نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. ماذا بعد الانتخابات؟

تاريخ النشر : 5 سبتمبر  2010 

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

انتهت الانتخابات وافرزت واقعا جديدا بملامح لم تكن متوقعة لدى الكثير من الناس الذين رأوا في الجمعيات الاسلامية ورقة عصية تستمد قوتها من تاريخها في العمل الخيري والدعم الرسمي. افرز هذا الواقع صعود المستقلين باعداد كبيرة مع تقدم طفيف في حجم كتلة الوفاق وانحسار جمعية الاصالة والمنبر واستبعاد الحركات الليرالية والديموقراطية عن الساحة البرلمانية. في الاجواء التي سبقت الانتخابات كانت هناك وجهات نظر مختلفة حولها متاثرة باداء المجلس في دورتيه، فحكم عليه المجتمع بانه لم يقدم شيئأ يذكر. ومع ادراك الجميع بان المجلس محكوم بدستور ولوائح داخلية تحد من ادائه وقدرته غير ان الناخب كان له رأي اخر فعاقب الجمعيات على شعوره بالاحباط نتيجة عدم احساسه باي تغير يذكر في وضعه المعيشي. كما ان سلوك الجمعيات الدينية في التصعيد الطائفي لم يساهم في رفع التهمة عنهم.

نتج عن ذلك رفض المجتمع للجمعيات الدينية السنية ووصول عدد كبير من المستقلين تحت مسمى الاقتصاديين. هذا العدد من المستقلين يمثل تراجع في العملية البرلمانية لان القدرة على تمثيل المواطن ومصالحه اكبر في التنظيمات الكبيرة التي لها قواعد تساهم معها في نصرة قضايا معيشية وحقوقية، كما انها تمثل مستودع خبرة وقدرة لوجستية ودعم في المساءلة والتحري والرقابة، فكيف سيعالج المستقلون هذا القصور؟ ان انشاء تكتل من المستقلين تحت اي تسمية يحتاج الى دعم مؤسسي واعوان تعمل خلف الكواليس لدعم عضو المجلس، فهل ستقوم غرفة التجارة بهذا الدور؟ وهل بمقدورها ان تكون عاملا مساعدا في المساءلة وفي تمثيل المجتمع ككل؟ ام ان مصالحها التجارية ستحول دون ذلك؟ 

لذلك فان ماحدث من رفض للجمعيات الاسلامية يطرح السؤال هل ماقام به الناخب موجها فقط نحو الجمعيات ام انه احباط عام بسبب ضعف اداء المجلس النيابي والبلدي. من تحليل ما نشر حول الانتخابات وما اثير في المجالس والحملات الانتخابية يتضح ان الناخب كان يتوقع الكثير من المجلس النيابي، فهو يتوقع تحسين المستوى المعيشي من رفع مستوى الرواتب وتوفير السكن وتحسين التعليم والصحة وتوفير فرص عمل والى اخر القائمة من المتطلبات المشروعة للمواطن. والتاجر يتوقع من المجلس المساهمة في مواجهة تداعيات الازمة المالية وتنويع مصادر الدخل وتهيئة الظروف التي تمكن القطاع الخاص من ممارسة دروه في تحريك عجلة النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل. فلم يتمكمن المجلس من تلبية هذه المتطلبات ولا نرى تحول في المجتمع يوحي بثقة بان المجلس سوف يقوم بذلك في الدوة القادمة.

اما الان وقد انجلى وطيس المعركة الانتخابية فماذا سيكون وضع المجلس في الاربع سنوات القادمة؟ وهل سيتمكن المجلس، بصلاحياته التشريعية والرقابية المتاحة، من تحقيق ماهو متوقع منه؟ ام اننا سنواجه احباطا مماثلا بعد اربع سنوات يكون ضحيته المستقلين؟ 

بالنظر الى خطاب جلالة الملك ولقاء سمو رئيس الوزراء مع الصحافة يتضح ان هناك قضايا هامة ركز عليها جلالته وهي التنمية والامن وتعزيز الديموقراطية، ويتضح نفس الاهتمام من تحليل عشرات المقالات التي كتبت في هذا الصدد. وربط هذه الثلاث قضايا هو في غاية الاهمية ويتوافق مع تطلعات القيادة والتجار والمجتمع، فالتنمية تحتاج الى الامن والديموقراطية. 

ذكرنا اعلاه بان احد اسباب فشل الجمعيات الاسلامية في الانتخابات هو الاحباط الذي اصاب المواطن لتحسين مستوى معيشته، لكن تحسين مستوى المعيشة هذا يحتاج الى تخصيص الموارد الكافية وحسن ادارتها، كما يحتاج الى ضمان وصول خيرات التنمية الى المواطن. ويؤكد جلالة الملك اهمية ذلك في خطابه الى سمو رئيس الوزراء بقوله “ان تضع الحكومة خطط متكاملة للتنمية الحضرية بمختلف ابعادها البشرية والاقتصادية وفق برنامج علمي مدروس ياخذ بعين الاعتبار التوزيع العادل لمكاسب التنمية” (اخبار الخليج 11910). اما الحاصل الان وبحسب ماجاء في تقرير الراصد الاجتماعي 2010، فان هذه النتائج تزيد الثري ثراء وتزيد الفقير فقرا وتقلص الطبقة الوسطى. ان تحقيق ما يتطلع اليه جلالة الملك والمجتمع من عدالة التوزيع يتطلب المشاركة الجادة من مجلس النواب والسلطة التنفيذية والمجتمع بجميع مؤسساته في مناقشة جوانب القصور ووضع الاستراتيجيات الكفيلة بتصحيح الخلل. من هذا المنطلق نجد ان تعزيز الديموقراطية هو اهم ضمان لوصول خيرات التنمية الى المواطن العادي. وقد يكون من اهم الخطوات لتعزيز الديموقراطية هو التفكير في القوانين التي تهيئ البيئة الملائمة. لذلك لذا نقترح البدء باقرار قانون حق الحصول على المعلومات الذي من شأنه ان يساهم في متابعة التطور في خطوات التنمية. ثانيا اقرار قانون الصحافة المستنير بتعديلات تسمح برفع سقف حرية التعبير في صالح قدرة المجتمع على المساءلة والمناقشة وتشخيص المعوقات. وبعد ذلك فقط يمكن تدارس قضايا التنمية والديموقراطية بعمق للوصول الى الخطوات العملية لتعزيز الديموقراطية والمساهمة في رفع المشاركة المجتمعية في صنع القرار الذي يضمن وصول خيرات التنمية الى المواطن.

اما الامن الذي تحتاجه التنمية والديموقراطية فانه يتحقق من الخطوات التي ستخطوها الديموقراطية والوحدة الوطنية التي نادى بها جلالة الملك، ودعى الدكتور علي فخرو لوضع مشروع وطني لها. فعلى النواب المحافظة عليها بالترفع عن المهاترات الطائفية التي تميز بها المجلس في الفترة السابقة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *