب؟

 تاريخ النشر :١٦ أبريل ٢٠١٤ 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي  

مقال الأسبوع- سقط الاستجواب بسبب تخاذل معظم النواب واستسلامهم لمصالحهم واغراءات السلطة بالرغم من إصرار وثبات قلة

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13172/article/17427.html

تجتاح الساحات الإعلامية والمنتديات والتواصل الاجتماعي حالة من الاحماءوالطقوس الموسمية يكون وقودها تقرير الرقابة المالية وما يصدر عنه منتجاوزات وفرص تنموية ضائعة. ينشغل المجتمع بها فترة وتنتهي من دون انتترك أي اثر يذكر على مسيرة التنمية السياسية والاقتصادية والنزاهة وآلياتتفعيل الأدوات الرقابية وتطوير العملية الديمقراطية. 

في هذه المرة أراد بعض النواب ان يجعلوا من التقرير حدثا مهما ينتهيباستجواب وزير المالية على الأداء المالي والاقتصادي ومحاسبة الحكومة علىزيادة الدين العام وعلى التباين في الإيرادات والمصروفات. فتقدم عدد منالنواب بطلب استجواب يهدفون من خلاله توصيل رسالة بجدية النواب فيتفعيل دورهم الرقابي. منذ البداية كان التخوف يحوم لدى مقدمي الاستجوابمن خذلان زملائهم لهم بالرغم من كون الاستجواب مستوفيا للشروط الشكليةبموجب المادة 145 والمادة 144 من اللائحة الداخلية ومستوفيا للشروطالموضوعية بشهادة تقرير الرقابة المالية وموافقة اللجنة البرلمانية المالية عليه. فيهذا المقام نحيي من أصرّ من النواب على الاستجواب حتى النهاية وصمد فيوجه تخاذل زملائهم.  

موضوع الاستجواب يدور حول عدد من النقاط أولها ارتفاع الدين العام إلىستة مليارات وتكرار التجاوزات المالية في تقرير الرقابة المالية. 

في موضوع تنويع مصادر الدخل كان جواب الوزير «مبهما وعاما وغيرواضح» كما انه يخلط في المفاهيم بين تنويع مصادر الدخل وإعادة توجيهالدعم، والأهم من كل ذلك هو ان الحكومة تلقي باللوم على المجلس في فشلتنوع مصادر الدخل. وبالرغم من عدم وجود أجوبة عن التساؤلات إلى الآن فإنالمجلس رفض الاستجواب فما هي الأسباب؟  

يتضح ان سقوط الاستجواب لم يكن بسبب عدم وجود أسباب موضوعية ولكنالخلل كما اتضح يكمن في: أولا:- عدم وجود إرادة لدى معظم النواب بتفعيلادواتهم الرقابية لأسباب بعضها سياسي تحكمه الولاءات او الاستعدادالنفسي للاصطفاف مع الحكومة، وبعضها شخصي تحكمه حسابات المصالحوالمزايا المرتقبة، وبعضها معرفي تحكمه الدراية والخبرة.  

ثانيا:- إن المواد 144-151 من اللائحة الداخلية والمادة 65 من الدستور تميلإلى تصعيب عملية الاستجواب، بدليل التشديد في احتساب النصابللتصويت.. كذلك تستطيع الحكومة إغراق المجلس بمشاريع القوانين التي تلهيهعن التركيز على قضية محددة والوصول إلى جذورها مثل الميزانية. 

السبب الثالث هو ضعف المنظومة الرقابية بشكل عام والتي تتمثل في ضعفمنظمات المجتمع المدني والجمعيات السياسية وعدم القدرة على دعم أعضاءالبرلمان بالدراسات والمعلومات والخبرات في مواجهة السياسات العامة في مثلهذه المواقف مع عدم وجود تشريعات تفرض على الدولة توفير المعلوماتللمجتمع. 

رابعا وهو الاهم ان النواب انفسهم اضعفوا المجلس من خلال تشريعاتمتسرعة تجرم تداول المعلومات واعتبار جميع المعلومات التي لا ترغب الدولة فيالإفصاح عنها سرية يجرم تداولها. وكذلك رفض هيئة مستقلة لمكافحة الفساد. 

غير ان الملفت في هذه المجادلة بين الحكومة والبرلمان هو ان المجتمع والشعبوبعض الجمعيات السياسية بقوا على الحياد وكأن الأمر لا يعنيهم. لم نرَ أيفعاليات في مناصرة البرلمان ممثل الشعب ولم نر الجمعيات السياسية التيتدعي انها مناصرة للشعب تظهر نصرتها للبرلمان او ما تبقى منه في تحركهضد التجاوزات الموثقة في تقارير الرقابة المالية.  

لابد ان يطرح المجتمع التساؤل التالي: هل المواد الدستورية واللائحة الداخليةهي التي خذلت نواب الاستجواب ام التحالفات بين بعض كتل النواب والحكومةام تقاعس بعض النواب وتطلعهم لمناصب وامتيازات بعد انقضاء مدتهمالقصيرة ام تخاذل المجتمع في نصرة قضاياه؟ أي ان الاوضاع السائدة منخلال النفوذ والحسابات السياسية يقف خلف هذا الإخفاق. 

ما تحقق بسقوط الاستجواب هو وضوح عجز المجلس للجميع وعدم قدرته علىتكوين جبهة صلبة وفاعلة في تحقيق القدر الأدنى من المساءلة. وفشله في ذلكهو فشل في اهم أدواره مما يثبت الحاجة إلى تعزيز الإصلاح السياسي. لايشفع لهم ان هناك ثغرات قانونية استغلتها الحكومة بشأن المساءلة، واناللائحة لا تساعد السلطة الرقابية. الخلاصة ان النواب أنفسهم فقدوااستقلاليتهم وكذلك ساهموا في اضعاف قدرتهم من خلال تمرير سلسلة منالتشريعات او رفض بعضها، وان المجتمع لم يهتم بمساندة القادرين منهم علىالصمود والمستقلين. 

mkuwaiti@batelco.com.bh  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *