نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. المجلس … والميثاق الوطني في الذكرى العشرين

بقلم د. محمد عيسى الكويتي

تاريخ 12 فبراير 2021

ذكرى الميثاق الوطني حدث هام في تاريخنا الحديث ونقلة اريد لها ان تدفع البحرين الى آفاق رحبة يتمتع فيها المواطن بحقوق سياسية تمكنه من المشاركة في صنع مستقبل البلاد وتحقيق ذاته وبلوغ غاياته وفق طاقاته وقدراته. من ثمرات هذه المرحلة انشاء المجلس الوطني بغرفتيه النواب والشورى (المجلس)، وعهد جلالة الملك الى اعضاء الغرفتين باخذ هذه المؤسسة نحو الامام وتطويرها لتكون الالية التي نخلق بها البيئة الامثل للمشاركة السياسية والنمو الاقتصادي والحراك الاجتماعي. كما اريد لها خلق بيئة تتيح للجميع الافادة والاستفادة المتكافئة من خيرات البلاد. بهذه المناسبة نظمت جريدة الوطن ندوة شارك فيها اعضاء من مجلس الشورى والنواب. بودنا ان نطرح سؤال نتطلع الى معرفة رأي اعضاء المجلس فيه، وهو ماهي رؤيتهم وخطتهم لتطوير عمل المجلس وزيادة فعاليته في التشريع والرقابة وتمثيل المجتمع؟ وماهي التغييرات التي يطرحها للمضي بالعملية الديمقراطية الى الامام؟

قبل مناقشة ما دار في الندوة نود ان نذكر السادة اعضاء المجلس ان تطور المجتمعات والمسارات التي تاخذها والتقدم الذي تحرزه او التخلف في اي من ميادين الحياة يعتمد على منظومة القوانين والقواعد والانظمة وكذلك التقاليد والعادات التي تحكم العلاقات بين الناس في تعاملهم على مختلف المستوياتها التجارية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. لا يمكن ان نفهم الحاضر ونعي المستقبل الا من خلال ما شرَّعنا من قوانين وانظمة وقواعد عمل في الماضي لتنظم سلوك الافراد والجماعات وتؤطرد علاقاتهم وتفاعلاتهم. والمجلس اليوم يشكل المستقبل من خلال ما يشرعه من قوانين وما ينتج عنها من علاقات سليمة او عقيمة (Douglass North 2002). وبالتالي فان اداء المجتمع وتطوره الديمقراطي الحديث الذي اراده جلالة الملك والمجتع يعتمد على نوعية هذه القوانين والانظمة وما نتج عنها من محفزات او معوقات. فلا يمكن توقع نتائج تقدمية وتطورية اذا وضعنا قوانين تعيق عملية التطور وتتناقض معها. هذا يعني انه ينبغي ان يكون لدى المجلس رؤية حول ماذا يعنى التطور وماذا يعني رخاء المجتمع، ولديه خارطة طريق تبين المسار، وكيف يقيم هذا التطور وكيف يقيس الرخاء والرفاهية وهل يمتلك الادوات لذلك؟ وماهو الاطار الزمني الذي يتحدث عنه؟ فاذا لم تكن هذه القضايا واضحة لدى المجلس كمؤسسة وكيان، ولدى الاعضاء كممثلين ومشرعين ومراقبين فان المسيرة قد تنتج مفاجآت في المستقبل. 

