نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. ماذا بعد إقرار برنامج الحكومة؟ 

  تاريخ النشر :١٨ فبراير ٢٠١٥ 

 بقلم: د. محمد عيسى الكويتي 

اهم القضايا التي فرط فيها النواب هي التعليم والتنمية والديمقراطية

http://www.akhbar-alkhaleej.com/13480/article/7518.html

تم تغيير بعض فقراته

 تم إقرار البرنامج من قبل المجلس مع بعض التعديلات على البرنامج الأساسي، تلخصت في الجانب الخدمي والمعيشي والإسكان سواء في توفير الخدمات الاسكانية أو في تحديد مستحقيها. غير ان المهم في القضية هي ان إمكانية رفع مستوى المعيشة واستدامة جودة الخدمات يعتمد على أمور أخرى وردت في البرنامج ولم يعرها المجلس الاهتمام الكافي استنادا على ما نشر. وبذلك يكون المجلس لم يعمل على ترسيخ أعراف تمكن المجلس من ادخال إصلاحات أكثر استدامة تتعلق بثلاث قضايا مهمة وهي التعليم وتنويع مصادر الدخل والتطوير الديمقراطي، وإمكانية فرض تغيير في توجهات هذه القضايا المهمة.

 في مقابلة يقول رئيس اللجنة النيابية لدراسة برنامج الحكومة النائب علي العرادي ان «المجلس لم يعد بيتا مغلقا للرقابة والتشريع والأمور السياسية فقط» وإنما يجب ان «يحس بنبض الشارع بشكل مباشر» والتصرف وفق ذلك. لذلك نرى ان على المجلس ان يدرك ان نبض الشارع ومطالبته بزيادة الرواتب وتحسين مستوى المعيشة لها ترجمة سياسية وهي توفير مقومات التنمية لكي يتمكن الاقتصاد من تحمل أعباء رفع الرواتب وتحسين مستوى المعيشة. هذه عملية سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية متكاملة تتطلب من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية التركيز على مرتكزات التنمية وهي: اولا قضية التعليم والتي تعتبر اهم مقومات التنمية ورفع مستوى المعيشة، والقضية الثانية هي تنويع مصادر الدخل لمواجهة عدم الاستقرار النفطي. والقضية الثالثة المكملة لهما والمهمة في تطوير التعليم وجهود التنمية هي تطوير العملية الديمقراطية وإقامة الدولة المدنية الحديثة وما يترتب على ذلك من علاقات بين السلطات من رقابة فاعلة واحترام حقوق الانسان وضمان توزيع عادل للثروة الناتجة عن التنمية وكذلك مشاركة في الثروة الموجودة حاليا.

 هذه الحالات الثلاث قد تخضع لتجاذبات سياسية، وتصورات قيمية ولكن في النهاية لا بد من مناقشتها ووضع المعايير المناسبة لها وخطط تنميتها. والسؤال هو كيف سيقيم المجلس عمل الحكومة ويطمئن بأن البرنامج سيحقق تقدما في هذه الجوانب الأساسية الثلاثة من برنامج الحكومة وبالتالي تحقيق التنمية؟ 

 بالنسبة للتعليم فإن برنامج الحكومة يركز على عدة عناوين أهمها تطوير المناهج الدراسية وطرائق التعليم، والسؤال إلى أي مدى يتسق ذلك مع متطلبات استراتيجية التعليم العالي؟ في الربع الأخير من العام الماضي صدرت استراتيجية للتعليم العالي (2014-2018)، أي قبل صدور برنامج الحكومة. تفترض هذه الاستراتيجية خريجين من الثانوي على قدر كبير من الكفاءة والقدرة. لكن برنامج الحكومة لا يضمن تحسينا في جودة ونوعية الخريجين، ومازال امامنا الكلام الذي صدر من وزارة التربية والتعليم منذ عقدين من الزمن. حيث مازالت العقلية السائدة تعتمد الكم وتحتفي «بعدد المتفوقين». 

 إن تحقيق أهداف ومتطلبات التعليم العالي يتطلب من وزارة التربية والتعليم ان تعيد النظر في فلسفتها للتعليم ونهجها في ممارسة عملية التعلم في جميع مراحله والتركيز على الجوهر، (استنادا على تقارير جودة التعليم) ولا نعتقد ان مجرد صدور البرنامج الحكومي سوف يغير ذلك، إذ لا بد من تطوير استراتيجيات التربية والتعليم 

 القضية الثانية التي تحتاج إلى متابعة من النواب هي «تنويع مصادر الدخل» التي يجب ان تأخذ أولوية قصوى من الجميع. فمثلا في المحور الاقتصادي يتطرق البرنامج إلى هدف تنويع مصادر الدخل ونحن في انتظار كيفية ترجمة ذلك على ارض الواقع. فمثلا في افتتاح الدورة الثالثة للقمة الحكومية بدبي بعنوان «استشراف حكومات المستقبل» المنعقدة في دبي، يقول سمو الشيخ محمد بن زايد ان «دبي تخطط لخمسين سنة مقبلة لبناء اقتصاد متنوع ومتين»، ويواصل بأنه «بعد خمسين سنة لن يكون هناك نفط أو غاز وأن عمر النفط في المنطقة لا يتجاوز خمسين سنة. كذلك سنواجه تحدي نضوب المياه، وعزاؤنا هو اننا من اليوم نعمل للاستعداد لذلك المصير». هذا بالنسبة للإمارات التي لديها من المخزون النفطي ما لديها، فماذا عن استعدادنا لهذا اليوم؟ 

 هنا تأتي ضرورة تنويع مصادر الدخل وأهمية التعامل معه بجدية وعزيمة ومتابعة تعكس مستوى التحديات والمخاطر. ما ورد في البرنامج حول هذا الموضوع ينتظر مبادرات تترجم الكلام إلى واقع. ولكي يطمئن المواطن والمختص لا بد من وضع خطط جدية ومتكاملة تهيئ الكوادر والبنى التحتية المعرفية وتفسح المجال الفكري للإبداع، ورصد ميزانيات تعكس التعاون بين القطاع الخاص والعام.

 القضية الثالثة والمكملة لمنظومة التنمية هي تطوير الحياة الديمقراطية وتوسيع مجالات الحرية والحقوق وصولا إلى الدولة المدنية الحديثة. هذا الجانب لا يقل أهمية عن التعليم وتنويع مصادر الدخل في تحقيق التنمية، لأنها تحقق الاستقرار وتحرر طاقة الانسان الإبداعية من جانب وتفسح المجال للتقييم المجتمعي السليم والحر لعمل الحكومة في تنفيذ برنامجها، كما تتيح متابعة أداء النواب الرقابي ووضع القاعدة التشريعية لها. بالإضافة إلى ذلك فإن تطوير الديمقراطية والانفتاح والشفافية لها تأثير كبير على الحد من الفساد وهدر المال العام الذي تعتبره معظم الهيئات الأممية على انه العدو الأول للتنمية، وبدون الانفتاح والشفافية وحرية التعبير والنشر فإن البحث العلمي الجاد يصبح غير ممكن وتتعثر جهود التنمية. 

 لذلك فإن هذه القضايا الثلاث مهمة وأساسية ويجب ان ينظر اليها على انها منظومة واحدة لا يغني التطور في أحدها عن الآخر، كما ان التقدم في هذه الجوانب الثلاثة يعكس مدى الجدية في التنمية واعتبار المواطن هو الهدف.mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *