مجلس التعاون الخليجي.. ماذا تحقق بعد 33 عاما ؟
تاريخ النشر :٤ يونيو ٢٠١٤
بقلم: د. محمد عيسى الكويتي
مقال الأسبوع- حكام مجلس التعاون انفسهم يرون بانه يسير سير السلحفاء، فكل ما تحقق هو عدد من الاجتماعات واللقاءات وفي المقابل زاد الخلاف وكثر الشقاق.
http://www.akhbar-alkhaleej.com/13221/article/26156.html
احتفلت دول مجلس التعاون الخليجي بمرور 33 عاما على قيام المجلس حدثخلالها الكثير من الأحداث الجسام والتطورات الكبيرة في المنطقة منذ الحربالإيرانية العراقية واجتياح الكويت وتحريرها وبعدها غزو العراق الذي أحالالمنطقة إلى بؤرة توتر طائفي مازالت تداعياته تؤثر في مسيرتنا السياسيةوالتنموية، أظهر خلالها المجتمع الخليجي درجة كبيرة من الوعي لأهمية الوحدةليس من منطلقات امنية بحتة ولكن على أسس تنموية وسياسية تمنح المواطنالخليجي القدرة على التمتع بخيرات بلاده والمساهمة في تطورها السياسيوالاقتصادي تقوم على المصالح المشتركة وما تفرضه جغرافية المنطقة علىالفرقاء.
أدركت قيادات المجلس أهمية العنصر الاقتصادي منذ البداية ووضعت الاتفاقيةالاقتصادية الموحدة في عام 1981 لتترجم بعض أهداف مجلس التعاون إلىواقع. من هذه الأهداف تحقيق التنسيق ومن ثم التكامل الاقتصادي، ووضعأنظمة متماثلة في المجالات الاقتصادية والتعليمية والتجارية، وثالثا دفع عجلةالتقدم العلمي والتقني في مجالات التصنيع وإنشاء مراكز بحوث علمية. والسؤال ماذا تحقق بعد مرور 33 سنة؟
كان من المفترض ان تتحقق متطلبات الاتفاقية الاقتصادية الموحدة في عام1985 وبعد عقدين من الزمن اقر المجلس باتفاقية اقتصادية جديدة في عام2001 بهدف الارتقاء بالعمل نحو التكامل بدلا من التنسيق. يرى المجلس انهذه الاتفاقية اكثر شمولية من اتفاقية 1981 وتركز على جوانب تلخصت فيالاتحاد الجمركي، العلاقات الاقتصادية مع الدول والمجموعات الأخرى، السوقالخليجية المشتركة والمواطنة الاقتصادية، الاتحاد النقدي والاقتصادي لتحسينالبيئة الاستثمارية في دول المجلس، والتكامل الإنمائي بما فيه التنميةالصناعية وتنمية النفط والغاز والموارد الطبيعية وحماية البيئة وتنمية المواردالبشرية. وتطوير القاعدة العلمية والبحث العلمي، كما تضمنت الاتفاقية آلياتالتنفيذ. نعاود السؤال ماذا تحقق؟
وفق البيان المعلن بهذه المناسبة فإن الإنجازات في المجال الاقتصادي تشملقدرة المجلس على التفاوض كمجموعة واحدة وحماية مصالح أعضائه، الحواراتالتي ينظمها المجلس مع الكتل المشابهة، الاجتماعات الدورية والمنتدياتالاقتصادية التي تعقدها على مستوى العالم، نظرة العالم لها على انها كتلةكبيرة قادرة على توفير فرص استثمارية متبادلة، التنسيق من خلال عقداجتماعات دورية بين مختلف الجهات في المجلس. ويعدد من ضمن الانجازاتعدد الاجتماعات التي عقدتها مختلف اللجان، ولا يفوت البيان ان يذكر الفوائدالتي ستعود على المواطن من جراء الوصول إلى العملة الموحدة والسوقالخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي. لا شك ان هذه إنجازات إجرائية، ولكنماذا تعني بالنسبة إلى المواطن الذي ينتظر تطوير بيئته الاقتصادية وتحسينمستواه المعيشي وخلق فرص عمل مجزية له متاحة في الدول الخليجية والقدرةعلى التنقل والعمل وصولا إلى المواطنة الكاملة؟ مازلنا بعيدين عن هذه الامنياتالتي صورتها قيادات المجلس للمواطن في بداية التشكيل. مازال الموطنيتساءل متى يشعر بهذه الإنجازات ويرى اثرها في حياته وفي معيشته وفيحقوقه السياسية والاقتصادية؟
بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي فإن اهم جوانب القوة في المجموعة الخليجيةهي ان انتاجها من النفط والغاز منحها نسبة نمو بمقدار 4% سنويا فيالمتوسط وناتجا قوميا يفوق واحدا ونصف تريليون دولار. يعود هذا النمو إلىالنفط وإلى الاستقرار النسبي في المنطقة. يصاحب هذا النجاح جوانب سلبيةابرزها تزايد العمالة الأجنبية في هذه الدول مما يشكل مشكلة ديمغرافيةومنافسة للعمالة المحلية والخلل التي تحدثه في ميزان المدفوعات بسببتحويلات الأموال إلى الخارج، وانخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي، فضلاعن تنامي ظاهرة البطالة (الظاهرة المقنعة) في العمالة المحلية.
إلى الآن لم يحقق الاتحاد طموحات الشعوب ولا تمنيات القيادات لعدة أسبابليس اقلها وجود مفاهيم وتقاليد وعادات عرقلت المسيرة نحو التوافقات المطلوبةوالتنازلات المرادة لتحقيق الاتحاد والتقارب. اهم هذه المفاهيم والاعتقادات هوفرضية ان النفط ابدي وليس قابلا للنفاد- الفرضية الثانية هو ان المجتمعالخليجي يختلف عن الشعوب الأخرى وان تقاليده وعاداته تتناسب مع أسلوبالنظام السياسي القائم ولا تؤثر في هذه العلاقة أي مصالح أو نزوات أوسلوكيات مهما خالفت مستويات العدالة المتوقعة، ثالثا فرضية الحاجة الغربيةإلى النفط تجعله يوفر حماية لمصالح دول الخليج وشعوبها ويلتزم بالدفاع عنها.
أضف إلى ذلك أن العلاقات بين دول المجلس تحكمها مفاهيم قبلية تقوم علىعلاقة العائلات الحاكمة بعضها ببعض وعلاقاتها بالمواطن، هذه العلاقاتتحكمها بروتوكولات وعادات وتقاليد تجعل التوصل إلى حلول للمشكلات أمر فيغاية الصعوبة بسبب الحاجة إلى إجماعهم على رأي. الإشكالية الأخرى تكمنفي فهم القيادات للسيادة الوطنية وعلاقتها بالتعاون أو الاتحاد، فهي إلى حدما تجد صعوبة في تقبل مبدأ التنازل عن جزء من هذه السيادة لمصلحةالاتحاد. هذه التحديات تمثل عقبات في بلوغ التكامل الاقتصادي الذي لا بد انيعتمد على تنويع مصادر الدخل وتحويل الاقتصاد إلى انتاجي تكاملي بدلامن الحالة الحالية من التشابه في الاقتصادات الخليجية المعتمدة على النفطوالتي تتفاقم بالنزعة التنافسية بين الدول الأعضاء والحساسية المفرطةللسيادة.
وفق بعض الدراسات ترى ان الحل يكمن في التحول من الاقتصاد الريعي ومايتطلبه من علاقات إلى اقتصاد انتاجي، فهل هذا ممكن في ظل النظامالسياسي الراهن، وهل نمتلك المقومات لذلك؟ هذا حديث آخر.