بدأت الندوة بعتب النواب على الشوريين واتهامهم بتعطيل القوانين، وانهم لم يتقدموا بمشاريع قوانين تتناول قضايا مهمة، وان عليهم الخروج من عقلية وعباءة التصدي للنواب والعمل على تمثيل المجتمع والتقرب من الناس بفتح مكاتب لهم تصل اليهم الناس، وان يقوموا بطرح اسئلة عن قضايا مثل التقاعد وخلق فرص عمل مثل البحرنة والاسكان، وغيرها. بين النواب ان مجلس الشورى لم يقدم سؤالا واحدا طوال دورين كاملين بالرغم مما يوفره السؤال من اظهار معلومات او بيان اخطاء في الممارسات. رفض الشوريون بعض هذه الاتهامات من منطلق ان اختلاف الرأي امر طبيعي وسكتوا عن بعضها، ويرو انهم على صلة بالمواطن. من الامور التي لم تحسم هي تعريف المصلحة الوطنية ومصلحة المواطن وكيلت اتهامات متبادلة حولها مما يبين انه بعد عشرين سنة لا يوجد تعريف واضح متفق عليه للمصلحة الوطنية والمصلحة العامة والفرق بينها واين تقف مصلحة المواطن وكيف تتوازن مع المصحلة العامة ومتى تبدأ مصلحة الوطن.

خلاصة القول ان الندوة كانت تبادل اتهامات ولم تتطرق الى المستقبل وكيف سيكون تطوير التجربة البرلمانية في البحرين وماهو المستقبل الذي ينتظرها. لم يثبت المجلس على مدى العشرين سنة موضوعيته لدى المجتمع وبالتالي تاتي التهم بانه لا يمثل الشعب. نرى ان تطوير العمل البرلمان هو مهمة المجلس الاولى لذلك وجب دراسة ذلك ميدانيا في المجتمع للتعرف على نظرة المجتمع له ولا يكتفي بتقييمه هو لنفسه.

امام المجلس عمل كبير في تطوير آلية المساءلة والتشريع وتطوير العلاقة مع مجلس الشورى وقضايا حقوق الانسان وحرية التعبير وحق الحصول على المعلومات والشفافية وهي قضايا مهمة من اجل حسن ادارة الشأن العام وخلق بيئة تخدم التنمية والاقتصاد المعرفي القائم على المعلومات. وبما ان المجلس مشترك مع الحكومة في ادارة الشأن العام، فلا بد ان يكون لديه تصورا لكيفية تحسين هذه الجوانب الهامة لتطور المجتمع وان يشترك المجلس مع الحكومة في تقييم هذه المجالات وتطويرها بشكل مستمر. فماهي مساهمتهم في ذلك؟ في الوقت الحاضر لا يوجد لهم دراسات مستقلة تقف على مستوى التقدم في كثير من هذه الجوانب. بعد 20 سنة من الحياة النيابية لا نرى دراسات لتقييم التجربة تقييما موضوعيا بحثيا يقف على الجوانب الايجابية والسلبية كاي تجربة انسانية. 

ما يقوم به المجلس هو الجانب الروتيني من العمل (ردات فعل على مشاريع الحكومة ومتطلبات المجتمع) دون مبادرات فعالة للتطوير والتقدم بالتجربة الديمقراطية. فمثلا في مقال للسفير حمد العامر (الايام 9 فبراير 2021) يقول بان “التغيير نحو الديمقراطية والمشاركة الشعبية في الحكم يسير في طريقه الصحيح بعد ان بدأته كل دولة من دول الخليج حسب ظروفها واوضاعها”. كما يطرح وزير المجلسين بانه يقوم باعداد خطة وطنية لحلوق الانسان، فكيف سيساهم المجلس بدون بحث ودرساسات مستقلة للوضع الحالي في هذا المشروع عندما يطرح عليهم؟ هذه جوانب تؤثر في بيئة العمل وفي تحفيز الابتكار والابداع والريادة وتتطلب استمرار المتابعة والتقييم.

الارتقاء بالعمل النيابي والتشريعي هو من صميم روح الميثاق الوطني ويتطلب ذلك جهدا كبيرا من المجلس للتقدم بالتجربة، عليهم دراسة وتقييم تاثير هذه القوانين على جودة الحياة وازدهار ورفاهية المجتمع. فاين مشروعهم لمستقبل الديمقراطية والحياة النيابية ومستقبل التنمية؟ 

mkuwaiti@batelco.com.bh 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *