- متفائلون برياح التغيير مع جلالة الملك!
تاريخ النشر :23 ابريل 2011
بقلم: د. محمد عيسى الكويتي
تحتل الشئون الاقتصادية محل الصدارة من اهتمام القيادة ورؤساء الشركات والمواطن العادي على حد سواء لما لها من اهمية في تجويد حياة المواطن وتحقيق الاستقرار والامن في البلاد. ففي مقال جلالة الملك الذي نشر في واشنطون تايمز(19 ابريل) اكد جلالته على ثلاث مبادئ اساسية لتحقيق الرخاء والتنمية وهي المشاركة السياسية والعدالة والحرية، كما اعتبر جلالته ان الانقسام الطائفي من أهم التحديات التي يواجهها المجتمع في بناء نهضته. فيعبر جلالتة في المقال عن المشاركة السياسية بقوله “ان المطالب المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية لجميع البحرينيين تعتبر مشروعة ولذا عرضنا إجراء الحوار”. اما فيما يتعلق بالحرية فانه يشير اليه في قوله “ندرك جميعا أن الوقت قد حان لتحقيق توازن بين الاستقرار والإصلاح التدريجي والالتزام بالقيم العالمية لحقوق الإنسان وحرية التعبير والتسامح الديني” وتتجلي قيمة العدالة في اهمية التوازن بين الاستقرار والاصلاح وفي التسامح الديني وفي “الالتزام بالقيم العالمية لحقوق الانسان” وحسن توزيع الثروة.
ان الثلاث مبادئ التي وردت في مقال جلالتة ليست مطالب نظرية او ترف من أجل الديمقراطية لذاتها، بل انها تقع في صلب العملية التنموية وشرط أساسي من شروط نجاح التنمية الاقتصادية والبشرية وعماد الامن والاستقرار. فالمشاركة السياسية والاقتصادية والشفافية في القرارات وتوفر المعلومات المعتمده تجعل المواطن شريكا مسئولا في وضع الحلول وتقديم المقترحات، وتجعله شريكا في مسيرة الاصلاح. تتجلى هذه المشاركة اولا من خلال الحوار المجتمعي، وثانيا من خلال برلمان له كامل الصلاحيات والتمثيل، وثالثا من خلال مؤسسات المجتمع المدني التي تساهم في خلق النهضة وصنع المستقبل.
ان المشاركة السياسية هي صمام الامان الذي يوفر الفرصة للمواطن ليشعر بمواطنيته ووطنيته وولائه. هذه المشاركة مهمة للمواطن والعامل والصانع والمدير والتاجر. فقد ذكرتها الغرفة التجارية في تعليقها على خطة الحكومة الاقتصادية في عام 2003 (5 اغسطس) حيث “أكدت أهمية العمل على إشراك الغرفة في وضع مشروعات القوانين والقرارات ذات العلاقة بالنشاط الاقتصادي”. وأكدها الدكتور عصام فخرو، رئيس الغرفة الحالي، في دعوته الى اهمية المشاركة في القرار الاقتصادي بقوله “إن جميع أبناء البحرين مدعوون إلى المشاركة في صناعة مستقبل مملكتنا العزيزة عبر المشاركة الوطنية الفعلية في الحوار الوطني، فالخاسر الأكبر من وراء توتر الأمور واستمرارها على الوتيرة الحالية هو الوطن الذي لا يقبل القسمة على اثنين. فهو للجميع بكل طوائفه وفئاته” (اخبار الخليج 7 مارس الماضي). وقد ادركها جلالة الملك ونحن على يقين بانه سيعمل من أجل تجسيدها فيما ياتي من إصلاحات تقوم على المبادئ الثلاثة ليعم الخير للجميع.
واذا كان بالمشاركة السياسية يمكن ان نضع البرنامج الذي يحقق التنمية ويحقق التطوير والرخاء. فان نجاح البرامج يحتاج الى مراقبة ومتابعة وتصويب وحماية وهذا لا يتم الا من خلال المبدء الثاني الوارد في مقالة جلالة الملك وهو الالتزام “بحرية التعبير والتسامح الديني”. فحرية التعبير سواء كان عن طريق الصحافة او مؤسسات المجتمع المدني هي صمام الامان لسلامة السياسات وتقويمها. فحرية الرأي تساهم في تفعيل الرقابة المجتمعية القادرة على المحاسبة لحماية المكتسبات والانجازات من الفساد، وبدونها يبقى الاصلاح مهددا بالانحراف. والمبدء الثالث في المعادلة الاصلاحية هو العدالة الاجتماعية التي تجعل ثمار التنمية تصل الى المواطن وتُحدِث التغيير المنشود في مستوى معيشته. فعدالة توزيع الثروة يُعبر عنها جلالته في “تحقيق الشفافية في الشؤون الاقتصادية” وفي حسن ادارة الثروات الوطنية.
فاشارة جلالته الى ضرورة واهمية التوازن بين التنمية الاقتصادية وبين الاستقرار والامن ومفاهيم الديمقراطية من حرية وعدالة ومشاركة سياسية مهم من ناحيتين، الاولى انه يشكل منظومة تتكامل في ابعادها الثلاثة (التنمية والديمقراطية والامن) وثانيا هي مهمة من حيث انها تحتاج الى خلق مناخ ملائم من الوئام واللحمة الوطنية وأول خطواته هي التسامح الديني ومحاربة الانقسام الطائفي. ان انجرار المجتمع، بقيادة البعض، نحو التأجيج الطائفي ونشر الشائعات هو ما يجب محاربته اليوم لكي ننعم باستقرار وامن غدا. هناك بعض المبالغات في تصرفات قد تكون فردية ولكنها تؤثر على مستقبل الامن والاستقرار المستقبلي وتهدد اللحمة الوطنية ويجب ان نتداركها الان. وعلينا ان لا نندفع نحو اجراءات من شانها ان تغذي الاحقاد وتعمق الشرخ الطائفي الذي آلمنا جميعا واولنا جلالة الملك. هناك مسئولية كبيرة تقع على الدولة وعلى خطباء المساجد والمجتمع ككل في تخفيف الحس الطائفي والفصل بين المذهب وبين من اجرم او اساء الى الوطن وان نلتزم بما حذر منه جلالة الملك بان لا نأخذ الكل بجريرة البعض.
ونختم بما بدأ به جلالته بان “رياح التغيير التي تجتاح المنطقة واجتاحت شواطئ البحرين وتلقينا بكل حسن نية المطالب”، هذه الرياح لم تخلوا من الجوانب الايجابية المتمثلة في الحياة الحرة الكريمة والمواطنة الحقة من اجل مستقبل اكثر تفاؤلا للبحرين واكثر عزة وكرامة للامة العربية في كفاحها من أجل اشاعة العدالة في ربوعها والله ولي التوفيق.