نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. ماذا نعني بجودة التعليم والتدريب؟

تاريخ النشر : 19 يوليو  2009

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

ركزت الصحافة على تقارير هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب على تقارير الجامعات وقرارات المجلس الاعلى للتعليم ولم يحصل تقييم المدارس على حظه من النقاش بالرغم من اهمته. وسوف نحاول في هذا المقال فهم ما تهدف اليه تقارير تقييم المدارس وهل هذا التقييم سوف يحقق الارتقاء بالتعليم ؟ وفي هذا الصدد نطرح التساؤل البديهي وهو ماذا نعني بجودة التعليم والتدريب؟ وماهو تعريفنا للجودة ومتى ستتحقق من جراء تطبيق مبادرات اصلاح التعليم وجهود هيئة الجودة؟

التقارير المنشورة مقتضبة الى حد كبير يصعب من خلالها الخروج بنتيجة عادلة حول شموليتها وقدرتها على تحفيز التعليم في الاتجاه الذي تتطلبه استحقاقات التنمية. تظهر هذه التقارير ان عملية التقييم تتم بناء على ثمانية معايير وهي فعالية المدرسة بوجه عام، قدرة المدرسة الاستيعابية على التحسن، انجازات الطلبة في التحصيل الاكاديمي، تقدم الطلبة في تطورهم الشخصي، فعالية وجودة عمليتي التعليم والتعلم، جودة برامج تعزيز المنهج وطريقة تقديمه ، جودة مساندة الطلبة وارشادهم، فعالية وجودة اداء القيادة والادارة. من اهم الايجابيات التي ستتحقق من اصدار هذه التقارير وجعلها متاحة لجميع المدارس هو تحفيز المدارس على التناقس للوصول الى مستويات اعلى واظهار جوانب قصور تعمل المدارس على تلافيها. 

اتضح من التقييم نقاط ضعف في المنظومة التعليمية منها ان المراحل لا تهيئ التلاميذ للمرحلة التي تليها، فتلاميذ الابتدائي غير مهيئين للاعدادي وكذلك الاعدادي غير مهيئ للثانوي. كذلك اظهر التقرير نوع من التناقض في جوانب التقييم، فيقول احد التقارير بان ادارة المدرسة مرضية ولكن النتائج في جميع جوانب التقييم غير ملاءمة. قد يكون التفسير هو ان مسئولية النتائج تتحملها الوزارة وليس ادارة المدرسة، فهل هذا هو المقصود؟ كذلك اتضح في احدى المدارس ان المدرسين يعتمدون الاسلوب التقليدي في التدريس والمعتمد على التلقين وبالرغم من ذلك فان المدرسة تحصل على تقدير ممتاز في معيارين وجيد في باقي المعايير. لذلك فان قراءة التقرير لا توحي بان المدرسة التي تحصل على ترتيب ممتاز سوف تُخَرِّج طلبة على مستوى مقبول من القدرة الابتكارية والنقدية والابداعية والاستقلالية في التفكير والاستنباط والقدرة على استخدام المعرفة. 

هذا يطرح وبشدة السؤال الاساسي وهو هل سيتمكن هذا التقييم من الارتقاء بالتعليم ليلبي طموحات ومتطلبات التنمية؟ بعبارة اخرى ماهو المستوى الذي نريد ان نصل اليه من خلال هذا التقييم ومشاريع اصلاح التعليم الاخرى، وماهو الاطار الزمني لذلك؟ الاجابة على هذه الاسئلة تتطلب التوافق على مواصفات وخصائص الطالب الذي نسعى الى تخريجه لسوق العمل وللدراسات العليا. ان عملية ضمان الجودة في الصناعة والخدمات تبدأ اساسا من تحديد مواصفات المنتج التي يريدها الزبون (المجتمع) ومن ثم استخدام وسائل وادوات الجودة لضمان ايجاد هذه المواصفات في المنتج. وفي غياب مثل هذه المواصفات وتعريفها تعريفا واضحا فان نظام الجودة يكون قاصرا وغير مكتمل العناصر. 

الامر الاخر المطلوب للاجابة على السؤال هو تحديد مواصفات المتغيرات الاخرى المؤثرة على جودة التعليم ومستواه مثل المدرس، والمدرسة، والمنهج وسياسات التعليم وانظمتها، ونوعية التفاعل المطلوب بينها لتخريج طالب فاعل في المجتمع يستطيع ان يساهم في التنمية. فما هي مواصفات هذه المتغيرات، وماهي المتطلبات بعد كل مرحلة من مراحل التعليم؟  في مقال للدكتور ناصر المعلم يصف فيه حالة التعليم في العالم العربي يضع عدد من المتطلبات او المواصفات التي نتوقع ان يوجدها التعليم في الطالب فيقول “ان التعليم يجب ان يرتبط بالواقع ويُعد الطالب لمتطلبات المجتمع العملية ومتطلبات التنمية من خلال برامج يفترض ان يعطي الاولولوية للمحتوى التقني والعملي ويحفز التفكير الابداعي المستقل والنقد والتحليل والتعلم الذاتي واكتشاف الجديد” (اخبار الخليج 15 يوليو 2009). فهل تتفق وزارة التربية والتعليم على هذا التوصيف للطالب وهل التقييم سيترجم هذا التوصيف الى معايير تتابع تطور الطالب عبرمراحل التعليم المختلفة؟

الاجابة على هذا السؤال يتطلب التدقيق في المعايير المستخدمة في التقييم. وبالنظر الى ماهو منشور  يتبين انها لا تشمل عامل هام من عوامل جودة التعليم وهو المناهج، حيث يشير المعيار الى تعزيز المنهج وطريقة تقديمه، وهذا لا يشمل تقييم المنهج نفسه. فهل هذا خارج عن نطاق عمل الهيئة؟ وان كان كذلك فكيف تضمن جودة التعليم؟ كذلك بالنظر الى المعايير نجد انها تقتصر على دور المدارس ولا تشمل دور الوزارة في العملية التعليمية وبذلك فهي تضع مسئولية تطوير التعليم على المدارس والمدرسين والتلاميذ دون اي اشارة لدورالوزارة وانظمتها الادارية وسياساتها وميزانيتها في نطاق التقييم مما يجعل العملية قاصرة ونخشى ان لا تؤدي الى جودة في التعليم بقدر ماهي تطوير للمدارس فقط. ان الطالب هو نتاج العملية التعليمية برمتها من الوزارة واداراتها الى المدارس والمدرسين وغيرها من عناصر التعليم والتدريب. وبالتالي فان الاجتزاء لن يكون مجديا في تحقيق التنافسية المنشودة. 

يقودنا ذلك الى القول بان اكمال عملية تقييم التعليم لتحقيق اهداف التنمية يفرض على مجلس النواب خطوة هامة وهي وضع تشريع يفرض على الحكومة والوزارات بشكل عام تقديم برنامج باهداف محددة ضمن الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم وعناصر التنمية الاخرى وان تنشر هذه الاستراتيجية وتناقش على مستوى مجلس النواب والمجتمع لمعرفة الاهداف والاطار الزمني لكل منها وكيفية تقييمها يما في ذلك اهداف التعليم والتدريب وكيفية تحقيقها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *