نشر المحبة والتسامح وقبول الاختلاف
  1. متى يصبح البحريني الخيار الاول في سوق العمل؟

بقلم: د. محمد عيسى الكويتي

الأربعاء ٢٤ مايو ٢٠١٧ – 00:00

http://akhbar-alkhaleej.com/news/article/1074011

مقال اليوم – “كيف يصبح البحريني اولا في سوق العمل”- على مدى 15 سنة تتعامل الحكومة مع نفس القضايا دون وضع حلول لخلق فرص عمل مجزية للبحريني. الدور على المجتمع للضغط من اجل ايجاد الحلول.

يستشعر المجتمع مشكلة حقيقية في سوق العمل تتكون من عدة قضايا مترابطة بعضها ببعض تؤثر في نهايتها على حياة المواطن وقدرته على بناء حياته وتحقيق احلامه التي ظل يتغنى بها طوال مراحل الدارسة. يتجلى هذا الاستشعار في حراك مجتمعي متعدد التوجهات تمخض في الاسبوع الاول من مايو الحالي عن “مبادرة البحريني اولا” التي نظمها مجموعة من النشطاء بالتعاون مع جمعية الاجتماعيين وحضرها وزير العمل ومجموعة من المختصين والمهتمين. 

كانت المداخلة الرئيسية لسعادة وزير العمل السيد جميل حميدان. اورد الوزير في مداخلته عدد من القضايا تتعلق بفرص العمل للبحرينيين والمحافظة على معدل البطالة عند الحدود “الامنة (4%)”، وعدم التخلي عن سياسة البحرنة. 

فيما يتعلق بنظام البحرنة فان هذه السياسة كانت تعتمد على ضرورة توظيف نسبة من البحرينيين لكي يتم منح الشركة مزيد من الرخص لجلب عمالة اجنبية. الدلائل تشير الى ان الحكومة بصدد الاستغناء عمليا عن نظام البحرنة بعد ان تم منح الشركة حق استجلاب اي عدد من العمالة الاجنبية بمجرد دفع مبلغ 300 دينار لكل رخصة عمل اضافية. فما معنى ذلك وكيف يستقيم مع شعار البحرنة؟

بين الوزير بان الوزارة تعتمد على التدريب، وانه من البرامج التي يمكن ان تاتي بنتائج اذا ما تم وضع نظام شهادات تحدد مستوى المتدرب ومدى قدرته. واكد على ان ربط مخرجات التعليم والتدريب باحتياجات سوق العمل يمثل تحدي كبير لم تتمكن الوزارة من التغلب عليه بسبب صعوبة تحديد المستويات التي لا توجد لها معايير كما في الطب والهندسة مثلا. 

يرى المتداخلون الاخرون بان التدريب في البحرين يركز على التدريس اكثر من التدريب العملي من جهة ومن جهة اخرى فان التدريب ينبغي ان تقوم به الشركات الكبيرة بعد ان يتم توظيف البحريني كما كانت تفعل شركة بابكو في خمسينات القرن الماضي (برنتس) عندما وظفت اعداد كبيرة من المواطنين وتم تديبهم لمختلف التخصصات والمهن. هذا النوع من التدريب مفقود اليوم في البحرين. والشركات تصر على وجود المتدرب الناجز. هذا الاصرار اساسه توفر العمالة الاسيوية الرخيصة. توفر العمالة الرخيصة ليست مشكلة جديدة فقد بدأت منذ الطفرة النفطية واخذت تتفاقم الى ان بلغت اليوم هذا المستوى الخطير. 

في مقابلة صحفية لوزير العمل السابق الدكتور مجيد العلوي في شهر نوفمبر 2002 نشرت في الصحافة المحلية تحدث فيها عن ملفات “ساخنة” من بينها البطالة والفساد والعمالة الاجنبية وملف التدريب، والحد الادنى للاجور، وتاهيل العمالة الوطنية وملف العمالة السائبة وملف بحرنة الوظائف. وقال بضرورة بحرنة قطاع التجزئة رأي الوزير حينها انه من الضروري حسم هذه المشاكل التي لا تحتمل التسويف او التاجيل. والان وبالرغم من الدعوة لعدم التاجيل مازالت هذه الملفات معنا بعد 15 سنة، ومازالت مثار جدل ولم تلاقي الحلول الشافية. 

من الملاحظ ان الوزير العلوي في تلك المقابلت يشدد على اهمية تطبيق القانون على الجميع وكانه يستشعر بان هناك محابات ومحسوبيات تتخطى القانون. فمثلا يقول بان نظام البحرنة لو طبق على الجميع مع حد ادنى للرواتب للبحريني لتم معالجة المشكل. كما تحدث الوزير عن بحرنة 50% من قطاع التجزئة (معارض السيارات والاثاث والاجهزة المختلفة). فهل تخلت وزارة العمل عن البحرنة؟ لماذا لم تتمكن الوزارة من معالجة هذه الحالات والحالات المشابهة لها طوال هذه الفترة. لا بد من وجود اسباب مؤسسية وقوية تقف حائلا دون تحقيق ذلك. هذا مالم يتطرق له الوزير حميدان في ندوة “البحريني اولا”. 

وفي يناير عام 2011 نشرت الصحافة المحلية حديث مع عدد من رجال الاعمال وتمت مناقشة نفس القضايا تقريبا وتم طرح السؤال لماذا لا يكون البحريني هو الخيار المفضل. خلاصة تلك اللقاءات كانت ان تشخيص المرض في الدراسات والتطبيق الذي تقوم به وزارة العمل هو تشخيص خاطىء، وعلى حد تعبير احدهم “بان المريض بالسرطان لا يعطى ادوية للحمى فقط”، ويطالب بنقاش معمق لكي “نستطيع تشخيص الخلل حينها يمكن اصلاح سوق العمل”. الى الان لم يتم هذا النقاش المعمق ولم نصل الى علاج شاف.

لا نرى من حديث الوزير حميدان ما يبشر بوجود رؤية مختلفة او حلول جذرية للمشكلة. فمثلا يقول سعادته ان البحرين “تواجه تحديات وان الشركات تتحدث عن ضغط المصروفات وعن اهمية جذب الاستثمار وعن الحرية الاقتصادية وجعل السوق حر يختار من يشاء في التوظيف”. في مثل هذه الظروف كيف يستطيع المواطن كسب معركة المنافسة؟ فالرأي الرسمي هنا ليس فرض البحريني وانما ترك الاختيار للشركة لتوظيف المؤهل. والسؤال لماذا فشلنا في تأهيل البحريني؟

الان ماهي نتيجة هذا اللقاء وكيف سيستفاد من المناقشات التي دارت في معالجة مشكلة “البحريني اولا”؟ 

نرى انه من الضروري ان ياخذ المجتمع زمام المبادرة في ابقاء الزخم في المجتمع وطرح التساؤلات في محافل عدة. من هذا المنطلق اقامت جمعية جود حلقة حوارية نظمتها الجمعية بالتعاون مع ناشطين اخرين تهدف الى الاحاطة بمشكلة البطالة التي يعاني منها البحريني. فالعاطل يمثل قضية انسانية له ولعائلته وللمجتمع.

الان في ظل هذه الاوضاع ينبغي ان نطرح السؤال كيف يمكن ان نجعل البحريني منافسا حقيقيا في سوق العمل؟ وكيف نجعل الارض الذي يلعب عليها البحريني تميل في صالحه بدلا من كونها تميل بشدة في صالح الاجنبي الذي يقل راتبه عن البحريني. هل الحل في رفع كلفة الاجنبي ومن ثم نترك مجال المنافسة مفتوحا. ومن هذا الحوارات يجب الاصرار على طرح السؤال الثاني: اين النظرة الشاملة والاستراتيجية لمعالجة الوضع بشكل عام ليس فقط بالنسبة لتوظيف العاطل ولكن لخلق فرص عمل ذات نظرة مستقبلية تستوعب الاعداد الكبيرة التي تتخرج سنويا؟

mkuwaiti@batelco.com.bh

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *