- ماذا بعد افتتاح الدورة النهائية للمجلس النيابي الحالي؟
بقلم: د. محمد عيسى الكويتي
الأربعاء ١٨ أكتوبر ٢٠١٧ – 01:30
http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1093358
في يوم الأحد الموافق 8 اكتوبر2017 تفضل جلالة الملك بافتتاح مجلسي النواب والشورى في دورتهما الرابعة والأخيرة من الفصل التشريعي الرابع. حدد جلالته في خطابه أربعة عناصر لسير العمل بشكل فعال في المجلس ولتتحقق الغاية من إنشاء المجلس وهي العدالة والمساواة والتنمية القائمة على المواطن. هذه الغاية لا تتحقق إلا من خلال ما أورده جلالة الملك من قواعد الدولة المدنية وهي حكم القانون والمؤسسات والفصل بين السلطات وتكريس المشاركة الشعبية في صنع القرار.
هنا نريد ان نقف عند هذا المبدأ الأخير وهو تكريس المشاركة الشعبية في صنع القرار نظرا إلى أهميته للمرحلة المقبلة، ونتساءل كيف حاول المجلس في المراحل السابقة تحقيق هذا المبدأ؟ وهل أوجد آليات لهذه الغاية؟ علما بأن هذا المبدأ يؤثر في المبادئ الأخرى التي بينها جلالته.
مرت على البحرين أحداث جسام وتمر البلد اليوم بنتائج انخفاض أسعار النفط وتحتاج إلى معالجات جذرية في أسس وبنية الاقتصاد وبحث القضايا الملحة التي تهم المواطن وأهمها التنمية الاقتصادية وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد وموضوع الرسوم والضرائب التي أصبحت على الأبواب. فأين يقف المجلس من كل ذلك وكيف حاول إشراك المجتمع في مناقشة المعوقات والحلول؟ وسوف نركز على ثلاث قضايا من الخطاب السامي.
أولا: بين جلالة الملك ضرورة وجود رؤية واضحة المعالم للخروج من الأزمات وخصوصا ما يتعرض له الخليج بشكل خاص من انخفاض أسعار النفط والتي سوف تؤثر على مجرى حياة غالبية المجتمعات.
البحرين وضعت رؤية اقتصادية في 2008 والى الآن يبدو أن آليات تنفيذها لم توفق لكي تؤثر في الحياة الاقتصادية. فمازال الاقتصاد يقوم على النفط بشكل كبير وحتى التنوع الموجود يعتمد على النفط والإنفاق الحكومي. طوال هذه الفترة لم يقم مجلس النواب بمناقشة ذلك بشكل شامل ولم يساهم في تقييم هذه الرؤية أو إضافة قنوات وآليات تجددها وتجعلها اكثر مواكبة للمتغيرات.
تقدمت مؤخرا النائبة رؤى الحايكي رئيسة لجنة شؤون المرأة والطفل بمجلس النواب بمقترح برغبة بشأن «زيادة فاعلية أجهزة الإعلام المختلفة والصحافة المحلية لتحفيز المواطنين على المشاركة المستمرة والفعالة في تنفيذ رؤية البحرين 2030 الاقتصادية وكشف السلبيات التي تعوق تنفيذ الرؤية من خلال النقاش الموضوعي». ما نوع المشاركة التي تدعو المواطن إلى القيام بها؟ وحبذا لو تفصح عن الخطوات التي تريد المواطن ان يقوم بها؟ ولماذا لا يبادر مجلس النواب نفسه بمطالبة الجهات المسؤولة بوضع آليات واقعية وخطوات عملية وبرامج لتنفيذ هذه الرؤية. والأهم هل مازالت الرؤية هذه صالحة بعد التغييرات التي جرت على أسعار النفط وعلى الحياة الاقتصادية والسياسية في المنطقة؟ من سيناقش هذه الأسئلة ويتأكد من أن الرؤية تمر بعملية تكييف وتعديل تواكب ما تفرضه الظروف التي تمر بها المنطقة؟
ثانيا: تحدث جلالته عن أهمية قيم «العدالة والتنافسية والاستدامة وصولا إلى الريادة في الأداء والإنجاز». والآن يقع على عاتق الحكومة ومجلس النواب طرح الأسئلة الهامة لتفعيل ما ورد في الخطاب. فبعد 10 سنوات من إطلاق الرؤية ينبغي على مجلس التنمية الاقتصادية ومجلسي النواب والشورى الإجابة عن التساؤلات التي تطرح في المجتمع مثل: أين وصلنا في هذه المبادئ وما هي المعايير التي استخدمت لتقييمها؟ فهل المشكلة في الرؤية أم في التنفيذ أم في الأجهزة والمؤسسات القائمة على الاقتصاد أم في الهيئات والمؤسسات المساندة، أم في الثقافة السائدة في التعيينات والتوظيف؟ كذلك نسأل مجلس التنمية هل سياسة جذب الاستثمارات وبناء البيئة الاستثمارية حققت نتائجها؟ ولماذا لايزال كبار رجال الأعمال وصغارهم يشكون من الوضع الاقتصادي؟ يرى النائب عيسى الكوهجي ضرورة تطوير التشريعات والقوانين المنظمة للقطاع الاقتصادي في مملكة البحرين والداعمة لجذب الاستثمار، مشيرًا إلى أن ما يواجه الاقتصاد العالمي من أزمات وتحديات يستدعي مواجهتها عبر سن التشريعات التي تشجع الاستثمار وتمنح الثقة والاطمئنان للمستثمرين ورجال الأعمال من خلال منظومة متكاملة تخلق بيئة تشريعية توفر الحماية الكاملة للاستثمارات من المخاطر والأزمات التي تحدق بها. ويبقى السؤال لماذا لم يتحقق ذلك بعد مرور عشر سنوات؟
ثالثا: وختاما تحدث جلالته عن المواطن وضرورة جعله مركز الاهتمام وغاية التنمية وناشد جلالته الجهات المعنية الاستمرار في تطوير البرامج الخاصة بتنمية مواردنا البشرية وتأهيلها للاندماج في سوق العمل والإسهام في البناء الوطني. هذا يعني من ضمن ما يعنيه تطوير التعليم بما يتناسب مع متطلبات التنمية. بالرغم من أهمية هذا المبدأ والغاية المهمة من خلفه مازلنا نجهل أسباب عدم مواءمة مخرجات التعليم لمتطلبات السوق، ومازالت النسبة الأكبر من فرص العمل تشغلها عمالة أجنبية ومناصب عليا تحظى بها كفاءات أجنبية، ينبغي مناقشة ذلك ووضع الحلول المناسبة له.
لذلك نرى أن ما طرحه جلالة الملك من قضايا في خطابه السامي، وما تفرضه الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وما قد ينتج عنها من ضرورة فرض ضرائب ورسوم لمعالجة العجز في الميزانية والدين العام، كل ذلك يحتاج إلى جهد مجتمعي فعال يطرح الأسئلة الصعبة ويناقش بعمق المعوقات ويضع العلاجات التي تحقق للبلد وللمواطن الحياة التي يعد بها جلالة الملك.
في هذا السياق فإننا نناشد مجلس النواب أن ينظم حلقات حوارية تطرح وتناقش هذه الأسئلة وغيرها. والمناشدة تشمل كذلك الحكومة وغرفة التجارة ومنظمات المجتمع المدني وعلى رأسها الجمعيات السياسية والصحافة. ينبغي ان يساهم الجميع بشكل أو بآخر في الحوار المجتمعي الذي نتمنى من مجلس النواب إطلاقه من قبة البرلمان لمعالجة قضايا التنمية والسعي لإيجاد حلول تشاركية ترتقي إلى مستوى التحديات وتقود نحو تحقيق الرؤية الاقتصادية وتطلعات المجتمع البحريني وطموح جلالة الملك.