نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. ماذا بعدغزة  والقدس و جنيف و؟؟؟

تاريخ النشر : 9 اكتوير  2009

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

ماذا بعد غزة وماذا بعد القدس وماذا بعد جنيف وماذا بعد؟؟؟ مآسي تتوالى بسبب تراجع الامة العربية.. لماذا يحدث ذلك؟ 

في الاسبوع الماضي وفي صلات الجمعة قام الخطيب بالتعرض للوضع العربي الاسلامي وما يحدث في القدس من تهويد واستيلاء وهدم. كان الخطاب حماسيا ويمس مشاعر الناس وارتباطهم الروحي بالقدس الشريف. وقد سبق هذه الخطبة خُطبا عديدة تعرض فيها لقضايا هامة تمس الناس سواء كانت داخلية او خارجية. ولكن السؤال ما تأثير ذلك على الناس وعلى القضايا العامة اذا كان بانتهاء الخطبة الحماسية المؤثرة ينتهي كل شيئ وتبرأ ذمته. 

الخطب الحماسية المؤثرة مهمة وضرورية لتوعية الناس والقاء الضوء على القضايا التي تهم الانسان العربي المسلم. وهي مقبولة من الخطيب العادي الذي يقتصر عمله على الخطابة في المنابر الدينية، ولكن عندما يكون الخطيب عضوا قياديا في جمعية سياسية وعضوا في البرلمان يتساءل المرء هل هذا كل ماهو متوقع منه؟

مناسبة هذا الحديث تفرضها الظروف التي يمر بها العالم العربي والاسلامي سواء كان تجاه القضية الفلسطينة او الوضع المزري الذي وصل اليه الهوان العربي العام او الهيمنة الامريكية على مقدراتنا وثرواتنا؟ اثناء العدوان على غزة تعالت اصوات الخطباء ومن بيهم خطيبنا الفاضل وكتبنا وكتب غيرنا ماذا بعد عزة وطالبنا حينها بدور أكبر لرجال الدين والشعوب في استنهاض الحكام. والان يُكتب عن الاعتداء على القدس وتتعالى الاصوات المطالبة بنصرتة، وتعقد الاجتماعات التي سيتمخض عنها تنديد وشجب وتوسل “المجتمع الدولي” بوقف الانتهاكات. وهاهي قضية تقرير جنيف الذي انبرى الرئيس الفلسطيني للدفاع عن اسرائيل وطلب تأجيل التصويت عليه. وقد ياتي اليوم الذي نقول فيه وماذا بعد الاقصى!!. 

ان اكتفاء القيادات الدينية بالوعض والارشاد لن يعالج المشكلة التي تعاني منها الامة العربية والاسلامية. فالسلبية والاتكالية (اذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون) تنخر في المجتمعات. والانشغال بالقضايا الجانبية والهامشية والصراعات القبلية والطائفية تشل الامة. نتيجة لذلك فان الشعوب فقدت التأثير على قياداتها السياسية، ولجأت قياداته الى توسل الحكومات بالتحرك للمطالبة بنصرة قضايا الامة. فمثلا  يقول بيان احدى الجمعيات السياسية “اننا لا نملك الى أن نرفع اصواتنا مطالبين الحكومات العربية والاسلامية الى تحمل مسئوليتها نحو حماية القدس والمسجد الاقصى والوقف الفوري والكامل لجميع الخطوات الرامية الى تطبيع العلاقات مع حكومة الكيان الصهيوني” اما جمعية سياسية اخرى فتقول على لسان احد اقطابها “ان الانظمة العربية قد تقاعست عن نصرة مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم”. لكن لا تقول هذه القيادات ماذا ستفعل جمعياتها؟ فهل التحركات تقتصر على الحكومات فقط؟ ام ان تغيير ثقافة المجتمع من السلبية الى الايجابية هي مسئولية الجمعيات السياسية بشكل عام ورجال الدين بشكل خاص؟ 

يقول احد مشايخ الجمعيات السياسية الاسلامية “بان الشعوب والمجتمعات هي مشارك في الجريمة بسبب عدم اقامة شرع الله وامتلاء بيوت الله بالمعاصي والمجون”. يقتصر هذا الشيخ شرع الله في إقامة الشعائر الدينية وتنظيف البيوت من المجون. ولم يتطرق الى دور رجال الدين في اصلاح الانظمة السياسية وتطبيق أهم مفهومين قام عليهما الاسلام وهما اولا: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوقوف في وجه أي متقاعس حتى ولو كانت الحكومات، وثانيا: الجهاد في سبيل الله. كما تقاعسوا في اداء دورهم في تنظيم المجتمع لنصرة قضاياه واجبار الحكومات على العمل تجاه المصالح العربية والاسلامية بدلا من مصالح البقاء في السلطة. يقول الشيخ القرضاوي (برنامج الشريعة والحياة) بان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقتصر على الزنا وشرب الخمر ولعب الميسر، وانما يجب ان يشمل مكافحة الفساد، والحفاظ على المال العام وعدم العبث به، ويشمل محاربة تفضيل الاقارب في المناصب، ويشمل المحاسبة والمساءلة على قضايا الامة الكبرى. فاين رجال وعلماء الدين من كل ذلك؟ الى ان يقف رجال الدين في مواجهة الحكام واجبارهم على تفعيل مبدأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في شموليته مثل العدل والانصاف في جميع مرافق الحياة والاستقواء بالشعوب بدلا من الاستقواء بالخارج فان الوضع العربي سيضل يشجب ويستنكر لان رجال الدين عطلوا الجهاد خوفا من حكامهم ومن الغرب الذي ناصر الحكام لخدمة مصالحه، وعطلوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفا على مصالحهم.

اما جرم الدبلوماسية العربية فيتمثل في كونها استسلمت لمنطق القوة دون ان تعمل على امتلاكها. فتقول على لسان احد وزراء خارجيتها “إن المتأمل … يدرك المفهوم الصحيح لمعالجة الصراع العربي الإسرائيلي، وهو إيصال مبادرتنا العربية للسلام إلى الشعب الإسرائيلي بأسهل وأسرع الطرق، عن طريق مخاطبته مباشرة عبر وسائله وأجهزته الإعلامية. وبهذا الأسلوب العملي نستطيع أن نتلمس طريق السلام”. يقول ذلك وهو يدرك ان شعب الكيان الصهيوني هو الذي اتى بالحكومات المتعاقبة التي احتلت وقتلت ودمرت وارتكبت الجرائم. فهل يفترض هذا الوزير ان الشعب فعل ذلك عن جهل وهو الان يريد ان ينوره؟ الجميع يدرك ان تحقيق السلام يحتاج الى استعداد للقتال اما استجدائه من اعداء اقويا فلن يحقق غير مزيد من النكبات وضياع الانسان قبل المقدسات. وكما يقول ابو القاسم الشابي “لا عدل الا اذا تعادلت القوى… وتصادم الارهاب بالارهاب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *